«يقدم بلاغات لأجهزة الأمن في خصومه».. اعترافات رجاء النقاش عن عباس العقاد
روى الكاتب الراحل رجاء النقاش، ذكرياته مع الأدباء الكبار وأسباب هجومهم عليه، ومن توطدت علاقته به.
وقال إن الأديب عباس العقاد هاجمه بعدما نُشر خبرا خاطئا في الباب الأدبي بالـ "الأخبار" الذي كان يحرره، ولم يكن هو الذي نشره فقد كان في رحلة في الجزائر، وترك مسئولية الباب لأحد الزملاء، فسرب أحدهم إليه خبرا يقول إن الأديب الألماني بريخت سيزور مصر قريبا رغم أنهم كانوا وقتها في عام 1963 وبريخت قد مات عام 1956.
ويعتقد رجاء النقاش حسبما يروي في ذكرياته التي نشرتها فريدة الشوباشي بجريدة "العربي" 2008، أن الذي سرب الخبر كان من الذين يحاربونه ويرونه أن يحتل موقعا صحفيا لا يستحقه، خاصة وأنه كان قد تولى تحرير ركن الأدب بعد خروج الكاتب الكبير أنيس منصور من "الأخبار" وكان هو المشرف على هذا الركن في الجريدة.
تحمل "النقاش" مسئولية نشر الخبر الخاطئ، يقول: "وانتهزها العقاد فرصة لمهاجمتي بقسوة شديدة وعنف، وكشفت للناس حقيقة الأمر، وهي أنني كنت غائبا عن عملي عند نشر هذا لخبر، وأظهرت للعقاد أنني لست مستعدا للصمت على أي إساءة يوجهها لي، وتمادى بعنف أشد".
رد "النقاش" على هجوم "العقاد" وكتب مقالا حادا عنوانه "ماذا يريد العقاد" ونشر المقال دون أن يراجعه مصطفى أمين، وفوجئ به منشورا على الصفحة الأخيرة من "الأخبار" وغضب غضبا شديدا، وهو ما اضطر "النقاش" إلى ترك الجريدة لينتقل إلى جريدة "الجمهورية" في أول عام 1964.
ولفت رجاء النقاش إلى أن هذه المعركة كانت في أغلب الظن آخر معارك عباس العقاد فقد رحل بعدها بأيام قليلة في مارس 1964، فكتب "النقاش" مقالا في جريدة "الجمهورية" بعنوان "محامي العباقرة" عبر فيه عن حبه وإعجابه له، ولام نفسه في المقال على عنفه ورد بهجوم شديد عليه، وبرر أن هذا الهجوم كان ردا على نفس الهجمة التي بدأها "العقاد" واستخدم فيها أساليب غير لائقة، قال: "فقد كانت كتاباته ضدي أشبه بمن يقول لأجهزة الأمن امسك يساري، أو على الأصح امسك شيوعي، وكل من كان يعارض العقاد في شيء كان يلقي عليه تهمة الشيوعية، وهو أمر لم يكن لائقا بهذا الكاتب العظيم، فما كان يجوز لرجل في مكانة العقاد وتاريخه أن يقدم بلاغات إلى أجهزة الأمن يدعو فيها إلى القبض على خصومه في الفكر والأدب".