في ذكراه هكذا تخيل الشاعر روبرت فروست نهاية العالم والوجود البشري
حصل علي الميدالية الذهبية من الكونجرس الأمريكي، عن مسيرته الإبداعية ومجمل أعماله الشعرية، كما حظي بجائزة بوليتزر أربع مرات، في بداية رحلته الأدبية نشرت أعماله الشعرية لأول مرة في بريطانيا. إنه الشاعر الأمريكي روبرت فروست، والذي تحل اليوم ذكري مولده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1874 بمدينة سان فرانسيسكو، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
قال روبرت فروست ذات مرة: “القصيدة تبدأ بشفرة في الحلق”. والشجاعة هي القيمة الإنسانية التي تتطلب أقصي قدر من الجرأة للتصرف بناء علي معرفة محدودة. وقد قال أحدهم أن الشاعر كان حريصا علي معرفة كل ما قاله جميع من سبقوه من الشعراء.
يتميز شعر وحياة روبرت فروست بالتعارض مع أعمال شعراء القرن التاسع عشر والحداثيين مثل إليوت وباوند.ويعد شعره إمتدادا لمسيرة الشاعرة إيملي ديكنسون.
عاش روبرت فروست حياة متناقضة مع والده ويليام بريسكوت فروست الإبن، والذي توفي جراء إصابته بمرض السل وكان روبرت في الحادية عشر من عمره. ولم يترك له سوي ثمانية دولارات، وتوفيت والدته جراء إصابتها بمرض السرطان في العام 1900.
وفي رسالة الماجستير التي قدمها الباحث عبد الإله حسين عن البراجماتية والطبيعة في شعر روبرت فروست، يذهب عبد الإله إلي:" أبدع روبرت فروست لغة جديدة للشعر والتي لقيت رواجاً كبيراً، حيث إنه استعمل في شعره اللغة العامية البسيطة موظفاً النكات البديعية من استعارات وتشابيه وجناس وطباق، مما جاء معادلاً لتعريفه للشعر بأن تقول شيئاً وتعني شيئاً آخر، وأكثر أشعاره كانت تروي قصص المزارعين وعائلاتهم وقصص القرويين والعمال والرعاة، قصائد تبعث على البهجة والسرور، وأخرى تتحدث عن مآسي الحياة، ولكنها بلغة خالية من التكلف.
وظف روبرت فرست في شعره صوراً متداخلة مع مغزى قصائده موضحة نمط وفكرة القصيدة القائمة غالباً على شدة ملاحظة الشاعر لما يرى، ولما يدور حوله. كل قصيدة من قصائد فرست تحكي لنفسها مستعملة اللغة العفوية، سواء أكانت مكتوبة أم مقروءة مترجمة إلى عمل ذو فائدة، كما هو في قصيدة "قص العشب"، أو في قصيدة "قطف التفاح"، أو قصيدة "إصلاح الجدار"، وكل هذه القصائد نابعة من واقع الحياة اليومية للشاعر.
كما انبثق الكثير من قصائد روبرت فرست من تجاربه الشخصية، مثل: قصيدة "الخوف من العاصفة الثلجية"، وقصيدة "الهواء الدافئ". فالصوت والتشابيه بأنواعها هي التي تتكلم في قصائده.
وتعد قصيدة "الطريق التي لم تسلك"، من أهم وأشهر قصائد روبرت فروست، فضلا عن أنها من أبرز معالم الثقافة والأدب الأمريكي المعاصر، حتي أن شهرتها فاقت شهرة أية قصيدة أمريكية أخري، حتي أنها تصنف ضمن القصائد الأكثر تفضيلا واستحضارا واستشهادا خلال القرن العشرين.
كتب روبرت فروست وألف العديد من الدواوين والمجموعات الشعرية، نذكر من بينها: الطريق التي لم تسلك ــ فراشتي ـــ إطلاح الجدار ــ الدرب المهجور ــ التوقف عند الغابة في المساء ــ الجبل الفاصل الزمني ــ النار والثلج، وعن قصيدته الأخيرة المشار إليها “النار والثلج”، يذهب الناقد إبراهيم العريس أن فروست قد استلهم قصيدته من من “الكوميديا الآلهية” وفيها تخيل فروست كيف ستكون نهاية العالم والوجود البشري.
ويشدد “العريس” علي: ومن المفيد أن نذكر هنا أن فروست إنما نقل عن دانتي فكرة ارتباط النار بالرغبة والثلج بالكراهية... ما يعزّز فكرة ارتكازه إلى دانتي بصرف النظر عما زعمه شابلي بعد ظهور القصيدة بأربعين عاماً. مهما يكن فإن مؤرخ الأدب الأميركي جون سيريو كتب بدوره دراسة أكد فيها أن قصيدة فروست إنما هي في حقيقتها تكثيف واف لـ"جحيم" دانتي، مقيماً نوعاً من التوازي بين سطور القصيدة التسعة ومراتب الجحيم التي هي تسعة أيضاً لدى دانتي، مؤكداً أن الخط التنازليّ الذي تسير عليه البنية الإيقاعية للقصيدة يتلازم تماماً مع الخط الإيقاعي التنازلي لدى دانتي. من دون أن يكون في هذا أيّ دليل قاطعٍ على أية حال تماماً، كما ليس ثمة أيّ دليل على صحة ما زعمه شابلي.