فريد زهران يستعرض التقرير السياسي لحزب المصري الديمقراطي أمام أعضاء الجمعية العمومية
استعرض فريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والمرشح لفترة ثانية على ذات المنصب التقرير السياسي المقدم من المكتب السياسي لأعضاء المؤتمر الذي يعقد اليوم، بمقر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالقاهرة.
وقال «زهران» سنحاول في بداية تقريرنا أن نلقي نظرة على الأوضاع الدولية والإقليمية في السنوات الأخيرة، قبل أن نتطرق بشيء من التفصيل إلى الأوضاع الداخلية.
وأضاف: «اللافت أن السنوات الست الأخيرة بدأت فعلاً، وفى 2016 تحديداً، بما يمكن اعتباره أحداث أثرت على الأوضاع العالمية والإقليمية بالسنوات اللاحقة، ولعل أبرز هذه الأحداث كانت فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، مُعلناً بذلك وصول اليمين الأمريكي المحافظ ذو النزعة الفاشية إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبأداء يتضمن قدر عال من الفجاجة والغطرسة اندفع ترامب في اتخاذ قرارات عنصرية وعدائية جنباً إلى جنب مع دفع الأمور في مناطق عديدة من العالم إلى التوتر والاحتقان، وكان أبرز ما قام به بهذا الاتجاه:
- اعترافه بالقدس عاصمة لـ "دولة إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فى قرار صادم لمشاعر العرب والمسلمين لم يشاركه فيه أحد من حلفائه.
- الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني منفرداً وبدون الاتفاق أو حتى التشاور مع بقية أطراف الاتفاق (الصين - فرنسا - روسيا - بريطانيا - ألمانيا)، وحتى بدون التشاور والتنسيق مع حلفاءه، مما دفعهم إلى إصدار بيان اعتبروا فيه أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يؤيد الاتفاق لا يزال "إطاراً قانونياً دولياً مُلزماً لحل النزاع".
وأشار التقرير أيضا في بداية السنوات الست التي نشير إليها هنا، وفى 2016 أيضاً صوت الشعب البريطاني على خروج بريطانيا من اتفاقية البريكست وتتالت بعد ذلك الخطوات الكفيلة بتحقيق ذلك، فيما اعتبر ضربة كبيرة ومؤثرة على مسيرة العمل الأوروبي المشترك ومشروع الوحدة الأوروبية، لكي ينتهي الأمر إلى خروج بريطانيا بالفعل من الاتحاد الأوروبي في 2020 بعد مسيرة استمرت لمدة 47 عام، ويتوجب علينا أن نلاحظ أن هذا الإضعاف للوجود الاوروبى جاء بشكل موازي لتصدع العلاقات الأوروبية - الأمريكية.
وتسائل التقرير هل أوقفت هزيمة ترامب في الانتخابات الأمريكية الجناح اليميني المحافظ؟ أو هل غيرت من الأوضاع التى خلقها على الأرض؟ نحن لا نعتقد ذلك ولعل ارتباك إدارة بايدن وعجزها الفاضح عن اتخاذ مواقف وسياسات بديلة تدفع فى اتجاه توفير القدر الضروري من الأمن والسلم الدوليين خير دليل على ذلك، فعلى الرغم من أن انسحاب أمريكا من أفغانستان كان يفترض أن هدفه هو تجنب استمرار الحرب وتخفيف الاحتقان، إلا أن ما أعقب ذلك من وصول طالبان إلى السلطة فى كابول أكد فشل إدارة بايدن في إحلال السلام، وربما أثار تساؤلات حول ما إذا كان مقصوداً أو مدبراً لإعادة استخدام الإسلام السياسي في مواجهة روسيا، بالذات وأن هناك اتجاهات داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي كانت ترى، ولعل بعضها لا يزال يرى، أن مشروع الإسلام السياسي هو الأفضل والأصلح للشرق الأوسط بمعناه الواسع.
وأوضح التقرير توقيع بايدن عقب استلام السلطة على حوالي 15 مرسوم تنفيذي أغلبهم كان بخصوص وضع استراتيجية جديدة لمواجهة جائحة "كورونا"، وبالإضافة إلى ذلك أعطى أمراً ببدء العمل على عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاقية باريس للمناخ، كما أوقف العمل ببناء الجدار الفاصل مع المكسيك، وأخيراً أوقف العمل بقرارات ترامب بالحد من الهجرة والسفر للولايات المتحدة من الدول التي تقطنها أغلبية مسلمة.
ولكن، وعلى الرغم من هذه القرارات المهمة والسريعة، فإن أداء الولايات المتحدة على الصعيدين الدولي والإقليمي لم يتضمن أى قرارات جديدة من شأنها تغيير الواقع الفعلي الذى خلفته إدارة ترامب على الأرض، فاليمين الأمريكي المحافظ، ومن خلال ترامب، نجح في اتخاذ بعض المواقف والقرارات التي لم ينجح الديمقراطيين حتى الآن في إلغاءها، أو حتى تخفيف أثارها، ومن ثم يسود العالم درجة من الارتباك الواضح، لعل كان من أبرز نتائجها الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث يمكننا أن نذهب إلى أن نظام عالمي أكثر استقراراً وعقلانية كان من الممكن أن يتجنب ويلات هذه الحرب ونتائجها المدمرة، فلقد تجمعت نُذر الحرب لعدة شهور في غياب أي اصطفاف غربي واضح يطرح تصور لتجنب الحرب، بل وأغلب الظن أنه كأن هناك من يدفع لنشوبها، حتى أن بايدن قد أدلى بتصريح بعد أن اجتاحت روسيا الأراضي الأوكرانية أكد فيه أنه لن يسمح بأن تغزو روسيا أي بلد من بدان حلف الناتو! ويُذكرنا ذلك بالسفيرة الأمريكية التي أكدت لصدام حسين في 1990 أن قيام العراق بغزو الكويت أم لا يهم الولايات المتحدة!!
أما أبرز ما يؤكد ما نذهب إليه هنا من أن اليمين الأمريكى المحافظ خلق أوضاع على الأرض لم يتم المساس بها من إدارة بايدن، هو الوضع الإقليمى حيث بدا وكان ما قام به ترامب قد أصبح من الثوابت التى ينبغى على الإدارات الأمريكية المتعاقبة أن تتعامل معها بلا تغيير، ولعل أبرز أمثلة ذلك هو ما يتعلق بوجود السفارة الأمريكية بالقدس، وهو أمر تم التعامل معه بتجاهل، رغم أنه لم يكن مُنبت الصلة بما لاحظناه جميعاً من أن قرار ترامب بنقل السفارة كان مرتبط أيضاً وبقوة بتوقيع عدد كبير من اتفاقيات السلام بين إسرائيل وبعض البلدان العربية برعاية أمريكية، وهذه البلدان بالتحديد هى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، حيث تم بالفعل ليس توقيع هذه الاتفاقيات فحسب، ولكن بدأ أيضاً بين هذه البلدان وبين إسرائيل علاقات تطبيع وصفت من كافة الأطراف بأنها دافئة.
وفى هذا المناخ الإقليمى كان من المنطقى أن تستمر إسرائيل فى غيها، وتواصل الاعتداء على الشعب الفلسطينى الذى ظل يقاوم ما يتعرض له من محاولات إخضاع وإذلال.
على صعيد آخر بدا واضحاً أن إدارة بايدن لا تملك أى أدوات لدعم الديمقراطية فى المنطقة كما وعدت، والأهم أنه ما يعنيها