خبير لـ«أمان»: 11 سبتمبر أكبر دعاية عالمية استفادت منها الجماعات الإرهابية
قال أحمد جاريد، المحاضر في الصحافة والسياسة والاتصال بجامعة شيفيلد فى بريطانيا، إن العالم يحتفل الآن بالذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر، لافتا إلى أنه من المهم التفكير في الإرث الذي خلفه ذلك الحادث لاحقا في حرب العالم على الإرهاب، وما صنعه من اختلاف في تغطية وسائل الاعلام المختلفة تجاه الإرهاب.
وأضاف جاريد، فى تصريحات لـ"أمان"، أنه على الرغم من أن الإرهاب الآن مختلف عما كان عليه منذ قرن، لكن بلا شك أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت الطريقة التي حولوا بها الإرهاب إلى سمة شبه ثابتة في دورة الأخبار اليومية، فتعرف كل العالم عليهم في زمن لم يكن هناك وسائل تواصل اجتماعي أو انفتاح إلكتروني كالذي نحن فيه الآن.
وصرح جاريد بأن هناك علاقة تكافلية بين وسائل الإعلام والإرهاب، حيث إن الإرهاب على الرغم من أن وسائل الإعلام تنشر أخبار الجماعات المتطرفة بكلمات مناهضة، إلا أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة تجد في ذلك غايتها أيضا، حيث إنها وسائل إضافية للترويج لهم ووسائل لإظهار قدراتهم وقوتهم واستمراريتهم، وبها يتم جذب عدد كبير من الأفراد الذين يمتلكون غايات مشابهة، مشيرا إلى أنه بالنسبة للإرهابيين توفر التغطية الإخبارية إحساسًا بالشرعية وأكسجين الدعاية الحيوية لقضيتهم، ومن ضمن هذه الأحداث كان حادث 11-9.
وتابع أن توقيت الهجمات على مركز التجارة العالمي أتى بالتزامن مع جداول الأخبار الصباحية في جميع أنحاء أمريكا، والذي استغله الإرهابيون بطريقة ذكية عندما أخذوا في الاعتبار تأخير المدة بين الضربتين 17 دقيقة، محققين بذلك أقصى قدر من الدراما والتأكد من أن أطقم كاميرات الشبكة لديها الوقت للتركيز على الأحداث، ليصبح الحدث مباشرة أمام كل أنحاء العالم.
وتابع أن هذا اليوم هو إصابة دائمة من الصعب نسيانها، فالجماعات الإرهابية تعتمد على نشر الرعب في قلوب أعدائها، وهو ما استطاعت تحقيقه في ذلك اليوم، فلقد نشرت الرعب في العالم الغربي أجمع بضربة واحدة هدمت أكبر مركز تجاري في العالم والبنتاجون، وتسببت في قتل الآلاف، وكسرت هالة الأمن الأمريكي والمطارات والطائرات والإعلام والدراما.
وأكد أن الإعلام تعامل مع الإرهاب بشكل غبي قليلا، فكما ذكرت سابقا، الإعلام ووسائله المختلفة تحقق للإرهاب غايته عبر نشر أخبار يومية عما يرتكبه الإرهابيون، وهي وسيلتهم للبقاء وصوتهم الذي يقول «ها نحن هنا، لا نزال هنا، وعلى الجميع الخوف منا»، وتطبيق شعور دائم بأن الحكومات في العالم عليها أن تكون في حالة تأهب دائم وانتظار أي عمل إرهابي والسعي لوقف أي مخططات إرهابية.
ففي السنوات الحالية والماضية، ومنذ ظهور «داعش»، روّج الإعلام للإرهاب أكثر مما استطاع الإرهاب نفسه الترويج لنفسه، ففي حادثة قطع الرقاب وحرق الأحياء ورمي آخرين من أعلى المباني، فى ليبيا وسوريا والعراق ومصر، والتفجيرات الانتحارية والطعن والدهس في أوروبا وأمريكا وغيرها، وسيطرة الموالين لداعش والقاعدة في إفريقيا على أماكن هامة وحيوية، جميعها كانت أخبارا وصلت للعالم عبر وسائل الإعلام وليس عبر الإرهابيين فقط، فالناس لا تذهب للبحث عن مواقع الجماعات الإرهابية، والوصول إليها ليس سهلا، بينما من السهل أن تفتح هاتفك المحمول فتجد خبرا كامل التفاصيل عن حادث إرهابي شنيع.
وأشار إلى أن الإرهابيين يرتكبون جرائم لا تمت للإنسانية بشيء، وتكون قمة في البشاعة، ونشر ذلك هو غاية تعزز فخرهم بجرائمهم وتطبيق أفكارهم التي تهدف لترهيب وتخويف الناس منهم، وأنهم يمتلكون قوة قادرة على نشر الخوف في القلوب.
وأكد أنه خلال أبحاثه وجد أن كلمة إرهابي وعبارات الإرهاب زادت في العالم أضاعفا مضاعفة أكثر من أي جرائم أخرى حدثت في العالم، فعلى سبيل المثال الهجمات اليسارية أو اليمينية التي حدث في السبعينيات والثمانينيات لا صدى لها رغم بشاعتها.
وتابع أن وسائل الإعلام المختلفة لم تكتفِ فقط بالحديث بشكل يومي وعلى مدار اليوم عن الجماعات الإرهابية، بل بعض الوسائل الإعلامية قامت بمحاورة ولقاء واستضافة قيادات وأفراد ذات صلة بالإرهابيين، فعلى سبيل المثال أحد الصحفيين الأمريكيين قام بعمل حوار صحفي مع محمد الجولاني، وهو أحد أفراد تنظيم القاعدة السابقين، ويتزعم الآن هيئة تحرير الشام.. وهناك قنوات أخرى عربية وأجنبية تحاور وتسعى لمحاورة قيادات وأفراد من داعش وطالبان والقاعدة وبوكوحرام وغيرها، وكخبير إعلامي أؤكد أن هذه الأشياء جميعها في صالح الإرهابيين أكثر من أي شيء آخر.