باحث فى شئون الإرهاب لـ«أمان»: «داعش» يدعم فروعه فى إفريقيا ويوسع تهديده فى المنطقة
قال محمود سينجيز، الباحث في شئون الإرهاب والجريمة بجامعة جورج ميسون، إن «داعش» يمتلك امتيازات أكثر من القاعدة، لافتًا إلى أن الجماعات الجهادية في إفريقيا تفضل في الغالب أن تكون تحت راية داعش.
وأضاف سينجيز، في تصريحات خاصة لـ"أمان"، أنه منذ ظهور تنظيم داعش وتراجع الهجمات الإرهابية على نطاق واسع ومشابهة لتلك التي تم ارتكابها ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، ربما أدى ذلك إلى الشعور بالرضا من جانب الدول الغربية التي ترى أن خطر الإرهاب على أرضها منخفض، وأن الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب تعد ناجحة، حيث فشلت كل من القاعدة وداعش في القيام بهجمات ملحوظة في العالم الغربي منذ تلك الحادثة.
وتابع سينجيز أن المنظمتين الإرهابيتين حاولتا منذ سنوات رفع قدرتهما على القيام بهجمات قوية تذكر، مؤكدًا أن الفشل دفع المجموعتين للتنافس ضد بعضهما البعض لتوسيع نفوذهما في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، بينما فضلت بعض الجماعات في سوريا والصومال ومالي العمل تحت راية القاعدة.
ولفت إلى أن جميع الجماعات الأخرى في غرب إفريقيا وشمال إفريقيا وشرق آسيا والشرق الأوسط اجتمعت تحت راية داعش، مشيرًا إلى أن واحدة من أحدث الإضافات إلى "عائلة" داعش تعمل في موزمبيق، وهى تنظيم يعرف باسم «أنصار السنة» وهو مثال على كيفية استغلال داعش للأزمات المحلية والمظالم الاقتصادية والسياسية المستمرة للبلد من خلال تبني نموذج داعش للسيطرة على الأراضي واستخدام العنف العشوائي والوحشية لزيادة حجمه ونطاقه مقارنة بتنظيم القاعدة.
وأكمل «سينجيز» أن الحركات والجماعات الإرهابية وجدت أنها بانضمامها لداعش سيمكنها أن تتصدر أخبارها الصحف في جميع أنحاء العالم من خلال التعهد بالولاء فقط، موضحًا أنه نشر مقالة حول تاريخ موجز للإرهاب في موزمبيق، وكيف أصبحت جماعات جهادية مرتبطة بداعش لاعبًا مهيمنًا في الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وأشار الباحث فى الإسلام السياسي إلى أن موزمبيق عانت خلال عقود من الحرب الأهلية، وأدى الصراع إلى اضطرابات اقتصادية ومقتل أكثر من مليون شخص وتشريد آلاف الأفراد والعائلات، موضحًا أن قاعدة البيانات المحلية سجلت عدد هجمات الإرهاب العالمي بـ525 عملًا عنيفًا يمكن اعتبارها حوادث إرهابية بين عامي 1978 و2019، وسجلت قاعدة البيانات نفسها أربعة حوادث فقط بين عامي 2000 و2012، ومع ذلك فقد ارتفع عدد هذه الحوادث في عام 2013 واستمر خلال السنوات اللاحقة في موزمبيق.
وقال إن تنظيم داعش مع فرعه في موزمبيق يزيد من تهديد الجماعة الإرهابية للأمن الداخلي، حيث إن العدد الإجمالي التراكمي للهجمات الإرهابية في موزمبيق بين 2013 و2019، كما ورد في قاعدة بيانات الإرهاب العالمي، يعد مؤشرا خطيرا للغاية.
وأضاف أن الجماعات المسلمة في كابو ديلجادو، والتي تعهدت بالولاء لداعش، تسيطر على المقاطعة بالكامل، وهي مقاطعة شاسعة من الغابات ومخزونات معدنية هائلة، وكانت تعاني من مظالم اقتصادية وسياسية، وتعد كابو ديلجادو واحدة من أفقر المقاطعات في البلاد، وتعرض سكان المنطقة لسوء المعاملة من قبل الحكومة المركزية ويفتقرون إلى فوائد التنمية واسعة النطاق الأخيرة للموارد الطبيعية، بما في ذلك استثمارات الغاز الطبيعي الرئيسية، فكانت جميعها فرصا للجماعات الإرهابية تم استغلالها.
وإشار إلى أن الاعتقاد السائد هو أن الحكومة تخدم المصالح الاقتصادية لنخب البلاد بينما تتجاهل الطبقة الدنيا وتطردهم من أراضيهم، وقد تفاقم القوات العسكرية الحكومية المشكلة من خلال المبالغة في رد الفعل على المعارضة والرد بارتكاب أعمال عنف مقيتة ضد المدنيين، مما يؤدي بدوره إلى رد فعل عنيف من المجتمع.. وفي قلب المظالم المستمرة، يكمن الفساد الحكومي المستشري، ومن المعروف أن المسئولين الوطنيين متورطون في تجارة الأحجار الكريمة والحياة البرية والمخدرات غير المشروعة.
مردفا بأن الحكومة، بقيادة فريليمو، غير قادرة على التعامل مع التمرد في كابو ديلجادو، ويصف القضية بأنها حركة إرهابية يقودها الأجانب فقط وتتركز حول الإسلاميين، ويتجاهل تمامًا الأبعاد الاقتصادية للمشكلة التي تدفع الفقراء للانضمام للإرهاب من أجل الحصول على القليل من الدولارات أو الغذاء والأمن عبر السلاح لمقاومة المسلحين الذين يهجمون على مقاطعتهم من حين لآخر.
وقال إنه من «أنصار السنة» إلى «داعش» في موزمبيق، أعلنت الجماعات الجهادية في جميع أنحاء العالم الولاء للقاعدة أو داعش، وتدرك هذه المجموعات الأصغر أن مثل هذه التحالفات توفر لها مزايا متعددة، بما في ذلك زيادة الشعبية في مناطق عملياتها، وفرصة أكبر للتمويل وتجنيد المحتاجين، والاعتراف بها على نطاق أوسع.
وأشار «سينجيز» إلى أن بيانا للمعلومات الإحصائية سجل أن عددًا من الجماعات الجهادية انتمت إلى تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش في 2018 و2019 و2020، ما أعطى لداعش امتيازات أكثر من القاعدة، حيث تفضل الجماعات الجهادية في إفريقيا أن تكون تحت راية داعش بسبب امتلاك داعش قدرات أكبر في الوصول للعالم واستخدام الوسائل المختلفة.
وأكد أن من ضمن هؤلاء تم تسجيل الهجوم الأول لأنصار السنة، والمعروفين محليًا أيضًا باسم «حركة الشباب» في عام 2017، وبايعت الجماعة تنظيم داعش في عام 2018، وزادت قدرتها الإرهابية في السنوات التالية، وأقرت جماعة داعش الأساسية «أنصار السنة» بصفتها فرعًا تابعًا لها في أغسطس 2019.
وأوضح أن هدف أنصار السنة من الانتماء إلى داعش هو زيادة الوصول إلى الموارد وزيادة شعبيتها، ويمتلك فرع موزمبيق التابع لداعش علاقات أقوى مع القادة الرئيسيين، والذي يزود المجموعة الأصغر بالنصائح حول الاتصالات والتسويق والاستراتيجية، ويستخدم مسلحو داعش في موزمبيق تقنيات عملياتية أكثر مماثلة لتلك المستخدمة في التنظيم الأساسي.
وقال إنه في السنوات الثلاث الأخيرة انضم لأنصار السنة المقاتلون الأجانب، بمن فيهم التنزانيون والكونغوليون والصوماليون، وأصبح دورهم توريد التنظيم في بلادهم، ونتيجة لذلك يتوسع داعش في موزمبيق الآن التي تضم مقاتلين محليين يعانون من الفقر ويعيد توزيع الثروة في كابو ديلجادو، ومن جهاديين دوليين متمرسين يخضعون لتأثير أيديولوجية داعش الأساسية ويقومون بنشرها في دول الجوار.