ذات يوم.. عندما قضى عبد القادر المازنى شم النسيم فى السجن
شم النسيم هو عطلة وطنية مصرية بمناسبة بداية فصل الربيع، ويقع شم النسيم دائما في اليوم التالي لعيد الفصح المسيحي الشرقي (اتباعا لتقاليد أكبر طائفة مسيحية في البلاد، القبطية الأرثوذكسية).
وعلى الرغم من موعده المرتبط بالمسيحية، يعد شم النسيم عطلة يحتفل بها المصريون من كل الأديان، لذلك فهو يعتبر مهرجانا وطنيا وليس دينيا، ولذا قرر الشاعر الراحل إبراهيم عبد القادر المازني (10 أغسطس 1889 - 10 أغسطس 1949م) ذات يوم أن يقضى عطلة شم النسيم فى إحدى الحدائق، وما كان به إلا أن قضى هذا العيد فى السجن، ولكن كيف حدث ذلك.
ووفقًا لما كتبه "المازنى" بخط يده فى مجلة "الرسالة" بتاريخ 20 مايو 1935، يقول: اشتهيت مرة أن أخرج إلى الظل، فما كان بى أن اقترح على أحد الأصدقاء أن نقضى عطلة شم النسيم فى المرج بعيداً عن الزحام لأنه يوم تكثر فيه العربدة، وركبنا قطار الزيتون وكان معنا كفايتنا من الطعام والشراب وكنا خمسة أشخاص، وعندما نزلنا فى المرج لم نجد مكاناً ظليلاً نميل إليه، وإذا بضابظ يقبل علينا ويحي واحداً منا، ويسأله عما جاء به، فيخبره أنه جاء معنا ليشم النسيم فما كان من الضابط إلا أن قال لنا "تعالوا عندي"، فنسأله عندك أين؟ فأنا لا نرى لا بيتاً ولا كوخاً" فيقول: "فى مركز البوليس، فإنى ملاحظ النقطة!" فينظر بعضناً إلى بعض وأقول "نشم شم النسيم فى مركز البوليس! هذا جديد!"، ترددنان ولكنه ضابط بوليس، وتحت أمره قوة كافية لإرغامنان فقلنا "لا بأس هى تجربة جديدة فلننظر ماذا عسى أن تفيدنا من المتعة؟ وما يدرينا؟ لعل مركز البوليس خير مكان نقضى فيه يومنا! وما نظن أن أحداً جرب ذلك من قبل، فهى ميزة ننفرد بها ونستبد".
عبد القادر المازنى يختتم مقاله بأن الضابط شاركه وأصدقائه وجبة الغداء التى كانت بحوزتهم، وسرعان ما تركهم يعودون إلى منازلهم.
قدم المازني العديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله: إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني – رواياتان، أحاديث المازني- مجموعة مقالات، حصاد الهشيم، خيوط العنكبوت، ديوان المازني، رحلة الحجاز، صندوق الدنيا، عود على بدء، قبض الريح"؛ وغيرها من الكثير من القصائد الشعرية، هذا بالإضافة لمجموعات كبيرة من المقالات، كما قام بترجمة مختارات من القصص الإنجليزي.