أسامة الأزهري: الأمة الإسلامية عبر ألف سنة كانت صانعة للحضارة.. ولابد من إنجاز سريع في مواجهة الإرهاب
قال الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، إن من أعظم القضايا التي عني بها القرآن الكريم وأصّلها البيان النبوي هي صناعة العقول التي تحب العلم وتشغف به، موضحًا أن الآيات الكريمات والأحاديث النبوية التي تحض الإنسان على العلم لا تحصى.
وأضاف الأزهري، خلال خطبة الجمعة اليوم من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، أن القرآن الكريم يأمر العقول بالنظر والتدبر والاستدلال والتفكر والتعقل في نحو 700 موضع من القرآن والذكر الحكيم وجاءت الأحاديث النبوية تأمر بالعلم وتبين منزلته وتحرك إليه الهمم وتعلق به الأنفس الزكية والعقول الذكية، فقال صلوت الله وتسليماته عليه " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، وقال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة".
وأكمل: نحن أمة الإسلام مررنا بمرحلتين، مرحلة كنا على تمام الوعي والإدراك لهذا المقصد العظيم بأهمية العلم فاشتغلت أمة الإسلام بالعلم وشيدت مدارس العلوم والمستشفيات ومراصد الفلك والمكتبات واستفاضت فيها علوم الشريعة وعلوم الحياة وعلوم الكون وظل المسلمون يحركهم القرآن العظيم إلى العلم باختلاف فنونه وميادينه ومجالاته على مدار ألف سنة كاملة كانوا فيها صناع الحضارة، وسجلوا السبق العظيم في العلوم الرياضية والفلكية والطبية وعلوم البحار والملاحة وأدب الرحلات والجغرافيا ودراسة طبائع الأمم.
وتابع: "ناشيونال جيورافيك نشرت كتابا بالانجليزية في مجلد كبير اسمه "الف اختراع واختراع من التراث الاسلامي" أوردوا فيه عجائب المخترعات والأدوات التي اختراعها المسلمون في الطب والفلك والهندسة، والات الرصد الفلكي وإلى غير ذلك من العلوم البالغة العجب، وقد نشر الكتاب بالانجليزية وترجم إلى العربية ثم صدر منه مختصر للأطفال، وكنت قد عنيت بتوزيع هذا الكتاب على كل من ألقاه من الأطفال، ووزعت نسخا منه على الأطفال في الدرس المنتهي بعد صلاة الجمعة من مسجد المشير الأعوام الماضية، وسعدت أن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم اختار هذا الكتاب ليكون كتابا مكملا لمادة العلوم في إحدى المراحل التعليمة".
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية لم تكن تريق الدماء ولا تعرف التناحر بل أحببنا العلم وشغفنا به واشتغلنا به وأبدعنا فيه، وكثرت الأوقاف على العلوم ونهضت مدارس العلم في بغداد حتى وصفها عبد الملك بن الحسين العصامي الشافعي فذكر أن مدارس العلم في بغداد كانت رفيعة العماد تمتاز برفاهية الطلاب وسعة الطعام والشراب.
وونوه بأنه في 4 قرون متأخرة تأخر المسلمين عن ركب الحضارة، وانطلقت الدنيا من حولهم وجاءة الثورة الصناعية الأولى التي كانت فيها صناعة النسيج بالميكنة واختراع الآلة البخارية، وتحركت حركة الدنيا في الاقتصاد ومنظومة القيم، ثم الثورة الصناعية الثانية وعمادها اختراع القاطرة البخارية ودخول الحديد في صناعة السفن فتسارعت حركة نقل الخامات والثروات وترتب عليها آثار عظمى في العلم والفلسفة، ثم الثورة الصناعة الثالثة باختراع الحاسوب وتقنية المعلومات فتسارعت الدنيا ونحن عن ذلك بمعزل، والثورة الرابعة بتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية التي يدرك آثارها من درسها.
وتحدث مستشار الرئيس عن أهمية استضافة مصرالمنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مضيفا: وشرفت مصر باستضافة العقول والخبراء من 55 دولة مع ألفي شاب من الجامعات المصرية والعربية والخبراء المهتمين بالتعليم الجامعي لينطلق بذلك أول مؤتمر على أرض الكنانة يحشد الطاقات والعقول والخبرات ويفتح باب عظيم لتبادل الخبرات والمعارف لتعود مصر راعية وداعية للعلم وتحريك العقول واكتشاف المواهب.
نرحب بضيوف مصر في فاعليات المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي، ونقدم كامل الحفاوة والترحيب لضيوف وطننا من العلماء والعباقرة، مضيفا: نحن الأزهر يدنا ممدودة لنتعاون معكم على أن نلحق بركب الحضارة بدافع قوي من ديننا لنستكشف الكون مع قفزات تكنولوجية هائلة لابد أن يكون لنا فيها مشاركة تنطلق من مصر ومن الأمة المسلمة للدنيا كلها.
وتابع: إن ما شغلنا في العقود الماضية من فكر سقيم روع الآمنين من التيارات المتطرفة من الإخوان إلى داعش يجب الإنجاز السريع في مواجهته وينبغي علينا أن نطوي هذه الصفحات بأسرع ما يمكن واطفاء نبرات التطرف الديني حتى ننطلق إلى الأفق الحق والمقصود الأصلي للشريعة من العمران والأمان والإيمان، وأن نملا العقول شغفا بالعلم والابداع والابتكار وحب الحياة وتقديسها وصناعة المؤسسات وتحالف الحضارات والسير إلى الله.
واختتم الخطبة: من أرض الكنانة مصر أقول نحن قادرون بما وهبنا الله من تاريخ وعقول وقوة ومؤسسات عريقة على أن نطوي الصحات المؤلمة وأن يشرق من مصر الفجر الجديد.