حقائق ربما لا تعرفها عن لقمان عليه السلام
هو لقمان بن ياعور ، وقيل بأنّه ابن أخت أيوب عليه السلام، أو ابن خالته، وقد كان لقمان عليه السلام من أهل سودان مصر وتحديداً من قرية نوبة حبشي الذين تميزوا بامتلاكهم بشرة سمراء وقدمين مشققتين، بالإضافة إلى شعرٍ مجعد. قيل أنّه كان خياطاً، والبعض يعتقد أنه عمل في مهنة النجارة أو الرعي، وعاش في الحقبة التي عاش فيها سيدنا داود عليه السلام قبل أن يُصبح نبياً. وحسب كتب التفسير أن لقمان كان أهون مملوك على سيده، ولكن الله تعالى منّ عليه بالحكمة فغدا أفضلهم لديه.
لقمان الحكيم كان رجلاً حكيمًا، ذُكر في القرآن وأطلق اسمه على سورة لقمان، وقد أوصى لقمان ابنه بوصايا خلدها القرآن ، قال تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ"
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمن عليه بالحكمة ".نودي بالخلافة قبل داود، فقيل له يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟
قال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعلت ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء.
فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها.
ومن القصص التي تدل على حكمته أنّه عندما جاء سيده يوماً بشاة فطلب منه أن يذبحها ويخرج منها أطيب مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب، ثم طلب منه أن يخرج أخبث مضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما. فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا.
وكان للقمان ولد فكان يحب أن يوصيه ويعلمه، ومن وصايا لقمان لابنه ما يلي:
- يا بني ! اختر المجالس ، فإذا رأيت المجلس يُذكرُ الله عز وجل فيه فاجلس معهم، فإنك إن تك عالماً ينفعك علمك وإن تك عييًّا يعلموك، وإن يطلع الله عز وجل إليهم برحمة تصبك معهم.
- يا بني ! اتخذ تقوى الله تجارةً، يأتيك الربح من غير بضاعة.
- يا بني ! إياك والكذب، فإنه شهي كلحم العصفور، عما قليل يقلى صاحبه.
- يا بني ! لا تأكل شبعاً على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من أن تأكله.
- يا بني ! لا تكن حلواً فتبلع، ولا مراً فتلفظ.
- يا بني ! لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة.
- يا بني ! اتق الله، ولا تُر الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر.
- يا بني ! ما ندمت على الصمت قط. وإن كان الكلام من الفضة كان السكوت من الذهب.
- يا بني ! اعتزل الشر كي يعتزلك، فإن للشر خلق.
- يا بني ! ارج الله رجاءً لا تأمن فيه مكره، وخاف الله مخافة لا تيأس بها رحمته.
- يا بني ! أكثر من قول : رب اغفر لي، فإن لله ساعة لا يُردُّ فيها سائل.
- يا بني ! إن العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله.
- يا بني ! جالس العلماء وزاحمهم بركبتك، فإن الله ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.
- يا بني ! إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة. فدارٌ أنت إليها تسير أقرب من دارٍ أنت عنها تباعد.
- يا بني ! إياك والدَّين، فإنه ذلُّ بالنهار ،همّ بالليل.
- يا بني ! لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك الحكماء.
- يا بني ! من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثر غمه.
- يا بني ! نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.