قصة حوار لم ينشر بين طه حسين وطالب إخواني حول إعادة الخلافة الإسلامية بجامعة القاهرة.. فيما بعد اتضح أنه السندي
حكايات ربما لا يعرفها الكثيرون٬ سجلها ثروت الخرباوي في المسلسل الإذاعي "التنظيم السري"٬ عن عبدالرحمن السندي، قائد التنظيم العسكري السري الذي أسسه حسن البنا٬ الذي قضى عامه الدراسي الجامعي الأول بكلية الآدب جامعة القاهرة، ولكنه رسب٬ بعدما تفرغ للتدريب على العمليات الإرهابية٬ وكان ضمن ثلاثة طلاب فقط من الراسبين في هذه الدفعة.
في هذا العام الدراسي كان الدكتور طه حسين عميدا لكلية الآداب٬ وكان يدرس في ذات الكلية عبدالحكيم عابدين، زوج ابنة حسن البنا٬ والمشهور بفضائحه الجنسية المشينة مع بنات وزوجات أعضاء الجماعة.
كما كان للعميد تلميذة نجيبة شغف "السندي" حبا بها٬ وفي أحد اللقاءات التي جمعته بالعميد عقب رسوبه٬ سأله الأخير قائلا: "أنت من الإخوان لماذ لم أسمع عنك أثناء العام الدراسي؟٬ فيجيب: ظروف أسرية منعتني من الانتظام في الدراسة٬ ويرد الأول: فما بال ظروفي أنا لم تمنعني من الدراسة٬ أأنت أحد الثلاثة يا فتي، يقصد الثلاثة راسبين في ذلك العام الدراسي من الدفعة كلها؟ فيجيب السندي: ويمكن كمان مقدرش أكمل الدراسة بعد كده".
طه حسين: غريبة.. صوتك يكشف طموحك ونتيجتك تكشف ظروفك٬ وما بين الطموح والظروف يعيش الإنسان٬ ولكن قل لي يا عبدالرحمن ماذا تريدون في الإخوان، عن أي شيء تبحثون؟
السندي: نبحث عن الإسلام٬ ويقول حسين: هل أخبرك بعضهم بأن الإسلام ضاع فوجب أن نبحث عنه؟ ليرد: لأ لكن الإسلام مش مطبق، فيسأل حسين: هل تعرف يا فتى ما هو الذي لم نطبقه من الإسلام٬ فإننا لم نطبق الإسلام في سلوكنا وأخلاقنا وعلاقاتنا٬ لم نطبق الإسلام عندما أمرنا بإتقان العمل٬ وتعمير الأرض٬ فهيا إلى الذي لم نطبقه فطبقوه أنتم.
فيجادل السندي: لا يا سيادة العميد فيه حاجات تانية٬ يعني مفيش خلافة إسلامية٬ مفيش جلد أو رجم للزاني والزانية٬ والناس في بلدنا بتشرب الخمر ومفيش حد لقطع يد السارق.
طه حسين: هل تعلم يا فتى أنه أثناء قيام الخلافة التي تقول عنها "إسلامية" كانت هذه الجرائم التي تتحدث عنها ترتكب دون إقامة حدود٬ بل خذ المفاجأة٬ لقد كانت هذه الجرائم ترتكب من كثير من الخلفاء أنفسهم.
السندي: إحنا محتاجين خلافة زي الخلافة الراشدة.
طه حسين محاولا إقناعه: إذا أردتم ذلك فابحثوا أولا عن تحقيق مقاصد الشريعة في أنفسكم٬ فكيف تعود الخلافة على شكل الخلافة الأولى وأنتم تخاصمونها في مقاصدها ستكون آنذاك يا فتى كبيت العنكبوت".
وفي لقاء ثانٍ جمع طه حسين ولطفي السيد رئيس جامعة القاهرة وقتها- أول من عارض التبعية السياسية للأتراك- وعبدالحكيم عابدين وعبدالرحمن السندي٬ وعندما رأى لطفي السيد الطالبة حكمت سأل طه حسين: هل سمعت عن هذه الجماعة من قبل لكن هل البنا يؤمن بحقوق المرأة؟! فيضحك حسين مجيبا: هذه تلميذتي حكمت محمدين ولقد التزمت الصمت لكي تتعلم٬ فنصف العلم في الاستماع أما النصف الآخر فهو في إعمال العقل.. ويواصل تعريفه ببقية الحضور: الكبير كان من تلاميذي (يقصد عبدالحكيم عابدين) ولكنه لاذ بالفرار وذهب للبنا٬ عرف بنفسك يا عبدالحكيم قد جاءت لك الفرصة كي تتحدث مع أستاذ الجيل ورئيس الجامعة الدكتور أحمد لطفي السيد.
فيرد عابدين: أسمح لي أقول لك الإسلام مش مجرد قرآن وسنة وبس٬ الإسلام تطبيق عملي للي في القرآن والسنة، فيسأله السيد: وما هو التطبيق الذي يرشدك إليه مرشدكم؟ أنا سمعت إنكم عاوزين تستعيدوا الخلافة.
طه: لا يا سيدي الرئيس هذا خطأ٬ إنهم لا يريدون استعادة الخلافة فقط ولكنهم أيضا يريدون استعادة الأندلس.
السيد: استعادة الأندلس!٬ تقصد احتلال الأندلس٬ وهل كان ذهاب العرب لأوروبا إلا احتلالا؟! الذي استعاد الأندلس يا رجل هم أصحاب الأندلس وما كان العرب إلا غزاة.. فيتدخل السندي وعابدين صارخين في نفس واحد: هذا كلام كفر٬ فيرد السيد مستنكرا: كفر.. وهل تعلم يا بني ما هو الكفر.
ما إن ينصرف الطلبة الثلاثة، حكمت وعابدين والسندي٬ حتى يهرول الأخير وراء حكمت ليلحق بها٬ متسائلا: لأننا قلنا إن كلام لطفي السيد كفر فلا تريدين سماعي؟ فترد: مش بس كده لكن عشان إنت مش عاوز تفهم وبتصدر أحكام وتتهم وإنت مش فاهم بتتهم مين؟ ده الدكتور أحمد لطفي السيد فيلسوف العرب وأستاذ الجيل.
فيقول السندي: وهييجي إيه قدام الإمام حسن البنا٬ فتسأله مستهجنة: مش عارفة إنت مفتون بيه ليه؟ فيقول لها: البنا ده مش بتاعي٬ البنا ده بتاع الإسلام٬ البنا قرآن ماشي على الأرض.
فترد بسخرية: ما تقول كمان إنه نور من عند ربنا أرسله الله من السماء عشان ينور الأرض٬ ويجيبها بأيمان شديد: هو كده فعلا.