«قومى البحوث»: فحص التكلفة الاجتماعية للإرهاب كان ميدانيًا فى المناطق الأكثر تأثرًا
تحدثت الدكتورة هويدا عدلي، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية خلال فعاليات الجلسة الأولى للندوة الأولى للمشروع البحثي «تكلفة الإرهاب» بالتعاون بين المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ووزارة التضامن الاجتماعي.
وقالت إن فحص التكلفة الاجتماعية للإرهاب كان قائمًا على العمل الميداني في المناطق الأكثر تأثرًا به، ووقع الاختيار على 9 قرى في محافظة المنيا وقنا بواقع "3 بالمنيا 6 في قنا"، مبينة أن التصورات التي خرجت من المقابلات كانت ذات مؤشر مهم وظواهر لابد من التعامل معها والعلاج سيتخذ وقتا لأن المشكلة ممتدة.
وفحص هذا البحث التصورات الذهنية للمرأة والأقباط لدى الإخوان والسلفية، وقابلت مجموعة من القيادات للاطلاع على أفكارهم.
وأضافت أن النتائج أظهرت أن الموقف من المرأة في القرى أنها كائن يحتاج الإعالة والاهتمام، وأنها ليست كاملة الحقوق، فالحرمان من الميراث أمر طبيعي وانتشار الزواج المبكر الذي يعد سترًا للفتاة من وجهة نظرهم، وهو ما يفسر النظر حول حرمان تجاه المرأة فهناك فجوة نوعية تجاه المرأة ككل من تعليم وعمل وصحة وغيره.
وأظهرت النتائج أن فكرة العمل خارج البيت غير مقبولة من المجتمع، وهناك تزاوج بين الأفكار الاجتماعية القديمة والفكر المتشدد لأن جزءًا كبيرًا من هذه التقاليد ما زال موجودًا، وهو ما يؤشر على نقطة أزمة التحديث في هذه المجتمعات، سواء كانت مادية أو مجتمعية، وبالتالي أصبحت ساحة مفتوحة لانتشار الأفكار المتشددة بشكل كبير.
وأوضحت الدكتورة هويدا عدلي أنه فيما يتعلق بالأقباط، هناك من يصور القبطي على أنه ذمي أو أنه صاحب الثروة، ويجب أن يدفع الجزية، وهناك صور أخرى أظهرته على أنه تابع للدولة.
وأشارت إلى أن هذه المقابلات كشفت عن أمرين مهمين لهما أثر على التكلفة الاجتماعية للإرهاب، الأول هو فكرة الأثر السلبي على التماسك الوطني وعدم وجود ثقة بين أفراد المجتمع، والثاني هو إهدار قيم المواطنة والتعامل معهم على أنهم ناقصي الأهلية، وبالتالي هذه تكلفة اجتماعية شديدة الخطورة ولها انعكاسات على المجتمع؛ فمثلا ليس هناك اختلاط بين الفتيات والذكور.
وأضافت أنه بالنسبة للأقباط ليست هناك ثقة بينهم وبين المسلمين، وليست هناك تفاعلات اقتصادية من أي نوع، في الماضي كانت هناك شراكة اقتصادية، أما الآن فلا يوجد، الأمر الخطير أن هناك بعض القرى مثل "صفط اللبن" يعيش المسيحيون في مكان والمسلمون في آخر، فنتيجة الأحداث الطائفية والعمليات الإرهابية حدث حراك في المجتمع وأصبح كل طرف يعيش في مكان بعيد عن الآخر، وهذه المظاهر أثرت على الأطفال، فهم لا يدرسون في مدرسة واحدة، حيث إن الأقباط في مدارس تابعة للكنيسة أو خاصة والمسلمين يميلون للمعاهد الأزهرية، وهذه مظاهر لابد من الوقوف عليها.
وفيما يتعلق بأسباب التطرف، أوضحت أستاذة العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن الأدبيات لا تتحدث عن أن هناك علاقة مباشرة بين الإرهاب والفقر، فالكثير من المنخرطين في العمليات الإرهابية من الطبقة الوسطى وذوي تعليم عالٍ، ولكن التهميش الاجتماعي بيئة مواتية لظهور التطرف لتوفر عوامل الجذب بها البيئة الطاردة التي لا يوجد بها فرص اجتماعية أو اقتصادية، فالجماعات تنتهز هذه الفرص لجذب الشباب وتقدم لهم بديل لإشباع حاجات أساسية، وبالتالي هذه البيئات حاضنة للفكر الإرهابي.
وذكرت أن هناك أربع قضايا في التهميش الاجتماعي، هي البعد المكاني للإرهاب، مثلا المقارنة بين شمال سيناء والمنيا يتشابهان في أنهما أكثر المحافظات التى شهدت عمليات إرهابية وطائفية، المنيا نحو 6 ملايين نسمة، وشمال سيناء 450 ألف نسمة، شمال سيناء المنطقة المأهولة منها 7.24% في المنيا المنطقة المأهولة 7.5% من مساحتها، والباقي مناطق صحراوية وجبلية، وبالتالي الطبيعة القبلية في شمال سيناء والمنيا لها عامل، وكذلك المنيا بها أكبر تجمع مسيحي، وبالتالي البعد المكاني يجب وضعه في الاعتبار عند وضع خطط توزيع مشروعات التنمية وإعادة توزيع السكان.
وأفادت الدكتورة هويدا عدلي أنه عندما دشن الرئيس حياة كريمة هدفها تحقيق العدالة المكانية وهو أمر جدير بالاهتمام، ولكن هناك فجوة تنموية مركبة فليس ريف الوجه القبلي هو الأفقر في مصر، وفجوة في التعليم والعمل ومشكلة في الريف لصالح الحضر فهذه الفجوات تعمق الشعور بالتهميش وهو ما يمثل بيئة مواتية لانتشار التطرف، لافتة إلى أنه بمتابعة دور الجمعيات الأهلية نجد أن 43% في التسعينيات كانت تابعة لمساجد أهلية يسيطر عليها السلفيون، ولعبت دورًا في بناء آليات النفوذ، وكان النظام السياسي مبتعد في هذه الفترة.