بعد الجدل الدائر عبر السوشيال ميديا.. التاريخ السري للسرقات الأدبية للكتاب والشعراء
جدل كبير أثير خلال الساعات الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جانب بعض الكتاب والشعراء حول سرقة مؤلفاتهم الأدبية والروائية، فقد خرج مجموعة من الكتاب والشعراء بنشر مؤلفاتهم وأعمالهم التي سرقها البعض ما أثار غضبًا داخل الأوساط الثقافية، وخروج بعض رواد التواصل الاجتماعي بالدفاع عن المسروق منهم وتم إنشاء العديد من المجموعات للدفاع عن الأعمال الأدبية وحمايتها من السرقة.
لقد تنوعت الأعمال المسروقة بين رواية ونص مسرحي وصولاً إلى المقالات والشعر، وتعدّدت سُبل سرقتها، فمنهم من وجد في الترجمة عن الأعمال الأجنبية طريقاً وآخرون رأوا في التراث معيناً ينهلون منه نصوصاً من دون الإشارة إليها.
وحول هذه الواقعة "الدستور" يرصد عبر السطور التالية أشهر السرقات الأدبية التي حدثت على مر العصور، والتي تحدث عنها أصحابها بداية من العصر الجاهلى حتى الآن.
بداية السرقات الأدبية
بحسب ما ثبت في الأبحاث والدراسات العلمية، فإن في العصر الأموي عرف مصطلح السرقات الأدبية، وعرض لذلك الأصمعي، وذكر أن تسعة أعشار شعر الفرزدق كان مسروقا، وبعض شعر جرير، واتهم النابغة الجعدي بالسرقة، ولكن لم يتم معرفة الحقيقة حتى الآن.
بينما في العصر العباسي نتيجة انتشار الحركة الثقافية آنئذ وتعدد مصادر السرقات الأدبية، دارت الدراسات حول كُتَّاب وشعراء كبار مثل البحتري وأبى نواس والمتنبي وأبى تمام، ودافع أنصار أبى تمام عنه بأنه اخترع مذهباً جديداً خاص به، فوصمه خصومه بأنه سارق للشعر ولم يتمر معرفة الحقيقة حتى الآن.
ويليام شكسبير فى القرن التاسع عشر
ومن ضمن الكتاب الذين اتهموا بالسرقة ويليام شكسبير الذي يعتبره الكثيرون أعظم كاتب في الأدب الإنجليزية، يمثل أشهر حالات السرقات الأدبية، والبعض يشكك في هويته الحقيقية، هذا الجدال الدائر في الأوساط الأدبية منذ منتصف القرن التاسع عشر يفترض وجود شخص آخر غير شكسبير هو الكاتب الأصلي لهذه الأعمال المنسوبة إليه.
تفاصيل اتهام توفيق الحكيم بالسرقة الأدبية
ومن الكتاب الذين ذاع صيتهم في أربعينيات القرن الماضي، الأديب توفيق الحكيم واحد من هؤلاء، وكان ممّن اقترن اسمهم بتهمة السرقة الأدبية منذ بداية مشواره، وتحديداً في العام 1942 مع أول نص مسرحي له بعنوان "العريس"، حيث كشف تقرير نُشر في مجلة "المصوّر" في أغسطس عام 1993، أنها مقتبسة من مسرحية فرنسية مجهولة يرجِّح الناقد فؤاد دوراة أنها “مفاجأة أتور”.
كما كتب الناقد المسرحي محمد عبد المجيد حلمي في ذلك الوقت قائلاً: "وقفت من المسرحية موقفاً جامداً، لأنها نقلت من الفرنسية إلى العربية، فقط مع تغيير الأسماء، أصبحت قصة إفرنجية في كل عاداتها ومواقفها ومراميها، فقط أبطالها مصريون"، وحاول الحكيم تجاهل بداياته الفنية، فلم ينكر تهمة “الاقتباس" في شبابه، معترفاً بذلك في "سجن العمر" و"من البرج العاجي".
السرقات الأدبية بين الشعراء
وفى العصر الحديث، كانت أشهر واقعة اتهام بالسرقة في عام ١٩١٦ عندما انفصل عبد الرحمن شكرى عن زميله وصديقه إبراهيم المازني، رواد مدرسة الديوان أو التجديد، بعد أن استفحلت الوشايات بينهم، ونشأت بينهما خصومة، فأخذ شكرى يعيب على المازنى انتحاله وسرقته لبعض الأشعار الإنجليزية، وأخذ يندد بهذه السرقات الشعرية وتبادلا النقد على صفحات جريدة النظام، وكتب شكرى يهاجم المازنى والعقاد، لأن الأخير انتصر لصديقه المازنى.
ولم ينكر المازني التهمة ولكنه استهتر بها وقلل من شأنها رداً على صديقه عبد الرحمن شكري بالنقد والتجريح حيث اتهمه بالجنون في كتاب "الديوان" حتى انتهى الأمر بشكري إلى الاكتئاب واعتزال الناس.
من جانبه عقب الشاعر عبده الزراع، عضو اتحاد الكتاب، وأحد كتاب أدب الطفل، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ردًا على الجدل الدائر حول السرقات الأدبية، قائلًا: "أكثر ما يؤلمني السرقات الأدبية، رغم أنها قضية قديمة قدم التاريخ، وقد عرف قديما الانتحال، والاقتباس، والتعريب، وتوارد الخواطر، والتأثير والتأثر، وكلها مسميات استفادت بشكل أو بآخر من نصوص الغير، واشتغلت عليها، لكن لفت انتباهى فى الآونة الأخيرة كثرة السرقات الأدبية في مجال أدب الأطفال، شعرا، وقصة، ومسرحًا، ولم تسلمًا البحوث والدراسات من السطو عليهما "ببجاحة" وبدم بارد، وكأن الناس لا تقرأ ولا تتابع".
وتابع: “قد بدأ أدب الأطفال فى مصر بالترجمة والاقتباس، والتعريب، من الآداب الأجنبية، وهذا كان مقبولا وقتها فى القرن التاسع عشر الميلادي، وقبل أن يعرف المصريون والعرب أدب الأطفال كأدب مستقل له قواعده ومنطلقاته الفنية، لكن الآن وقد أصبح لدينا عدة أجيال تخصصت فى الكتابة للأطفال، ولدينا كتاب فازوا بجوائز كبرى عربية وعالمية”.