فى ذكرى أحداث 11 سبتمبر.. أربع محطات وعشرة ملامح لمشهد الإرهاب العالمى (دراسة)
في أحدث إصداراته البحثية يقدم الكاتب والخبير السياسي الدكتور هاني نسيرة قراءة تشريحية في مسار عشرين عاما مرت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 في دراسة بعنوان "عقدان على أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. أربع محطات وعشرة ملامح لمشهد الإرهاب العالمي" نشرها مركز تريندز اليوم الخميس 9 سبتمبر، قبل حلول الذكرى العشرين لأحداث سبتمبر بيومين.
تتميز هذه الدراسة بتحليلها الدقيق والمرحلي لتطورات مشهد الإرهاب العالمي، وتغيراته وتطوراته سواء على مستوى جماعات التطرف والتطرف العنيف أو مشهد الحرب على الإرهاب، بدءا من أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وحتى عامنا الحالي 2021.
استهل الكاتب دراسته التي أصدرها "مركزتريندز للبحوث والاستشارات" بمقدمة سلط فيها الضوء على أحدث مشاهد التحول الكبير الذي شهده الإرهاب العالمي حاليا وهو إعادة سيطرة تنظيم طالبان على أفغانستان من جديد في 15 أغسطس 2021، والذي سبقه انسحاب أمريكي من هناك بعد أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة خارج أراضيها. الأمر الذي حفز شهية العديد من المنظمات الإرهابية الأخرى على العودة إلى ميدان الإرهاب في أفغانستان وغيرها من بلدان المنطقة، مثل تنظيم داعش والقاعدة بفروعها المختلفة.
كذلك تطرقت الدراسة أيضا إلى استعراض مراحل تطور الإرهاب في العقدين الماضيين، والتي جاءت على أربع محطات، أولاها عقد صعود الإرهاب وانتشاره تنظيميا وفكريا والتي امتدت في الفترة الزمنية (2001 – 2011)، والتي شهدت تطويرا نوعيا للتنظيمات الإرهابية ونشاطها.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة وسيطة بين الانكماش والتوثب، وأرخ الكاتب لبداية هذه الفترة بمقتل أسامة بن لادن في مايو سنة 2011، وتولي الظواهري خلافته، إضافة إلى العديد من المستجدات على الساحة العربية والعالمية. أما المرحلة الثالثة فهي داعش وعودة الدولة والعدو القريب بعد عام 2013 والتي أشار فيها الكاتب إلى تأزم القيادة المركزية مما أضعف قدرتها على عمل عمليات كبيرة كما كان في العقد السابق، إضافة إلى الاضطرابات التي شهدتها بعض بلدان الشرق الأوسط والتي سهلت مهمة تنظيم داعش في التمدد والانتشار، أما المرحلة الرابعة فكانت استشرافية حول عودة طالبان وتأثيراتها على مشهد الإرهاب العالمي.
ويؤكد هاني نسيره بعد أن يرصد حصاد الإرهاب في عشرين عاما، تنظيمات وعمليات، أن عقدين من الزمن والحرب على الإرهاب، لم ينهيا حالة التطرف والتطرف العنيف، التي تظل تدير دوائر الخطر، وأن الخطر زاد مع العودة لمفهوم العدو القريب وتصاعد التركيز على إقامة الدولة، واستهداف الأنظمة الحاكمة.
وفي محاولة لوصف ملامح الجهاد العالمي خلال الفترة الزمنية محل البحث؛ رصد الكاتب عشرة ملامح للمشهد الجهادي العالمي، جاءت كالتالي:
الملمح الأول: عودة الجماعات الجهادية القطرية من طالبان إلى ليبيا وسوريا وفيه أشار الكاتب إلى ملمح عودة تقديم العدوالقريب على العدو البعيد، كما جاء في بداية تأسيس التنظيمات الجهادية، مثلما يفعل تنظيم داعش وفروع تنظيم القاعدة الجديدة. الملمح الثاني: انتشار ظاهرة الانشقاقات وصراع الجهاديات وفيه تم استعراض ظاهرة انتشار صراع الجهاديات أو الجماعات الإسلامية المقاتلة، وقتال بعضها بعضا، وتمت الإشارة إلى أنه بالرغم من وجود سوابق له في مرحلة ما بعد الجهاد الأفغاني، أو في مرحلة أخرى، لكنه تصاعد خلال السنوات الماضية، بسبب نشاط الغلواء والتكفير للمخالف.
وتمثل الملمح الثالث في اشتداد الصراع الطائفي الجهادي والذي أكد فيه الباحث أن الطائفية توفر وقودا مشتعلا لكثير من الجماعات الدينية المسلحة، وأشار لنماذج مختلفة في العراق وإيران. وجاء الملمح الرابع: اختفاء مسألة المراجعات والأزمة النظرية وفيه شدد الكاتب على خطورة غياب عملية المراجعات التي سبق وأن هدأت من وطأة الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية وفككت الكثير من أيديولوجياتها المتطرفة، أيضا الملمح الخامس: تحولات عنفية جديدة (حركة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا)، وفيه بدأت جماعة الإخوان تقوم ببعض العمليات النوعية المسلحة على يد بعض الجماعات المسلحة المنتسبة لها كرد فعل لتقلص دورها وحضورها في المشهد السياسي في دول الشرق الأوسط.
الملمح السادس: توظيف بعض الدول للإرهاب استعرض فيه الكاتب استراتيجية توظيف بعض الدول المؤثرة إقليميا للتنظيمات الإرهابية من أجل تحقيق مصالحها السياسية والاستراتيجية . الملمح السابع: أزمة سقوط يوتوبيا الإسلاميين وتم الإشارة فيه إلى حالة النفور من التيارات الإسلامية المتطرفة والمتشددة التي يعيشها الكثير من شعوب البلدان التي تأثرت بموجات الإرهاب المختلفة، الملمح الثامن: دخول الحركات الصوفية الساحة الجهادية ولاحظ في الكاتب أنه خلال العقد الثاني بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي سياقات التوحش والفوضى الوطنية، نشأت حركات جهادية دينية من خلفية غير السلفية الجهادية، مثل نشأة وظهور ما عرف بجيش الطريقة النقشبندية في العراق.
الملمح التاسع: الاستراتيجية الصلبة وأزمة الرمز وفيه تم الإشارة إلى أن استهداف قيادات التنظيمات المتطرفة خلال العقدين الماضيين كان له تأثيره الكبير على تنظيمات الإرهاب المعولم والقطري، وظهور جيل جديد يعاني من أزمة الرمز والتأثير والرابط، وأخيراالملمح العاشر: يقظة دولية في تجفيف روافد الإرهاب وتطرق الكاتب هنا إلى حالة الصحوة التي يشهدها العالم حاليا في مواجهة الإرهاب وتسخير كل الإمكانيات الممكنة لمواجهته وهزيمة.
وفي الختام يطرح الدكتور هاني نسيره خلاصاته واستنتاجاته حول المشهد المرتبك للإرهاب ومراوحته بين الانكماش والانفجار في عدد من المناطق في العالم..