تفاصيل دراسة «تحولات الخطاب القصصي في الفيلم السينمائي من أعمال حقي وإدريس»
ناقشت الإذاعية والباحثة سميرة أبو طالب، رسالتها بمرحلة الدكتوراه بعنوان "تحولات الخطاب القصصي في الفيلم السينمائي من أعمال يحيى حقي ويوسف إدريس.. دراسة تحليلية بين القصة والفيلم"، بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، بإشراف دكتور السعيد الباز أستاذ البلاغة بكلية دار العلوم.
وقالت الدكتورة سميرة أبو طالب، في تصريحات لـ"الدستور"، إن دراستها تعد هي أول تعاون علمي بين كلية دار العلوم وأكاديمية الفنون لبحث ما بين الأدب والسينما.
وتوصلت صاحبة الرسالة إلى عدد من النتائج ننشرها:"جاءت التأثيرات بين النصوص الأدبية والأفلام السينمائية متبادلة، ومنح كل فن للآخر ما يضمن له مقومات التجدد والاستمرار، وجاء اهتمامها مشتركا في البحث عن لغة جديدة يعبر بها الأدباء عن واقع الإنسان، ويقترب منه، وبالمثل كانت السينما في استخدام وسائلها التعبيرية التي تعبر عن هذا الواقع.
وشهدت بعض النصوص الأدبية اهتماما ملحوظا بالموروث وتوظيفه إبداعيا، وتابعتها السينما في إفراد مساحات كبيرة للتعبير عن الأشكال المختلفة منه، وقد ظهر ذلك بوضوح في فترة الستينيات، وما استوطن ساحتها من مظاهر هذا الاهتمام، الذي كان هدفه الأول هو امتلاك أذن الشعب والاقتراب من وجدانه، تتساوى في ذلك جميع الفنون ومن بينها الأدب والسينما.
تمثل الموازيات الفيلمية-بما تتضمنه من مقدمات تمهيدية، وملصقات دعائية- أهمية كبري في الكشف عن دلالات الأفلام، بمثل ما تفعل الموازيات النصية–التي تتضمن أغلفة النصوص والإهداءات..الخ – في الكشف عن دلالتها، ولابد من وضعها علي قدم المساواة في الاهتمام النقدي في تناول المشترك بينهما.
تتعدد مستويات اللغة في النص الأدبي، وتأخذ مسارات مختلفة، إلا أن الفيلم السينمائي يخفض تلك المستويات ويلجأ لوسائل تعبيرية خاصة به تسهم في تقديم إطار دلالي أرحب لما يقدمه النص الأدبي، وقد يكون العكس فيحدث تجريف للنص الأدبي، ويأتي حضوره في الفيلم السينمائي باهتا وهو ما سجله التناول النقدي في تلك الدراسة لفيلم "العسكري شبراوي" المأخوذ عن قصة" مشوار" ليوسف إدريس.
كل العناصر في النص الأدبي قابلة للاختيار، وفقا لرؤية المبدع السينمائي، والذي قد يبقي عليها جميعا، أو يختزل منها أحداثا وشخصيات، أو قد يضيف إليها، بما لا يغاير الخط العام للقصة، أو يحرفها عن مسارها. وليست هذه خصيصة تميز الأفلام المأخوذة عن نصوص يحيي حقي ويوسف إدريس فحسب؛ بل تنسحب علي كل الأفلام التي تعود بجذورها إلي أصل أدبي؛ إذ الفيلم هو قراءة إبداعية للنص، تتعدد فيه وسائل التعبير، وليس ترجمة حرفية له.
تتفاوت وسائل التعبير السينمائية عن دلالة النصوص الأدبية وفقا للتطورات التي دخلت السينما، ووسعت من نطاق تعبيرها؛ فقد سجلت نصوص الدراسة وسائل تعبير مختلفة تنوعت في الأفلام التي تم تصويرها بالأبيض والأسود، ثم مع دخول الألوان إلي السينما اتسعت قاعدة التعبير عن دلالات النصوص، وهكذا مع كل إضافة تكنولوجية تدخل إلي ساحة السينما، يمكن استثمار هذا التطور لصالح التعبير عن معانٍ كثيرة في النصوص الأدبية دون قيد.
الاهتمام باللغة وثراء التعبير عند يحيي حقي ويوسف إدريس منح الفيلم السينمائي قدرة كبيرة علي تطويع تلك اللغة لوسائل تعبيرية تنهل من الذاكرة العميقة للنص، وتصوغ من خلالها مفردات جديدة في اللغة السينمائية للتعبير عن دلالته، وتتسق تمام الاتساق مع مضمونه.
لغة السينما مثل لغة الأدب، تفسدها كثرة الاستعارات وتقلل من جودتها الفنية، تماما مثلما نجد في فيلم"حادثة شرف".
يشترك صناع الأفلام السينمائية موضع الدراسة مع مبدعي النصوص الأدبية المأخوذة عنها في استخدام الكنايات للمرور من عتبة "التابو"، كل بلغته ووسائله التعبيرية.