وجوه رمضان «2»
أسامة أنور عكاشة
مفارقة غريبة أن يكون أسامة أنور عكاشة هو نجم دراما رمضان هذا العام.. مسلسله «راجعين يا هوى» هو أفضل نص درامى على شاشات رمضان.. صحيح أنه نتاج معالجة متميزة لمحمد سليمان عبدالمالك.. لكن البذرة الدرامية هى بذرة عكاشية.. العالم والشخصيات والصراع والأحداث صاغها أبوالدراما التليفزيونية منذ تسعة عشر عامًا وظلت صالحة لإثارة الدهشة والإعجاب.. «راجعين يا هوى» معالجة تليفزيونية عن مسلسل إذاعى لوالد الكُتّاب، يناقش فيه صراع المادة والروح.. القيمة والمظهر.. الحسين والجمالية مع الامتدادات الجديدة والعشوائية رغم أنها تبدو جديدة وغالية.. كون أسامة هو نجم هذا العام يشبه عملة لها وجهان.. الوجه الجيد أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض.. وأن البقاء للأفضل مهما طال الزمن.. والوجه السيئ أننا فى حالة فقر شديد فى الكتابة الدرامية وأننا ما زلنا نفتقد كاتبًا فى ربع حجم أسامة أنور عكاشة.. كان أسامة كاتبًا جادًا.. لكنه أيضًا فنان وصنايعى سيناريو.. وقد تخيل البعض أن انتحال موضوع جاد يكفى لكى يبتلع الناس وجبة درامية فاسدة.. وراح ينشر صورة له مع أسامة أنور عكاشة فى مناسبة اجتماعية ليقول إنه خليفة له.. أو يشبهه أو يسير على طريقه.. والفارق بين أسامة وبين غيره هو الفارق بين الثرى وبين الثريا.. بين التبر والتراب.. بين الصوت الأجوف والنغم الأصيل.. كل سنة وكل شىء أصيل فى هذا البلد بخير وتألق.
ياسر جلال
بعيدًا عن أهمية دوره فى مسلسل الاختيار وإجادته له ودلالات اختياره للدور.. نموذج على معانٍ كثيرة طيبة.. بدا مبكرًا وسبقه أبناء جيله ولم يكن واعيًا بإمكاناته ثم عاد ليحصل على ما هو مكتوب له فى سنوات قليلة.. ويؤكد نجاحه عامًا بعد عام.. معنى مهم وقصة تصلح للتأمل.. فى الاختيار يتقمص ياسر جلال شخصية وزير الدفاع من الداخل.. يعمل على الملامح الداخلية أكثر من الخارجية.. يفهم أن نبرة الصوت الهادئة مصدرها إحساس داخلى بالارتياح.. وثقة فى النفس وفى الله.. فى لفتات تبدو ملامح شخصية ابن البلد الفاهم.. مثل تعليق «فاكرينا تلامذة» الذى يقوله وزير الدفاع عن محاولة الإخوان الالتقاء بقيادات الجيش دون إذن وزير الدفاع.. الدور نقلة فنية لياسر جلال.. ليس فقط لأن الشخصيات التاريخية لها واقع خاص عند المشاهد عمومًا والمشاهد المصرى خصوصًا.. ولكن لأن ياسر جلال انتقل من أدوار الأكشن والحركة التى شهدت نجاحه إلى دور مختلف تمامًا، ومع ذلك حقق نجاحًا كبيرًا يفوق نجاحه فى الأكشن والذى كان يعتمد على مواصفاته الجسدية فى المقام الأول.. صناعة الدراما كسبت ياسر جلال كنجم منذ مسلسل «ظل الرئيس».. لكن فن التمثيل كسب ياسر جلال مع مسلسل «الاختيار ٣».
أحمد الأحمد
الفنان السورى الذى يلعب دور القائد الداعشى أبوسياف فى مسلسل «العائدون».. صاحب مقام رفيع فى الفن.. فهم خاص جدًا للشخصية.. يعبر عن نوازع العنف الدفين بنبرة صوت يتحكم فيها بالملى وتجمع بين الألم والدفء والنبرة المخيفة رغم أنها منخفضة. أعتقد أنه من المواهب السورية التى تأخر دخولها الفن المصرى، وأظن أنه مكسب كبير لصناعة الدراما المصرية وأن دخوله للساحة لا يجب أن يعقبه خروج.