وجوه رمضان «4»
حياة كريمة
برنامج حياة كريمة من البرامج المميزة فى رمضان هذا العام.. ينتمى لنوعية الإعلام التنموى لكنه لا يخلو من طرافة ومتعة فى المشاهدة.. الميزة الأساسية أن مقدمه أيمن مصطفى يؤدى أداءً طبيعيًا ولا يتعمد المبالغة فى إظهار مشاعر التأثر بقصص كفاح الذين يقابلهم من أهلنا البسطاء.. الميزة الثانية أن أداءه تشوبه لمسة كوميدية خفيفة أو خفة ظل غير مفتعلة وهذا أمر محبب للمشاهد.. فكرة البرنامج تقوم على التجول بالسيارة والتقاط أهلنا الذين يكافحون لكسب الرزق فى الشارع ومنحهم مكافأة بسيطة.. بعدها يتم تعريضهم لاختبار.. حيث يذهب لهم شخص يطلب المساعدة فيمنحونه بعضًا مما حصلوا عليه.. فيعود لهم مقدم البرنامج ويكافئهم بمبلغ أكبر جزاء كرم أخلاقهم رغم ضيق ذات اليد.. الجزء الأول من البرنامج جميل.. والحالات حقيقية ومنتقاة بعناية شديدة.. لكن المدهش بالنسبة لى أن كل الحالات تنجح فى اختبار الكرم وهذا ضد طبائع الأمور.. كنت أحب لو عرضت لنا الكاميرا واقعة أو اثنتين أو ثلاثًا لمواطنين فشلوا فى اختبار الكرم أو أمرتهم أنفسهم بالسوء وأن يصارحهم مقدم البرنامج بأنهم خسروا جائزة أكبر كانت فى انتظارهم لو ساعدوا غيرهم كما تمت مساعدتهم.. فى كل الأحوال البرنامج جميل وممتع ويحتوى على تطوير ممتاز لفكرة برامج الكاميرا الخفية ويحول اتجاهها من السخرية من المواطنين البسطاء إلى مساعدتهم وإكبار مشاعر العطاء والكرم والإيثار بداخلهم.. أتمنى أن يستمر هذا البرنامج طوال العام وأن تتسع حلقاته لأفلام وثائقية صغيرة توثق حياة هؤلاء المصريين الكرماء من أهلنا الذين يستحقون حياة كريمة.
٣٠ حلقة
فى الغالب الأعم إن سبب ظهور مسلسلات الثلاثين حلقة فى رمضان هو سبب إنتاجى.. الفكرة أن تكلفة المشروع تكون كبيرة وبالتالى يتم التفكير فى استثماره اقتصاديًا لأقصى درجة.. الحلقات الثلاثون تسمح بإذاعة الإعلانات لمدة ثلاثين يومًا بنفس تكلفة إنتاج الخمس عشرة حلقة تقريبًا أو بأزيد بعض الشىء.. الفكرة أنه فى ضوء فقر الكتابة الدرامية الذى نعانى منه حاليًا.. يتم اللجوء للمط والتطويل.. هذا المط يفقد الأحداث قيمتها ويهدر جهود الممثلين والمخرجين وباقى أركان العمل.. الأساس فى الدراما التليفزيونية هو التشويق.. وأن يبقى المشاهد منتظرًا الحلقة التالية بعد «قفلة حراقة» بلغة صناع الدراما.. لكن هذا غير موجود حاليًا.. المسلسلات فى بداية ظهور التليفزيون المصرى كانت سباعية.. ثم تطورت لتصبح ثلاث عشرة حلقة.. ومع مجىء رمضان كانت تتم زيادتها لتصبح خمس عشرة حلقة.. وكان هذا يكفى ويزيد.. أظن أن الثلاثين حلقة لم تظهر سوى مع الشهد والدموع وليالى الحلمية لأسامة أنور عكاشة وهو بالطبع كان «قدها وقدود» ومع ذلك فقد لمحنا كلنا أن الأجزاء الأخيرة من ليالى الحلمية لم تكن فى روعة الأجزاء الثلاثة الأولى وهذا من طبائع الأمور.. مطلوب العودة لمسلسلات الخمس عشرة حلقة بنصف التكلفة الإنتاجية لمزيد من التنوع والجودة والإتقان وإتاحة الفرصة لمزيد من النجوم لتضىء فى سماء الفن.
أنا البرادعى يا رشدى!
إحدى مشاكل الدراما المصرية حاليًا.. حالة الخلط بين الدراما التليفزيونية وبين الفيلم السينمائى.. الدراما فن مستقل يعتمد بالأساس على الكتابة وتحتل الصورة والديكور مرتبة متأخرة بعد الكتابة.. تاريخيًا كان هناك مخرجون متخصصون فى الدراما مثل إسماعيل عبدالحافظ وإبراهيم الصحن ومحمد فاضل وإبراهيم الشقنقيرى وغيرهم.. مع تطور كاميرات الفيديو وتراجع الإنتاج السينمائى أصبح من السهل دخول مخرجى السينما الموهوبين مجال الدراما.. بدأ الموهوب محمد ياسين فى ٢٠٠٩ بمسلسل الجماعة ١.. ثم كاملة أبوذكرى فى ٢٠١٢ بمسلسل ذات... إلخ.. لم تكن كل التجارب ناجحة.. الدراما فى الستينيات كانت أقرب لفن المسرح.. يتشاركان فى أن الكلمة هى البطل.. كانت تعتمد على التشويق.. ما زلت أذكر مسلسلًا فى الثمانينيات من بطولة العظيم عبدالله غيث وسهير البابلى كان بوليسيًا وينتهى بجملة «أنا البرادعى يا رشدى»!! كنا ننتظره من حلقة أخرى رغم أن تصويره وديكوره يبدوان بمعايير هذه الأيام ساذجين.. لكن مخرجه كان قادرًا على ضبط الحبكة الدرامية والإتقان.. وهذا هو ما نفتقده فى هذه الأيام.. مطلوب المزاوجة بين ضرورات تطور الصورة وبين خبرة مخرجى المسلسل التليفزيونى كفن قائم بذاته.. المسلسلات ليست أفلامًا ولا يجوز أن تكون كذلك.
ندى موسى
من مميزات المخرجين الكبار قدرتهم على تقديم المواهب الجديدة أو تقديم ممثلين موجودين على الساحة بشكل جديد.. وأظن أن هذه أهم مميزات المخرج الكبير محمد ياسين.. فى هذا العام قدم محمد ياسين الممثلة «ندى موسى» فى صورة جديدة ومختلفة.. تقدم شخصية مغنية وراقصة شعبية ترتبط بعلاقة عاطفية ومهنية بمطرب مهرجانات قدم دوره الفنان أحمد صفوت.. الدور أظهر قدرات ندى موسى التى تتألق كلما عملت مع مخرج محترف وما زلت أذكر دورها المميز فى مسلسل «طريقى» مع المخرج محمد شاكر خضير.. ولا أظن أنها قدمت دورًا ترك بصمة فنية منذ هذا الدور حتى أعاد محمد ياسين اكتشافها فى مسلسل المشوار.. الدور بطبيعته غير عائلى وغير منزلى حيث نمط مختلف لفنانة لحياتها طبيعة خاصة ومختلفة عن حياة ملايين المصريين، لكنها مع ذلك قدمته بإنسانية وأظهرت مدى المخاوف والضغوط والاستغلال الذى تتعرض له الشخصية رغم أن من يراها من الخارج قد يحكم عليها حكمًا مختلفًا.. تحية للمخرج محمد ياسين ولزملائه فى إخراج الحلقات رغم أى ملابسات تتعلق بالوقت أو الظروف التى أحاطت بالمسلسل.
طارق لطفى
دورة حياة الفنان طارق لطفى الفنية تقول إنه فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.. طارق ينتمى لجيل التسعينيات الفنى.. وهو جيل قدم نفسه فى فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» الذى لعب بطولته صاروخ الكوميديا محمد هنيدى.. كان الفيلم شهادة ميلاد لجيل فنى جديد بعد أن ظل عادل إمام ونور الشريف والفيشاوى يحتكرون أدوار طلاب الجامعة حتى ذلك التوقيت.. ظهر طارق لطفى فى دور صديق البطل هنيدى وشاركه البطولة فنانون موهوبون مثل منى زكى وأحمد السقا وهانى رمزى وغادة عادل.. كانت المفارقة أن كل الأبطال وجدوا طريقهم للبطولة المنفردة والنجاح السريع بعد صعيدى فى الجامعة الأمريكية مباشرة.. وظل طارق لطفى محرومًا من الفرصة رغم أنه أستاذ فى فن التمثيل.. سمه امتحانًا إلهيًا.. أو لعبة من ألعاب القدر.. أو تصرفًا من تصرفات الحياة.. المهم أن هذا الصبر أنضج موهبة طارق لطفى.. أظنه انتظر ما يزيد على عشر سنوات حتى جاءته فرصة البطولة فى مسلسل تليفزيونى بعد ٢٠١٣.. وها هو الآن ينضج.. ويتحول إلى أيقونة للتمثيل الفنى الممتع الرائق وينال إشادات ربما لا ينالها غيره ممن سبقوه.. حكمة إلهية ورسالة لكل من يمتحن فى تأخر فرصته.. لا أحد يغير القدر.. وكل ما عند الله جميل.