الطفل المصرى قضية أمن قومى
منذ أن التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخراً بالكاتبة سماح أبو بكر عزت إحدى أشهر كتاب أدب الطفل فى مصر حالياً وأنا أعتبر أن قضية النهوض بالطفل المصرى وتوعيته قد أصبحت قضية أمن قومى، خاصة بعد تلك التكليفات الرئاسية التى صدرت للدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، بالعمل على النهوض بثقافة الطفل والاهتمام بتنشئته بشكل سوى وحضارى، وتبنى ذلك المشروع الذى تقوم به الكاتبة الكبيرة وكل المشروعات الأخرى التى تهتم بتلك القضية من منطلق أن طفل اليوم هو شاب الغد ورجل المستقبل.
وبالتالى فإنه يجب حشد الطاقات الإبداعية فى مجال الطفل من جانب المفكرين والعلماء والفنانين وكل من يمكنه أن يفيد الطفل المصرى وبناء شخصيته على أكمل وجه خاصة لتلك الشريحة العمرية التى تبدأ من 12 عاماً.
تذكرت منذ عشر سنوات مضت هؤلاء الأطفال الذين دفعت بهم جماعة الإخوان الإرهابية للخروج إلى شوارع مدينة نصر بالقاهرة فى مشهد غريب وهم يحملون أكفانهم ويحاول إعلام الجماعة تصدير صورة ذهنية للخارج عن تعرض هؤلاء الأطفال وذويهم لعمليات قتل من قبل السلطات المصرية.
هنا يجب أن نتساءل عن تلك العقيدة التى زرعتها الجماعات المتطرفة فى نفوس هؤلاء الأطفال الذين كان يتم إعدادهم للسير فى نفس النهج المتطرف والمتشدد الذى تعتنقه عائلاتهم وذووهم ويجعلون منهم قنابل موقوته تهدد أمن واستقرار البلاد فى المستقبل.
إلى هذا الحد كان اهتمام جماعة الإخوان بأطفالها لحشدهم ضد الوطن فى مرحلة الشباب والرجولة.. وهنا أيضاً يجب ألا ننسى هؤلاء الأطفال الذين كان تنظيم داعش الإرهابى يستخدمهم فى رصد تحركات قوات الأمن من الجيش والشرطة فى محافظة شمال سيناء لإعداد الألغام المفخخة وزرعها فى طريق تلك القوات وهو الأمر الذى راح ضحيته العشرات من الشهداء.. ثم رأيناهم وهم يدربون هؤلاء الأطفال على حمل السلاح ويزرعون بداخلهم ذلك الحقد والكراهية على كل من هو خارج هذا التنظيم.
كان الطفل إذن محل اهتمام الجماعات والتنظيمات المتطرفة.. فكيف لا يكون محل اهتمام القيادة السياسية الرشيدة التى تجتهد، وتعمل فى جميع الاتجاهات، وعلى جميع المحاور، وتهتم بالعنصر البشرى فى كل مراحله العمرية، بل وفى جميع أحواله المعيشية والصحية؟ فها هو السيد الرئيس يهتم بالمرأة والشباب وذوى الهمم ويعمل على توفير فرص العمل للجميع وتحسين مستوى معيشة الأسرة المصرية برغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة وغير المسبوقة التى يمر بها العالم كله حالياً.. واليوم يصدر سيادته توجيهاته بإعداد استراتيجية متكاملة للنهوض بثقافة وتوعية الطفل المصرى، والتى سوف تساهم بلا شك فى حمايته من الوقوع فى براثن الفكر المتطرف أو المنحرف الذى يمثل خطرًا على مستقبلهم ومستقبل وطنهم.
تذكرت ونحن صغار كيف تربينا على كتب وأدب الأديب المصرى كامل كيلانى، والذى اعتبره وبحق "رائد أدب الطفل"، وأول مؤسس لمكتبة الأطفال فى مصر وتجاوزت مؤلفاته المئات من تلك الكتب.. ثم جاء بعده الكاتب الكبير يعقوب الشارونى، والذى يعتبر من رواد أدب الطفل، حيث حقق آفاقاً بعيدة المدى لأدب الطفل فى سهولة وبساطة وهناك الكثير من أعماله تم تحويلها إلى مسرحيات للأطفال شهدت قبولاً كبيراً لديهم وكان لها تأثير كبير على وجدانهم.. واليوم ها هى الكاتبة المتميزة سماح أبو بكر تسير فى ذات الاتجاه المحمود والمهم بكل أمانة وإخلاص وكانت تعمل فى هدوء وثقة إلى أن تلقف السيد الرئيس بما له من قوة بصيرة ورؤية مستقبلية ما تقوم به الكاتبة المرموقة من جهود كبيرة ويدعو إلى تحويل ما تقوم به إلى مشروع قومى تشارك فيه وزارة الثقافة.
بل وجميع المعنيين بأدب الطفل ورعايته وتنمية وعيه ليكون عنصراً صالحاً رشيداً يساهم فى رسم مستقبل الوطن بفكر مستنير وعقيدة وسطية غير قابلة للتأثير بأى فكر منحرف أو متطرف.
عندما أتابع حالياً تلك المؤلفات أو الموضوعات التى تهتم بأدب الطفل وتوعيته لا أجد سوى إصدار أسبوعي لمجلة علاء الدين لجريدة الأهرام والتى يحاول رئيس تحريرها الصحفى الكبير الأستاذ حسين الزناتى من خلالها نشر الثقافة والفكر والوعى الذى يسعى السيد الرئيس إلى تحقيقه ورعايته.. وهناك محاولات متواضعة أخرى أرى أنها لا ترقى لذات المستوى وتحتاج أن يتم توجيهها ودعمها بالشكل اللازم لتسير فى نفس اتجاه تحقيق الهدف.
ناهيك عن إنشغال الاب والام بذلك الهدف لإنشغالهم فى حياتهم المعيشية والإجتهاد فى سبيل توفير معطيات الحياة من مصاريف وغذاء وتعليم....الخ اذن فالموضوع وبحق يحتاج ان ندعم ذلك المشروع الذى تتبناه وتسعى الى تحقيقه الكاتبة الكبيرة/ سماح ابو بكر وان يتم دراسته على اعلى المستويات وتوفير الدعم اللازم له وكذلك المشاركة الحقيقية والمخلصة من الجهات المسئولة والمعنية بذات الملف خاصة وزارة الثقافة والتضامن الاجتماعى والتعليم والإعلام والمؤسسات الدينية لخلق هذا الجيل الذى نتمنى أن ينشأ جيلاً صالحاً خالياً من عيوب الأفكار الغريبة عن المجتمع المصرى الوسطى، سواء الفكر المتطرف أو الفكر الذى تحاول كتب الأطفال الأجنبية التى تتم ترجمتها إلى اللغة العربية أو التى تنشر باللغة الأجنبية ويتهافت عليها الأطفال وذووهم والتى تنافس أحياناً موضوعات لا تتفق مع فكر وثقافة مجتمعنا الشرقى المعتدل.
نحن أمام فرصة ذهبية أتاحها لنا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى للنهوض بمستوى ثقافة الطفل وتوعيته وتهيئته لمستقبل أفضل ويجب ألا ننسى دائماً تلك المقولة الخالدة من داخل مجتمعنا المصرى الأصيل.
"التعليم فى الصغر.. مثل النقش على الحجر".. وتحيا مصر.