البنتاجون متوجس من عودة نشاط داعش في سوريا
أكدت مصادر من البنتاجون شروعه في البحث عن مقاربة جديدة لكيفية التعاطي مع تنظيم داعش الإرهابي بعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سحب الجنود الأميركيين من شمال شرق سوريا ما يتيح فرصة لداعش للملمة صفوفه وهو ما يثير توجس العديد من شن التنظيم هجمات محتملة على دول غربية.
وقال خبراء في شؤون الإرهاب في الولايات المتحدة، إن البنتاجون، وبناء على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، بدأ يبحث عن تموقع وفق حقيقة جديدة مفادها عودة تنظيم داعش إلى النشاط، وربما بإيقاعات أكثر قوة، لشن هجمات ضد الدول الغربية.
ويقول هؤلاء إن إعادة التموقع التي يجريها الجيش الأميركي في سوريا، ستحصر مهماته في المراقبة ومحاولة احتواء مقاتلي داعش الذين سيعودون إلى ممارسة أنشطتهم وسط تحولات أبعدت التنظيم عن رأس أولويات دول المنطقة.
ويشير الخبراء إلى أن غياب عمليات عسكرية للقوات الأميركية على الأرض والاكتفاء بالمراقبة الجوية، سيفقد القوات الأميركية في المنطقة القدرة على مواصلة مهمتها بالنّجاعة العسكرية لمكافحة الخلايا النائمة ومنع عودة تنظيم أبوبكر البغدادي للانتعاش والانطلاق من هذه المناطق صوب مناطق أخرى في المنطقة، وشن عمليات تطال المصالح الأوروبية الأميركية في العالم.
وبالرغم من أن وزارة الدفاع تدرس تعويض هذا النقص الميداني الخطير من خلال تكثيف حركة الطائرات المسيرة وشن غارات كوماندوز، إلا أن انسحاب القوات التي كانت منتشرة في شمال شرق البلاد إلى جانب القوات الكردية السورية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية، سيجعل من المستحيل التمكن من تعقب المجموعات التي ستنشط حتما داخل منطقة الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب الأميركي. ويؤكد خبراء عسكريون أميركيون أن البنتاغون أرغم على التعايش مع حقيقة أن تنظيم داعش عاد إلى الحياة وسيكون له حضور ميداني، وسيضطر العالم إلى التعايش مع حقيقة وجود التنظيم من خلال واجهته السورية على غرار هيئة تحرير الشام في منطقة غرب الفرات، لاسيما في إدلب مستفيدا من ظروف جيوستراتيجية ليست تركيا بعيدة عنها.
ويلفت الخبراء إلى أن الانسحاب الأميركي سيضعف قدرة واشنطن على ملاحقة تنظيم داعش الذي سيتسرب حتما باتجاه الأراضي العراقية للاستفادة من بيئة سياسية واجتماعية حاضنة غرب العراق، ما سيمثل تهديدًا مباشرًا ضد القواعد الأميركية التي تنوي واشنطن نقل قواتها من سوريا صوبها.
ولا يخفي هؤلاء دور سيطرة روسيا على العمليات العسكرية غرب الفرات، ما منع الولايات المتحدة من التحرك بفعالية في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة هناك.
وينقل عن مصادر في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش أن الجنرالات صبوا إستراتيجيتهم في السعي للقضاء على التنظيم مع كامل قناعتهم باستحالة القضاء على داعش بالوسائل العسكرية وحدها. وتضيف المصادر أن التطورات الإستراتيجية الراهنة تجعل من هزيمة داعش أمرا مستحيلا.
وتعتبر مصادر قريبة من وزارة الدفاع الأميركية أن قيادة أركان الجيش الأميركي والتحالف الدولي باتا يتعاملان مع سوريا بصفتها ميدانا ينشط داخله الإرهاب الجهادي بنسختيه، داعش والقاعدة، وأن الأمور قد تذهب إلى تقارب ما بين التنظيمين ما قد يجعل من هذا الإرهاب ماردا يهدد العالم بعد أشهر على إعلان الرئيس ترامب القضاء على تنظيم داعش.
ويرى مراقبون أن تقييم البنتاغون يكشف الهوة حاليا بين ما تتطلبه الشروط العسكرية الإستراتيجية لمكافحة الإرهاب في العالم، وما تتطلبه أجندة الإدارة في واشنطن وحملة ترامب الانتخابية.
ويلفت خبراء في شؤون مكافحة الإرهاب إلى أن فقدان التنسيق ما بين روسيا والولايات المتحدة من أجل مقاربة مشتركة، واستفادة التنظيمات الإرهابية من التباين في أجندات أنقرة وموسكو وواشنطن وطهران في ما يتعلق بمستقبل النفوذ في المنطقة، وداخل سوريا خصوصا، ينفخ هواء كثيرًا في طواحين الجماعات الإرهابية.
وتقول مراجع ميدانية أميركية سبق لها أن شغلت مناصب قيادية داخل القوات التي انتشرت منذ سنوات في سوريا إن قوات سوريا الديمقراطية لم تعد تثق بواشنطن، ولم تعد مستعدة لبذل جهود عسكرية وفق أجندة أميركية، وأن جهد الأكراد سينصب في البحث عن سبل للدفاع عن النفس، حتى من خلال الابتعاد عن واشنطن والاقتراب من المقاربة التي تريدها روسيا للحل الشامل في سوريا.
ويؤكد مراقبون أن سحب القوات الأميركية بعث برسائل ضعف إلى كل من إيران وروسيا والأكراد وداعش، وأن البنتاغون فقد من خلال غياب القوات قدرات استخباراتية عالية يحتاجها العالم لمكافحة داعش.
وتحذر مصادر في الحلف الأطلسي في بروكسل من أن انتعاش تنظيم داعش في سوريا بسبب تموقع القوات الأميركية خارج دائرة الفعل ضد المجموعات الإرهابية شرق الفرات، سيتداعى مباشرة على أمن الدول الغربية.
وتضيف أن الخلايا التي حيدت أو شلت بسبب هزائم داعش في سوريا، ستعود لتنشط على نحو غير متوقع حال استنتاجها بأن الحرب ضد الإرهاب، التي كانت تحتاج إلى وجود عسكري أميركي في سوريا، قد انتهت.
ورأى خبراء في شؤون الإرهاب في أوروبا أن ما تعرضت له مدن داخل الاتحاد الأوروبي وداخل الولايات المتحدة نفذ بعضها من قبل ذئاب منفردة تأثرت بالبروباغندا التي يطلقها داعش، بيد أن بعضها الآخر جرى التخطيط له من قبل قيادة التنظيم في سوريا والعراق. ويضيف هؤلاء أن عودة الإرهاب إلى الدول الغربية لا يحتاج إلى نصر ميداني جغرافي كبير يحرزه داعش على منوال ذلك الذي حققه في الموصل قبل سنوات، بل إلى خطاب جديد يطلقه التنظيم مستفيدًا من هامش حركة يتيحه له غياب الأميركيين عن الساحة التي ينشطون داخلها.