حكاية «ذكريات» التي غناها عبدالحليم حافظ بدلا من كارم محمود
هو العندليب الأسمر مداح القمر، الذي تسرب يتمه وحرمانه إلي أغنياته، ورغم هذا قاد ثورة في عالم الأغنية، فلم يعد الغناء قبل عبد الحليم كما كان قبله. وهو المطرب الذي تحلقت من حوله الأجيال، حتى أن إحدى معجباته ألقت بنفسها من شرفة منزلها عندما سمعت نبأ رحيل عبد الحليم حافظ، الذي تمر اليوم، 30 مارس، الذكرى الخامسة والأربعين على رحيله.
عبد الحليم حافظ كان فنانًا بمعنى الكلمة، لا هم له في الحياة سوى فنه، حيث كان مفتونا بالموسيقى والغناء. لقد ثابر وأخلص منذ كان طالبا بالمعهد العالي للموسيقى المسرحية، حتي وصل إلي مكانة رفيعة في تاريخ الغناء العربي، وكما قال الناقد الموسيقي كمال النجمي، إنه أصبح صاحب اللهجة الرابعة في الغناء العربي، إلى جانب لهجة أم كلثوم، ولهجة عبد الوهاب، ولهجة الكلاسيكيين الأوائل، وهي اللهجات الثلاث الرئيسية في الغناء العربي المعاصر.
وحول عبدالحليم حافظ بالموسيقار محمد الموجي، قال “النجمي”، إن الموجي الذي لحن لعبد الحليم حافظ أغانيه العاطفية الرومانسية، وفتح أبواب هذا اللون من التلحين لجميع من لحنوا بعده لعبد الحليم، كان قادرا علي التلحين لعشرات من المطربين والمطربات أقبلوا عليه بعد شهرته يطلبون ألحانه، فلم يستعمل في تلحينه لهم أسلوبه أو أساليبه في ألحانه لعبد الحليم حافظ، لأن أصواتهم غير صوته وطريقتهم غير طريقته جملة وتفصيلا.
ــ حكاية أول أغنية في مسيرة عبد الحليم حافظ الفنية “ذكريات”
في موسوعته التي عكف علي كتابتها لمدة ست سنوات، تحت عنوان “موسوعة أغاني عبد الحليم حافظ”، والصادرة عن دار الكرمة للنشر، يستهل الكاتب عمرو فتحي، الموسوعة بحكاية أغنية “ذكريات”، والتي قدمها عبد الحليم حافظ لأول مرة في العام ١٩٥١. الأغنية من تأليف محمود جبر، وألحان عبد الحميد توفيق زكي. الفرقة الموسيقية المصاحبة، فرقة الأنغام الذهبية بقيادة عبد الحميد توفيق زكي.
ويشير عمرو فتحي إلى أن: قدمت أغنية “ذكريات” لأول مرة في ٥ مارس ١٩٥١ بالإذاعة المصرية. لحنت في مقام الحجاز، مع حضور متميز للجيتار، والبيانو والآلات الوترية، والأبوا والمثلث. وسبق أن غناها عباس البليدي.
وكانت أغنية “ذكريات”، أول أغنية يغنيها عبد الحليم حافظ في حياته الفنية، كما أنه غناها باسمه الأصلي “عبد الحليم شبانة”. كان وقت غنائها عازفا للأبوا في الإذاعة، ومعتمدا كمغن منذ ١١ فبراير ١٩٥١، واستعان به الملحن والمايسترو عبد الحميد زكي توفيق لغناء الأغنية بدلا من كارم محمود الذي لم يستطع حضور تسجيل الأغنية.
وأضاف عمرو فتحي:"هذه الأغنية العاطفية هي بداية المرحلة التمهيدية في المشوار الفني لعبد الحليم حافظ، والتي امتدت من عام ١٩٥١ وحتي عام ١٩٥٣. اتسمت هذه المرحلة بغنائه للأغنيات القصيرة، ومشاركته في برامج غنائية للإذاعة المصرية، من دون أن يكون له دور يذكر في اختيار الكلمات أو الملحن، فقدم أغنيات عديدة لمجموعة كبيرة من الملحنين لهم مذاهب وأفكار موسيقية مختلفة".
ولفت إلى أن أغنية “ذكريات”، هي الأغنية الأولي ضمن ٢٤ غناها عبد الحليم حافظ من تلحين عبد الحميد توفيق زكي في الفترة من ٥ مارس ١٩٥١ إلي ٢٨ يوليو ١٩٥٤. وعبد الحميد توفيق زكي (١٩١٧ ــ ١٩٩٨ ) ملحن وقائد فرقة موسيقية. مؤسس فرقة الأنغام الذهبية. ومكتشف العديد من المواهب الفنية.
عمل عبد الحميد توفيق زكي مفتشا عاما للموسيقى بوزارة التربية والتعليم. أسس فرقة الفنون الشعبية عام ١٩٦٣. وكان رئيسا للجمعية المصرية للمؤلفين والملحنين.
أسس فرقة الأنغام الذهبية عبدالحميد توفيق زكي عام ١٩٤٠ بالإذاعة المصرية؛ لتقديم الأغنية الخفيفة الموزعة على إيقاعات التانجو، والرومبا، والفالس، وغيرها من القوالب الغنائية العالمية مثل السرينادة، وشارك بالغناء من خلال الفرقة عبد الحليم حافظ وكارم محمود وأحلام، ومن العازفين أحمد عبيد ومحمد حجاج، وتوقفت الفرقة نهائيا في نهاية الخمسينيات.