هكذا وظف «الإخوان» «كوفيـد-19» لجمع أكبر قدر من التبرعات
في الدراسة الصادرة عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات بأبو ظبي، بعنوان "خطر جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا: استراتيجية التغلغل، وأدوات التمويل، وإجراءات المواجهة"، من تأليف الباحثين: د. وائل صالح، خالد أحمد عبد الحميد، د. فتوح هيكل، د. أشرف العيسوي. ترصد الدراسة مصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية في أوربا٬ والتي تعتمد علي العديد من من الأدوات في تمويل أنشطتها٬ والتي رصدتها الدراسة في هذه المصادر:
١ ــ البنوك والمصادر وشركات توظيف الأموال ذات الطابع الإسلامي
يعد بنك "التقوي" الذي تأسس عام 1988 من قبل قياديين من جماعة الإخوان أبرزهم رجل الأعمال "يوسف ندا"٬ أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية٬ حيث سبق للجماعة أن اعتمدت عليه في تمويل أنشطتها. وقد قام "ندا" بدمج أمواله مع أموال صديقه "غالب همت" أحد أهم قيادات جماعة الإخوان في أوروبا٬ حتي يزداد رأسمال البنك٬ وبالفعـل اسـتطاع البنـك تحقيـق مكاسـب كبيـرة في سـنواته الأولي وأصبـح نـدا شـخصية مرموقـة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبـا. ويقـع مركـز البنـك الرئيسي في جزيرة "ناسو" في جزر البهاما المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية.
2- الاسـتثمار فيما يسـمى «تجـارة الحلال»
والتـي مـن خلالها راكمـت الجماعـة رأسمالها علي مـدار العقـود الماضية بعيـدًا عـن أي رقابـة قانونيـة أو حتـى مسـاءلة داخليـة، خاصـة أن هـذه التجـارة بفروعهـا المختلفـة، مـن أغذيـة وسـياحة، فـوق أنهـا تلبـي احتياجـات الشريحة الأكبر من المسـلمين حـول العـالم، فإنهـا تنمـو بشـكل متسـارع، فعـى سـبيل المثال، فـإن التقديـرات العالمية تشيـر إلي أن القيمـة السـوقية للأغذيـة الحلال في أنحـاء العـالم كله عـام 2017 بلغـت 1.4 تريليـون دولار أمريكي ومـن المتوقـع أن تصـل إلي 2.6 تريليـون دولا ر أمريكي عـام 2023. هـذا وتشـهد السـياحة الحلال تناميـًا كبيـرًا أيضـًا، فوفقـًا لمؤشر السـفر الإسلامي العالمي (GTMI) مـن المتوقـع أن تقفـز مساهمة قطـاع السـفر الحلال في الاقتصاد العالمـي مـن 220 مليـار دولار أمريكي عـام 2020 إلي 300 مليـار دولار أمريكي بحلـول عـام 2026.
ولاشـك أن ارتفـاع القيمـة السـوقية للتجـارة الحلال بأنواعهـا المختلفـة تجعـل منهـا أحـد الاسـتثمارات الرابحـة لجماعـة الإخـوان المسـلمين في أوروبـا؛ حيـث توجـد جالية مسـلمة كبرة تهتـم بالمنتجـات الحلال، وهـذا لاشـك يـدر على الجماعـة أمـوالا ً طائلـة. فعـى سـبيل المثـال يديـر «اتحـاد المنظـمات الإسلامية بفرنسـا» الـذي يعـد الممثـل الشرعي للإخوان المسلمين فيهـا، العديـد مـن الأنشـطة بما فيهـا ذات الطبيعـة الاقتصاديـة؛ حيـث يسـتفيد مـن عائـدات «التجـارة الحلال» المنتشرة علي نطاق واسع في المدن الفرنسـية التـي تحتضـن أكثـر مـن ثمانية ملايين مسـلم، وحسـب دراسـة عهـد سـيليس (Silis)، صـادرة عـام 2009، فـإن حجـم التجـارة الحلال في فرنسـا يقـدر بخمسـة مليـارات ونصـف مليـار يـورو، بينما ذكـر تقريـر لمنتـدى الحلال العالمي، حسـب مـا نقلتـه صحيفـة لومونـد عـام 2010، أنهـا لا تقـل عـن 12،2 مليـار يـورو27، وحسـب لجنـة التحقيـق التابعـة لمجلـس الشـيوخ الفرنسي فـإن التجـارة الحلال تغطـي سـتة مليـارات يـورو في فرنسـا وحدهـا؛ مـا يعنـي أن هـذه التجـارة تتوسـع وتنمـو بشـكل متزايـد، وتشـكل واحـدة مـن القطاعـات الحيويـة التـي تسـتثمر فيها جماعة الإخوان المسلمين أموالها٬ خاصة في أوروبا.
3- أمـوال التبرعـات مـن الجمعيـات الخيرية:
تعتمـد جماعة الإخوان المسلمين بدرجـة كبيرة علي الجمعيـات والمؤسسـات الخيريـة التابعـة لهـا في العديـد مـن دول العـالم في الحصـول عـى التمويـل، وذلـك مـن خلال تلقـي التبرعـات المالية وإرسـالها إليهـا. وقـد أكـد ثـروت الخربـاوي، القيـادي الإخـواني السـابق، أهميـة الأمـوال التـي تـأتي مـن الخـارج في دعـم الجماعـة، بالقـول: «إن الجماعـة تعتمـد عـلى الجمعيـات الخيريـة في الخـارج كأنبوبـة جمـع الاشتراكات الرئيسية" واصفـًا إياهـا بأنهـا «المنبـع الرئيسي للأموال والاشتراكات والتبرعات".
وهنـاك العديــد مــن الجمعيــات الخيريــة التابعــة لجماعــة الإخــوان المسلمين في العديد من الدول الأوروبية؛ ففـي بريطانيـا علـى سـبيل المثـال يعمـل منتـدى الجمعيـات الخيريـة الإسلامية كمظلـة دعـم وتمويل لــ 10 جمعيـات خيريـة كلهـا تنتمـي إلي جماعة الإخوان المسلمين، ويضـم هـذا المنتـدى عـددًا مـن المننظـمات غيـر الحكوميـة مـع أعضـاء مـن منظمـة الإغاثـة الإسلامية، ومنظمـة العـون الإسـلامي، ومؤسسـة الأيدي المسـلمة، وهيئـة الأعمال الخيرية٬ ومؤسسة الإغاثة الإنسانية٬ ومنظمة المساعدة الإسلامية٬ والجمعيــة الخيريـة، وجمعيـة الأيتـام المحتاجـين، ومؤسسـة الإمـداد. كما أن مؤسسـة الإغاثـة الإسلامية التي تتخذ مـن لنـدن مركـزًا رئيسـيًا لهـا، والتـي أُنشـئت في عـام 1984 في مدينـة برمنجهـام مـن طـرف كـوادر التنظيـم الدولي للإخـوان المسـلمين وقياداتـه، وفي طليعتهـم إبراهيـم الزيـات، وهـاني البّنـا، ورجـل الأعمال المصري الأصل البريطاني الجنسية عمر الألفي، تقـوم بـدور رئيسي في جمـع التبرعات المالية للجماعة.
وتؤكد الدراسة: وتعتمـد جماعـة الإخـوان المسـلمين علـى هـذه الجمعيـات في تلقـي التبرعـات، وقـد سـعت إلي توظيـف جائحـة «كوفيـد-19»، لجمـع أكـبر قـدر مـن التبرعـات؛ بحجـة إنفاقهـا عـى مسـتلزمات الوقايـة مـن الفيـروس أو دعـم مخيـمات اللاجئين٬ وغيرها من الدعايـة التـي تقدمهـا الصفحـات الإعلامية للمؤسسـات الخيريـة، حيـث قـام العديـد مـن المواقـع الرسـمية لمنظمات الإخوان في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية٬ بوضع اسـتمارة أوليـة قبـل البـدء في التصفـح، تدعـو إلي التبرع لتمكين المؤسسة مـن مواجهة فيـروس كورونـا، كما توضع فيها القيم المعتبرة للتبرع عـن طريـق وسـائل الدفع الإلكتروني.
4. شركات الــ «أوف شـور»:
وهـي مؤسسـات ماليـة خارجيـة تعمـل في جـزر قريبة مـن أوروبا، مثل جـزر البهامـا وجرسي وكايمان، وترتبـط هـذه الجـزر عـن كثـب بالعواصـم المالية والسياسـية الكبري، وتعـد هـذه الشركات بمنزلـة ملاذات آمنـة لإيـداع أمـوال الأثريـاء أو تلـك الناتجـة عـن الفسـاد والجريمـة المنظمـة. وقـد نجحـت جماعـة الإخوان المسلمين منـذ أوائـل الثمانينيات من القرن العشرين في بنـاء هيـكل متين مـن شركات الــ «أوف شـور» بالتـوازي مـع نمـو ظاهـرة البنـوك الإسلامية، ومـن خلال هـذا الهيـكل تمكنـت مـن إخفـاء الأمـوال ونقلهـا عبـر العالم.
واللافـت للانتبـاه أن هـذه النوعيـة مـن الشركات تنتنشر في جـزر فرجـن البريطانيـة، وجـزر كايمـان، وسـويسرا وقبـرص، وقامـت الجماعـة بتسـجيل هـذه الشركات بأسماء بعـض القيـادات الإخوانية في الغـرب، ومـن أبرزهـم إبراهيـم كامـل مؤسـس بنـك دار المال الإسلامي «دي إم إي»، وشركات الــ «أوف شـور» التابعـة لـه في «ناسـو» بجـزر البهامـا، وهنـاك يوسـف نـدا وغالب همـت ويوسـف القرضـاوي أيضـًا في بنـك التقـوى في ناسـو، وإدريـس نصـر الديـن مع بنـك "أكيدا الـدولي" في ناسـو أيضا. ولعـل مـا سـاعد الجماعـة في إخفـاء أموالهـا عن طريـق شركات الــ «أوف شـور»، هـو أن هـذه الشركات تحتـاج إلي وجـود مقـر، وعـادة مـا ترتبـط بالاقتصـاد السري، والتهـرب مـن الضرائـب، وإخفـاء مصـادر أمـوال عملائهـا.
لقــد أدركــت جماعــة الإخــوان المسلمين منــذ وقــت مبكــر أهميــة الاندماج في الاقتصــاد الأوروبي واسـتغلت الثغـرات الموجـودة فيـه في تعظيـم إمبراطوريتهـا المالية، ويتخـذ هـذا الاندمـاج أشـكالا ًعديـدة، كالاسـتثمار في شركات الــ «أوف شـور»، مـا يتيـح لهـا تقديـم التمويـل لرجـال الأعمال التابعين لها في الدول الأوروبية، لإقامـة مشروعـات فيهـا، ومـن ثـم الحصـول على أربـاح هـذه المشروعـات. وقـد نجـح العديـد مـن رجـال الأعمال التابعـين للجماعـة في تكويـن ثـروات ضخمـة تضعهـم في خانـة أصحـاب المليارات الذيـن تربطهـم علاقات قويـة ذات طابـع تجـاري مالي مـع عـدد مـن الشركات والمؤسسات الرأسمالية الكبري في العالم.