مسك الختام
أوشك شهر رمضان على الرحيل، وأظن أن ختامه «مسك» بشكل أو بآخر.. دائمًا ما يدخر الرئيس الأحداث السعيدة ليفرح بها المصريون قبل العيد.. ما زلت أذكر حفل إطلاق مبادرة «حياة كريمة» قبل العيد الأكبر فى العام الماضى بأيام قليلة.. هذا من حسن السياسة وبراعتها بكل تأكيد.. العيد يأتى هذا العام وقد تم إطلاق سراح عشرات من المحبوسين على ذمة قضايا سياسية مع مناخ مبشر واستئناف لعمل لجنة العفو الرئاسى وبدء جلسات حوار وطنى.. على المحور الاقتصادى أيضًا ثمة مرونة واضحة للتعامل مع الأزمة العالمية وانعكاساتها على مصر.. تقوية دور البورصة خطوة لا بد منها لاقتصاد قوى.. لو أن لدينا بورصة قوية تتجه لها مدخرات المصريين منذ أربعين عامًا لكنا فى حال غير الحال ولما جمدنا المليارات فى شاليهات وشقق وعمارات من طوب نغلقها طوال الوقت ولا يستفيد منها أحد.. طرح بعض الأصول للقطاع الخاص من شأنه أن يوسع مساحة مشاركته ويبطل ادعاءات بعض الصحف الغربية، ولا ينطوى على أى مشكلة ما دام يتم بالسعر العادل ووفق الإجراءات القانونية وقواعد الشفافية.. نفس الأمر ينطبق على طرح الشركات التابعة للقوات المسلحة فى البورصة.. هذا يعنى أن الجيش أضاف أصولًا للاقتصاد المصرى، وأتاح فرصًا للاستثمار فيها للمصريين والأجانب أيضًا، وهو ما يعنى مزيدًا من الاستثمار.. الطرح فى البورصة يعنى مزيدًا من التنافسية والحوكمة ورقابة حاملى الأسهم على الإدارات ومحاسبتها فى نهاية كل عام.. بهذا المعنى لا مانع أن ينخرط الجيش فى تأسيس شركات جديدة ما دام يطرحها فى النهاية للبورصة وهى فى موقف مالى قوى.. الأزمة العالمية تزداد شراسة.. الصين أغلقت مدينة شنغهاى بالكامل وهى أهم مدينة صناعية صينية.. مئات المصانع هناك توقفت.. ومن الطبيعى أن يؤدى هذا لمزيد من ارتفاع الأسعار هنا وهناك.. ولكن هذا هو ما قضت به المقادير.. كل السيناريوهات محتملة وليس أمامنا سوى التفاؤل كحل تاريخى كما كان يقول المفكر محمود أمين العالم.. الانفراجة فى السياسة والاقتصاد خلقت مناخًا من الراحة والتفاؤل بين المصريين، عززه افتتاح الرئيس لمقام الحسين، رضى الله عنه وأرضاه، بما له عند المصريين من مكانة روحية كبيرة، فهو سبط النبى ووريثه وشهيد الكلمة والمبدأ الذى رفض الدنيا من أجل الانتصار لما يوقن أنه الحق.. مكانة الحسين لدى المصريين ليست لها علاقة مباشرة بمدى تدين الشخص ظاهريًا أو مدى صوفيته.. لفت نظرى أن ثلاثة من نوابغ المصريين فى القرن الماضى كانوا من مجاورى الحسين، وأوصى اثنان منهم بأن يخرجا من مسجده، أولهما نجيب محفوظ أديب مصر ونجيبها.. وثانيهما الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى سكن القصور وصاحب الحكام وطاف العالم وأوصى بأن تخرج جنازته من الحسين حيث بدأ وحيث كانت ولادته، أما ثالث مجاورى الحسين فهو الشيخ محمد متولى الشعراوى، ومكانته لدى المصريين معروفة بغض النظر عن الحكم النهائى على دوره.. وهكذا ارتبطت رموز مصر الأكثر شعبية فى الثقافة والدين والصحافة بهذا الحى العريق.. أما فى الحلقة السادسة والعشرين من «الاختيار» فثمة إسقاط واضح حيث يقرر المواطن المصرى العادى المسالم الذى يتجنب السياسة أن يضع الإخوان فى مكانهم قائلًا: «أنا من الجمالية يا شوية عرر»، والجمالية هى مسقط رأس الرئيس عبدالفتاح السيسى حيث نشأ وسط المصريين العاديين من أبناء البلد والمحملين بتراث المنطقة الروحى حتى ولو لم يقصدوا ذلك.. فى ختام رمضان أيضًا تتضح الحقائق.. فالاختيار هو الأعلى مشاهدة فى مصر كلها.. وتشويه الإخوان للمسلسل سقط مثل ورقة شجر ذابلة، ورواية الرئيس السيسى للأحداث عبر المسلسل بدت مقنعة للجميع بعد سنوات حاولوا فيها نسج سيناريو خيالى على غرار السير الشعبية والملاحم.. والهدف كان تحويل جماعة من محدودى الذكاء لأبطال ملحميين ومدافعين عن الديمقراطية، فى حين أنهم وليس الجيش من أرادوا الانقلاب على مصر وتراثها وتاريخها لكن انقلابهم فشل ونجحت ثورة مصر ضدهم.. كل عام وأنتم بخير وعيد فطر سعيد بإذن الله.