قصة سلامة السوري الذي دفن اسرته بعد عام في مدينة الرقة
قضى ساجد سلامة أياما من الانتظار عند قبر جماعي في مدينة الرقة السورية على أمل العثور على جثث زوجته وأطفاله الثلاثة ليتسنى دفنهم بصورة لائقة.
وقال إنهم لقوا حتفهم إلى جانب والده واثنين آخرين من أقاربه في غارة جوية خلال الهجوم الذي دعمته الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي وقام أعضاء التنظيم بدفنهم دون علمه.
وأضاف سلامة أنه يريد وضعهم في مثواهم الأخير بنفسه"لتطمئن قلوبنا ونرتاح أننا دفناهم في مكان معين" وقال إنه أعاد دفن والده بالفعل بعد استخراج جثته من قبر جماعي آخر.
ورغم مرور عام على هزيمة داعش في الرقة مازال إحصاء الجثث مستمرا مع انتشالها من مقابر جماعية ومن تحت الأنقاض في المدينة التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم المتشدد في سوريا.
وقال ياسر الخميس الذي يقود فريق الاستجابة الأولية التابع لمجلس الرقة المدني إن فريقه عثر هذا العام حتى الآن على أكثر من2600 جثة.
وتقول مصادر محلية إن المزيد من الجثث انتشلها سكان في الرقة لذويهم بشكل مستقل.
ويركز فريق الخميس حاليا على موقع يسمى "البانوراما" الذي كان في السابق متنزها عاما إذ يقول إن ما يتراوح بين 800 و1500 شخص من الأطفال والنساء والرجال دفنوا هناك. وتم اخراج نحو 233 جثة من ذلك الموقع منذ بدء العمل فيه في أكتوبر تشرين الأول. ويعتقد أنها أكبر مقبرة جماعية من بين تسع مقابر.
ويراقب سلامة فيما يقوم عمال يرتدون لأقنعة واقية بسحب جثة تلو الأخرى من الحفر، بعضها ملفوف في أغطية، قبل وضعها في أكياس زرقاء مخصصة للجثث.
وكتب أحد العمال على أحد الأكياس " أشلاء رجل مجهول – البانوراما – 16-10-2018". وقال الخميس إن الموقع يضم 200 حفرة طول كل منها 30 مترا تقريبا.
وقال سكان محليون إن داعش أعدت المقابر الجماعية قبل بدء الهجوم، وأشار الخميس إلى أن بعض الجثث تعود لمتشددين من التنظيم.
ويقف على مقربة من الموقع فريق من الطب الشرعي لتحديد جنس وعمر أصحاب الجثث وسبب الوفاة. وتنقل الجثث التي لا يتقدم أقارب لتسلمها للدفن في مقبرة المدينة.
لم يكن سلامة في منزله في منطقة هشام بن عبد الملك في مدينة الرقة عندما تعرضت للقصف في الغارة الجوية في 13 يوليو، وقال إنه كان يحاول وقتها الحصول على رعاية طبية له ولأطفال الجيران بعد إصابتهم في ضربة جوية سابقة.
ودفن والد سلامة على الفور فيما سحبت جثث الآخرين من تحت الأنقاض فيما بعد ونقلت لمستشفى كان خاضعا لسيطرة داعش قبل أن يدفنهم المتشددون.
ويأمل سلامة بالتعرف على زوجته وأطفاله من الملابس التي كانوا يرتدونها وقت مقتلهم، وقال "فيه صورهم قبل الضربة موجودة".
ويعيش سلامة حاليا في مدينة الطبقة المجاورة مع ابنته الوحيدة الناجية، وقال إنه في المجمل لقي 22 شخصا حتفهم في تلك الضربة الجوية من بينهم جيران ومسعفون.
وشكلت هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في الرقة انتصارا كبيرا في الحرب على التيارات المتشددة لكن منظمة العفو الدولية اتهمت التحالف بقيادة الولايات المتحدة بعدم الاعتراف بما حدث والتحقيق فيما وصفته بأنه "نطاق صادم من القتلى المدنيين والدمار الذي تسبب فيه في الرقة" التي استخدمت فيها الدولة الإسلامية المدنيين دروعا بشرية.
وقال المتحدث باسم التحالف إن عدد المدنيين الذين تأكد حتى الآن مقتلهم عرضا في تلك الحملة العسكرية هو 104 مدنيين لكنه لم يستبعد ارتفاع هذا العدد، وقال الكولونيل شون ريان في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز "إذا كان هناك ما يتردد عن قتلى مدنيين.. فسنتحقق من ذلك بالمضاهاة مع سجلاتنا الموجودة".
وقال مدير قسم البحث العالمي في منظمة العفو الدولية هذا الشهر إن من المعتقد أن أغلب الجثث التي انتشلت من الرقة، وهي نحو 2500 جثة، تعود لمدنيين قتلوا في ضربات جوية.
ويقول التحالف إنه استخدم في عملياته أسلوب قصف الأهداف بدقة لتقليص تأثيرها على المدنيين إلى أقصى حد..