ضحايا يتحدثون.. من يحكم فوضى إعلانات الأدوية مجهولة المصدر بالقنوات التلفزيونية؟
لم تكن نور.م، ٢٩ عامًا، تتخيل أنها ستقع ضحية لمروجي الإعلانات المضللة على فضائيات غير مرخصة، بعدما ابتاعت كريم لعلاج حب الشباب، إذ دشنت قناة حملة دعائية قوية لذلك المنتج أغرى الفتاة لشراءه لاسيما ادعائهم بأنه مرخص من وزارة الصحة.
تقول: «الكريم كان سعره ٢٧٥ جنيها، وعرضوا في الإعلان تجارب قبل وبعد استخدامه، وكمان فيه تصريح من وزارة الصحة، لكن بعد استخدامه مرتين عملي إحمرار شديد وبعد يومين وشي ورم بشكل لافت للنظر حاولت اتواصل مع الشركة المعلن عنها المنتج في القناة ملقتش ليها أي سبل تواصل».
تضيف: « ولما عرضت الكريم على دكتور جلدية قالي إن الترخيص المعلن عنه مش سليم والكريم به مواد زي الكورتيزون مضرة للبشرة، ونصحني أني أبعد عن أي منتجات خارج الصيدلية خاصة اللي بيتم الإعلان عنها في القنوات الفضائية».
لم تكن “نور” الضحية الوحيدة لإعلانات القنوات الفضائية عن أدوية ومستحضرات تباع بلا رقابة، ولكن هناك كثيرون بالرغم من أن القرار رقم 206 لسنة 2017 والذي يحظر ظهور أي طبيب على القنوات الفضائية إلا بعد تقديم ما يثبت أنه طبيب وكذلك حظر عرض اي منتجات ليس لها ترخيص رسمي من وزارة الصحة وعدم الاستعانة بالمرضى لتأكيد جودة المنتج.
وتقدمت آمال رزق الله، عضو لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن انتشار إعلانات لمنتجات طبية غير مرخصة وغير مقيدة بسجلات النقابة العامة للأطباء، حيث يشاهد الكثيرون وبشكل يومي عمليات ترويج لأعشاب ومنتجات علاجية مجهولة المصدر لعدد من الأمراض، مثل السمنة، أمراض السكر، وهشاشة العظام، وغيره.
وأوضح النائبة أن عمليات الترويج تلك تأتي بأشكال مختلفة، كالإعلانات التليفزيونية، على بعض القنوات غير المرخصة، أو الإعلان عن المنتج في الشوارع والميادين المختلفة بتوزيع الملصقات والكراسات الإعلانية وغيرها، أو عن طريق التجار في محال العطارة، ففي بعض الأحيان يُرشح تجار العطارة بعض أنواع الأعشاب للزبائن، قائلة أنها ستساعد على الشفاء من مرض معين وحل مشكلة ما يعاني منها الزبون، كالأرق على سبيل المثال.
وأشارت النائبة إلى أن أخطر ما في الأمر هو أن أغلب هذه الأدوية و التى يتم شراؤها أونلاين يتم تعبئتها فى شريط دواء يأتى فارغًا من الخارج، وعن طريق شركات نطلق عليها (تحت بير السلم) تتم تعبئتها وإضافة بعض العناصر التي تعلي الحرق وبيعها بسعر غالي على الإنترنت الذى يتولى تسويقها وهى بالفعل مربحة، ولا يوجد سعر موحد لها بل كل دواء حسب الجهة التي تعرضه وتتاجر فيه.
ميادة.ع، ٣٥ عامًا، إحدى السيدات اللاتي أصبحن ضحايا الأدوية المجهولة، أصيب ابنها منذ والدته بأزمات حادة من السعال والتي تؤدي النوبة الواحدة منها بضيق نفس له ورعشة وتعب شديد وبعد رحلة علاج طويلة وقائمة من الأطباء لم يجد معه شيء نفعًا.
تقول: «لاقيت إعلان عن خلطة عشبية ومعاها دواء خاصين بالسعال للأطفال وأنها فاعلة جدًا في علاج السعال ليهم ومرخصة من وزارة الصحة وآمنة على الأطفال ولا يوجد أي موانع لاستخدامها من قبلهم وكان سعر الأعشاب ١٥٨ جنيه والدواء ١٩٠ جنيه».
تضيف: «بدأت أدي ابنه منه بانتظام الجرعة المحددة لحد ما لاقيت السعال زاد عنده وبقى مستمر بدون توقف، وصدره أصبح في حالة هياج شديد، لما تواصلت مع الشركة المعلنة قالوا إن دا طبيعي لأنه دواء جديد على جسمه واستمريت في إعطاؤه الدواء».
وتختتم: «لحد ما السعال زاد عنده بدرجة كبيرة ونزلت مستشفى طوارئ ووقتها لما عرضت الدواء على الدكتور قالي أن المادة الفعالة تأثيرها قوي على السعال للأطفال لكن في نفس الوقت المواد المستخدمة فيها الأطفال بيعانوا من حساسية منها ولازم كان يتم التنويه ويتعمل اختبار حساسية في الأول قبل الاستخدام».
وتحظر لائحة آداب مهنة الطب، الصادرة بقرار من وزير الصحة رقم 238 لسنة 2003 بتاريخ 5 سبتمبر 2003، في الباب الثاني مادة "8"، الأطباء من السماح باستعمال أسمائهم في الترويج للأدوية والعقاقير، أو لأي أغراض تجارية على أي صورة من الصور، بالإضافة إلى حظر إجراء استشارات طبية عبر الاتصالات الهاتفية.
وهناك ضبطيات قضائية تنفذها أجهزة رقابية، إذا ألقت القبض على صيدلي شهير بلقب "طبيب الكركمين"، بتهمة حيازة والترويج لمواد عشبية وأدوية مجهولة المصدر بقصد تحقيق أرباح غير مشروعة على قنوات فضائية، ومن قبلها ألقت الأجهزة الأمنية القبض على خبيرة التغذية، لاتهامها بالنصب على المواطنين عبر تلك القنوات.