تحرير المساجد من قبضة الدواعش
المساجد هى بيوت الله التى شرع بناؤها للعبادة منذ دخول النبى الكريم المدينة المنورة مهاجرا من مكة ومنذ ذلك الحين والمساجد مكان لأداء الصلوات الخمس وجامعة لتعليم المسلمين شؤون وأحكام دينهم وملتقى للمسلمين جميعا وبرلمانا للتشاور بين النبى وأصحابه فى مهمات الأمة وشؤونها ومأوى للضعفاء والضيوف والغرباء عن المدينة المنورة.
ووزارة لإستقبال الوفود القادمة من أنحاء الجزيرة العربية لإعلان ولائها أو لكتابة العهود والمواثيق والمعاهدات بين الدولة الإسلامية الناشئة بقيادة الرسول الكريم والقبائل العربية المحيطة بالمدينة
ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين وساروا على نفس النهج النبوي حتى عصر عثمان بن عفان ومع بداية الفتنة التى وقعت بين المسلمين والتى انتهت بمقتل عثمان رضى الله عنه وتولى الخلافة على بن أبى طالب رضى الله عنه بدا كل طرف من المتخاصمين فى إستغلال المساجد فى تحفيز أنصاره وشحذهم بما يتوافق مع منهجه ورأيه.
حتى عصر عبدالله بن الزبير الذى احتمى بالبيت الحرام فى حربه ضد الدولة الأموية، ولم يشفع له إحتمائه بالبيت الحرام من أن تناله مجانيق الحجاج والتى هدمت الكعبة فوق راسه هو واصحابه.
ومنذ ذلك الحين أصبحت المساجد عبر كل عصور المسلمين حلبة للصراع الدينى والسياسي بين المسلمين والمتنازعين على السلطة.
ولا يمكن ان نغفل دور المساجد فى إشباع الروح وتهيئتها للعلاقة بين العبد وربه وبين المسلمين بعضهم البعض وتقوية كل أشكال العلاقات الإنسانية والإجتماعية.
ومع بوادر ظهور جماعة الإخوان المسلمين مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى وتحديدا عام 1928 بدأت المساجد تدخل دائر الضوء من جديد حيث، أستغل البنا وهو المؤسس الأول للجماعة المساجد ودر العبادة والزوايا الصغير فى نشر افكاره وإستقطاب عناصر وكوادر لجماعته من مق انخاء البلاد.
فسيطرت الجماعة على اغلب المساجد والزوايا فى ظل غياب تام للدولة المصرية آنذاك وإنحسار تام لدور الأزهر. الذى وقع هو الآخر تحت سيطرة جماعة الإخوان.
وقبيل مقتل السادات بسنوات وأنفصال مجموعة من عناصر الاخوان عن الجماعة وتأسيس وظهور الجماعة الإسلامية فى مصر وخاصة فى محافظات الصعيد على يد مجموعة ممن تشبعوا بفكر البنا وشكرى مصطفى من طلبة الجامعات.
سيطرت الجماعة الإسلامية التى أنشقت فكريا وتنظيميا عن جماعة الإخوان على أغلب مساجد صعيد مصر وبدات مرحلة ةجديدة من الفكر التكفيرى المتشدد بالترويج لأفكار دخيلة على الفكر الإسلامى كتكفير الحكام والعوام ورجال الجيش والشرطة، فكانت المساجد ملتقى لعناصر وإجتماعاتها السرية.
ومن خلال أعمال البلطجة المغلفة بغلاف االدين والدعوة وحجة الأمر بالامعروف والنهى عن المنكر سيطرت الجماعة الإسلامية فى صعيد مصر على اغلب المساجد وفرضت على المجتمع الصعيدى افكارها المتطرفة وخطابها الدينى المتشدد واستقطبت آلاف الشباب الجاهل باحكام الإسلام وصنعت منهم قنابل موقوتة وشحنتهم بالكراهية ضد الدولة والمجتمع وصورت الدولة لأنصارهم على انها شيطان يحارب الإسلام يجب قتاله ومواجهته بالسلاح.
أما فى القاهرة فقد سيطرت جماعة الجهاد على مساجد وسط البلد وعين شمس والمطرية ونشرت افكارها التكفيرية والعنصرية ضد المسلمين والاقباط مما يتنافى مع سماحة الإسلام ويسره الذى بينه الرسول الكريم ص فى التعامل مع شركاء الوطن.
وفى محافظات أخرى كالفيوم والشرقية سيطرت جماعات التكفير كالناجون من النار وجماعات شكرى مصطفى وغيرهم على مساجدها فسمموا عقول الشباب بافكار منحرفة وبعيد كل البعد عن سماحة الدين ووسطيته.
واثمرت جهود الجماعات المتطرفة عن مجموعة من الأحداث التاريخية المؤسفة التى غيرت تاريخ مصر ووسطرها التاريخ الحديث بحبر من دماء الابرياء.
فقتلت الجماعة الإسلامية بطل حرب اكتوبر الرئيس السادات وقتل الناجون من النار الشيخ الذهبى عليه رحمة الله وقتلت الجماعة الاسلامية المئات من رجال الشرطة فى احداث اسيوط عام ١٩٨١ وقتلوا رئيس محلس الشعب النصرى الدكتور رفعت المحجوب.
وقتل فرج فودة على يد مجموعة من اعضاء الجماعات التكفيرية وحاولوا قتل الكاتب نجيب محفوظ، وقتلوا بدم بارد اكثر من ٧٠ سائحا فى حادث الاقصر الشهير وحاولوا قتل وزير الداخلية السابق حسن الألفى ورئيس الوزراء عاطف صدقى وغيرها من الحوادث المؤسفة التى أسأت للإسلام والمسلمين والصقت به تهمة الإرهاب.
وقبل ثورة يناير ٢٠١١وبعدها استغل المتطرفون المساجد والزوايا التابعة للاوقاف وغير التابعة فى الهجوم على مؤسسات الدولة ونشر افكارها المتطرفة بين جموع الشباب واسقاط مؤسساتها ونشر الفتن والشائعات وتكفير الحكام المسلمين ورجال الجيش والشرطة مستغلين تسامح الدولة وعاطفة المصريين الدينية فى الوصول لأهدافهم.
فحتى الآن توجد مئات المساجد والزوايا فى كل محافظات مصر غير خاضعة لمراقبة الدولة والاوقاف وخاصة فى صعيد مصر وبعد قرى الجيزة كقرية ناهيا وكرداسة وأبورواش والهرم وفيصل وغيرها من البلاد والقرى النائية.
ففى هذه البلاد يصعد المتطرفون على المنابر فى خطبة الجمعة ويكفرون الحاكم والشرطة والجيش ويدعون عليهم بالويل والثبور ويرددون على مسامع الناس افكارهم التكفيرية دون ان يحاسبهم أحد، ومعظم مساجد تلك البلاد والقرى النائية يسيطر عليها المتطرفون.
فعلى سبي المثال يوجد فى كرداسة وناهيا عدة مساجد مازالت تحت سيطرة الجماعات المتطرفة مثل مسجد عبدالشافى ومسجد السهراية ومسجد ابو بكر الصديق ومسجد سيدى عمر العراقى التى تسيطر عليه عائلة الزمر بناهيا ومسجد الهجرة بناهيا ايضا.
امافى كرداسة فيوجد عدد من المساجد الغير خاضعة لسيطرة الوقاف مثل مسجد عيسى والشاعر والشيخ والمعتمدية وابورواش وكلها مساجد تسيطر عليها الجمعية الشرعية والسلفيين والإخوان وجماعة التبليغ، بينما الأوقاف تغط فى نوم عميق وتغض الطرف عما يحدث من مخالفات وتحريض من على منابرها ضد الدولة ومؤسساتها فى ظل تقاعس كبير من أئمة الاوقاف فى متابعة عملهم والقيام بواجبهم لتوعية رواد المساجد وتحذيرهم الناس من خطورة هؤلاء المتطرفين الذين احتلوا منابر المساجد والزوايا.