تاريخ الاحتفال بموكب الشعانين وأصل صلاة الجناز العام
يحتفل الأقباط اليوم بـ«أحد الشعانين» وترفع الكنائس صلوات القداس في تلك المناسبة، وهي ذكرى دخول المسيح إلى مدينة القدس واستقبال الأهالي له بالسعف والزيتون كرمز للنصر، إذ يحمله الأقباط بين أيديهم، ويتم رفعه أثناء قيام القساوسة برش مياه التبرك في نهاية قداس العيد.
موكب الشعانين
وقال الأغنسطس حسام كمال في كتابه موسوعة أسبوع الآلام عن تاريخ موكب الشعانين: «كان يعرف موكب الشعانين في القرون الوسطي باسم «دوران الزيتونة» وفي هذا الموكب يرتل لحن الشعانين «أفلوجيمينوس» وهو أصلا باللغة اليونانية ما عدا أخر ربعين فهم باللغة القبطية، وكانت السائحة الإسبانية «إيجيريا» في القرن الرابع الميلادي هي أول من تحدث عن موكب الشعانين في موطنه الأصلي، وأكدت أن هذا الموكب ظهر أولا في أورشليم ثم أنتقل إلي كنائس الشرق، وفي وصفها للموكب شرحت كيف كانت كنيسة أورشليم تتشبه في طقوس هذا العيد بقصة دخول المسيح الانتصاري، فكان الأسقف الذي يمثل رب المجد يركب علي الجحش ويسير في وسط الشعب ويبدأ الموكب من كنيسة جبل الزيتون بعد ظهر سبت لعازر بينما يحمل الشعب سعف النخل وأغصان الزيتون هاتفين قائلين «أوصنا مبارك الأتي بأسم الرب» وبعد أن يطوف المدينة ينتهي الموكب بكنيسة القيامة، حيث يقيمون الصلوات والتسابيح في فجر الأحد ثم بعدها يقام القداس، ويؤكد هذا أيضاً العالم الألماني «بومتشارك».
وتابع: «كما أنه من الواضح أن الاحتفال بالموكب كان يبدأ بعد الظهر حيث كان الوصول للجلجثة يتوافق مع حلول الليل وهذا ما يذكر الإنجيل أن موكب رب المجد أستغرق اليوم بأكمله حتى أذا وصل إلى الهيكل في نهاية الموكب فنظر حوله إذ كان الوقت قد أمسي فخرج ليبت في بيت عنيا (مر11:11) وهذا ما كان يحدث حتى القرن الثاني عشر الميلادي، حيث كان الموكب يجول القري ليلا (يوم السبت مساءاً)».
وتابع: «يذكر العالم الألماني «بومشتارك» هذه العادة التي كانت جارية في مصر، خصوصاً في الريف، حيث كان يمثل المسيح في موكب الشعانين بصليب، ولقد أبطلت هذه العادة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر في زمن البابا مرقس الثالث الـ73 في بطاركة الإسكندرية».
ويضيف: «يذكر لنا الطقس البيزنطي أن المسيحين كانوا يزينون سعف النخل وأغصان الزيتون بالشموع وكانوا يحملون الشموع المضيئة بجوار السعف في موكب الشعانين».
وواصل: «لقد وصل طقس موكب الشعانين ومباركة السعف إلى كنيسة روما متأخراً جداً، إذ لم يكن هذا الطقس موجوداً خلال الألف سنة الأولي من الميلاد، لكن يذكر التاريخ أن مدينة «كارولينا» بفرنسا قد احتفلت به في القرن الثامن أو التاسع، كما أن هذا الطقس أصبح شعبياً جداً في كنيسة أنطاكية حيث توضح مخطوطة تعود إلى سنة 834م، أنه أحد أكبر الاحتفالات الكنسية حيث يجتمع الشعب للاحتفال بالعيد أما الكنيسة البيزنطية اليوم تحتفل بموكب الشعانين عقب انتهاء القداس الإلهي».
طقس إحضار البابا أو الأسقف بموكب
وتابع: «عندما تبدأ صلوات هذا اليوم العظيم ففي مساء يوم السبت، يقطع المسيحين السعف من الأشجار ويزيونها بالشموع، ويصعد الكهنة بملابسهم الكهنوتية وحاملين المجامر والشمامسة إلى قلاية البابا البطريريك أو الأسقف ويرتلون لحن الشعانين حتى يصلوا به إلى الخورس الأول».
من وضع طقس الجناز العام؟
وتابع: «عندما نعود إلى أقدم الوثائق القبطية القديمة نعرف أن أقدم مصدر معروف لدينا حتى الآن تكلم عن هذا الطقس يعود إلى منتصف القرن الحادي عشر في زمن البابا «خريستوذولوس» 1047 م – 1077م رقم 66 في تعداد بطاركة الإسكندرية، فنجد في قانونه رقم 11 نقرأ ما يلي، مضيفا: «وبعد فراغ القداس يوم أحد الزيتونة، يقرأ الإنجيل وترحيم الموتي بعد رسالة بولس المعروفة برسالة الموتى، ويقرأ بعد ذلك التحليل علي جميع الشعب، لأن الجمعة الكبيرة لا يجوز فيها تحليل ولا ترحيم ولا تجنيز إلي أن ينقضي عيد الفصح ولا يوجد لدينا حتي الآن أي مصدر أقدم منه يشير حتى لو بإشارة ضمنية إلي طقس هذه الصلاة وهذا يعد دليل أكيد أنها من وضع البابا «خريستوذولوس».
وواصل: «ثم من بعد القرن الحادي عشر الميلادي، وهو زمن حبرية البابا «خريستوذولوس»، بدأ الحديث في كتابات ابن سباع وابن كبر وغيرهما أن أسبوع البصخة يبدأ من يوم الاثنين، وليس يوم سبت لعازر وهذا ما ذكره أنبا ساويرس في كتاباته في القرن العاشر وهو أن وضع صلاة الجناز العام عقب قداس أحد الشعانين كتمهيد لأسبوع البصخة ونذكر أيضاً أن البابا «خريستوذولوس» أستطاع أن يمنع ممارسة عادة ليتورچية كانت تحدث من أيام البابا».