عمالقة الإنشاد الديني.. النقشبندي علامة رمضان الفارقة
ابتهاله "الله يا الله" علامة مميزة في الشهر الكريم
مولاي إني ببابك.. قد بسطت يدي.. من لي ألوذ به.. إلاك يا سندي
قصة حرص السادات على استضافته في بيته
مشروعه مع كوكب الشرق لم يكتمل "رواية تاريخ الرسول غناءً"
مولاي إني ببابك.. قد بسطت يدي.. من لي ألوذ به.. إلاك يا سندي
قصة حرص السادات على استضافته في بيته
مشروعه مع كوكب الشرق لم يكتمل "رواية تاريخ الرسول غناءً"
ارتبط اسمه بشهر رمضان المعظم، ما يكاد يلامس أذنيك صوته حتى تبعث ذكريات رمضان من مكامنها في أعماق الذاكرة، تذكرك بالتجمع حول مائدة الطعام.. نستمع في خشوع إلى الشيخ المبدع محمد رفعت، وبعد الأذان يأتي سيد النقشبندي بمقدمه دعائه الشهيرة "الله.. يا الله".
من أين نبدأ حكاياته؟ هل من لحظة الميلاد في أحضان الريف المصري، أم من لحظة النهاية.. يوم 14 فبراير 1976 سجل النقشبندي أحد ابتهالاته للإذاعة.. وفي طريقه إلى بيته فاضت روحه الطاهرة إثر أزمة قلبية مفاجئة.
رحل الشيخ سيد بجسده، ولكنه ظل معنا بابتهالاته وقراءاته للقرآن الكريم، وكيف ننساه وهو صاحب الصوت القوي.. ينافس به أعتى مطربي الأوبرا في طبقاته.. واستطاع رحمه الله بما أنعم الله عليه من صوت ندي، وخشوع يأسر السامعين، وإحساس بالكلمات، أن ينقل فن التواشيح والابتهالات من أروقة الصوفية إلى آذان المسلمين في كل مكان.. حتى صار الشيخ ظاهرة صوتية، وصاحب مدرسة مستقلة في فن الابتهالات.
الموسيقي والابتهالات
في البداية وقف الشيخ النقشبندي من الموسيقى موقفا متحيرا حتى حسم أمره فيها، وسجل النقشبندي بعض الابتهالات بالموسيقى، وتعاون مع الملحن بليغ حمدى، ولم يفرق بينهما إلا الموت.
النشأة والتأثير
خرج النقشبندي للنور في عام 1920، من قرية
"دميرة" في محافظة الدقهلية، جده الكبير الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند شاه
جاء من أذربيجان أوائل القرن قبل الماضي لكي يلتحق بالأزهر الشريف، وكان
للطريقة النقشبندية دور كبير في تلك الأوقات في مكافحة الغزو الروسي
لبلاد القوقاز.
عشر سنوات قضاها الطفل سيد في رحاب السيد بدوي، أتقن
خلالها القرآن الكريم، وبدأ يرتقي سلم الإنشاد متفوقا على والده، شغوفا
بالقراءة لأدباء مصر الكبار، كالرافعي والمنفلوطي وطه حسين.
وعندما وصل الخامسة
والعشرين من عمره، وقد ناداه حنينه القديم إلى رحاب السيد البدوي، فانطلق
النقشبندي إليه، رافضا أن يترك جواره حتى بعد أن طرقت الشهرة بابه.
وفي طنطا.. تناقل الناس أخبار ذلك الشاب الذي يغوص في بحار الصوفية، ينشد أجمل مفرداتها في مدح سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم.
عندما تأخرت الشهرة عن النقشبندي
وتأخرت
عنه الشهرة طويلا، حتى جاءته تسعى في رحاب السيدة زينب، عام 1967.. وعانق
صوته آذان الملايين من المسلمين، وأصبح من العلامات المميزة لشهر رمضان.
وبدأ نجم الرجل يلمع في سماء الإنشاد، وتعاقدت معه شركات الأسطوانات، وسافر إلى العديد من الدول العربية.
وأصبحت
أكثر الصديقات إلحاحا في الاتصال به والاستماع إليه كوكب الشرق أم
كلثوم، واتفق الاثنان سويا على القيام بمشروع مشترك "رواية تاريخ
الرسول غناءً"، لكن القدر لم يمهل أم كلثوم لإتمام مشروعها الفني،
فغادرت الدنيا، وتركت النقشبندي وهو نجم في سماء التواشيح الدينية.
السادات و النقشبندي
يقول الدكتور محمود جامع، في كتابه "عرفت السادات": "ولم أر السادات أشد إعجابا من إعجابه بالشيخ سيد النقشبندي، المنشد
الديني العظيم.. كان السادات يحب أن يستمع إلى أناشيده الدينية، ويجد
فيها متعة وسلوى، وراحة كبرى، خاصة أن الشيخ النقشبندي كان صاحب صوت
رخيم، جميل، فيه من الشجن والحزن الكثير، وكان السادات إذا حضر إلى ميت
أبوالكوم، في الليالي القمرية، يحب أن يزوره الشيخ النقشبندي، وينشد
بصوته الملائكي البديع.. وكان السادات يطلب مني إحضاره من طنطا لميت
أبوالكوم، وإذا مدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، أبكى الحاضرين، وأذاب
قلوبهم حبا وشوقا إلى رسول الله، وأحضره إلى مستشفى المبرة بطنطا".
وحضرت النهاية بالأذان
وسجل النقشبندي الأذان للإذاعة قبل يوم واحد من وفاته، كما يؤكد الإذاعي السيد صالح، وبعدها حضرته المنية، رحمه الله.
وشاء
الله أن يطوي كتاب النقشبندي وهو في السادسة والخمسين من عمره، إثر
أزمة قلبية داهمته فجأة.. بعدما جعلنا نردد معه: مولاي إني ببابك.. قد بسطت
يدي.. من لي ألوذ به.. إلاك يا سندي.
وبجوار الابتهالات والتواشيح الدينية، فإن للنقشبندي تسجيلات لآيات من القرآن الكريم، منها مقطع من سورة "مريم" بلغ فيه حد الكمال.. ومن استمع إليه أحس بأجنحة الملائكة تطير به إلى الحضرة الإلهية التي غنى لها النقشبندي:
رباه.. يا من أناجي.. في كل هذا الوجود..
يا من له الروح تسمو.. حبا وراء القيود..
كلما ازددت قربا.. أيقنت أني بعيد.
مولاي إني ببابك قد بسطت يدي - للشيخ النقشبندى