أسرار صوفية المغرب.. «مولاي إبراهيم» صاحب الكرامات بجبل "كيك"
«مولاي إبراهيم» أحد أهم شيوخ الطرق الصوفية بالمملكة المغربية، ويوصف لدى المراكشيون بأنه "طير الجبال" لأنه كان يعيش في خلوته الاختيارية بجبل "كيك" التي مازالت من أهم المزارات الأثرية إلى الآن داخل دولة المغرب.
يعرف بـ" إبراهيم بن مولاي أحمد بن عبد الله بن الحسين الأمغاري"، حفيد مؤسس الزاوية المصلوحية "أبو محمد بن احساين الأمغاري"، أخذ التربية الصوفية الأولى عن جده مولاي عبد الله بن الحسين، كما أخذ العلوم الظاهرة على أيدي كبار العلماء خاصة الشيخ عامر عباس مولانا أحمد المنجور، والشيخ الإمام المحدث عبد الله بن طاهر الحسني، الذي جعله العارف مولاي محمد بن أبي بكر الدلائي أحد كبار المحدثين بالمغرب وهم أبو العباس أحمد بن أبو المحاسن الفاسي، وأبو العباس المقاري صاحب نفح الطيب، والأخير عبد الله بن طاهر الحسني المذكور.
نشأ "مولاي إبراهيم" في بيئة صوفية بزاوية "تامصلوحت" التي أسسها جده عبدالله بن حسين بتوجيه من شيخه عبدالله الغزواني، وعندما اشتهر أمره وتوسم الناس فيه الخير اجتمعوا عليه وتتلمذوا له واختار لزاويته منطقة جبلية محصنة "كيك" تاركا زاوية تامصلوحت في السهل حيث أسرته وعصبيته ومريدو والده وجده، فشاع ذكره وانتشر ذكره فقصده المريدون.
ففي كتاب "صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر" لمؤلفه محمد بن الحاج الايفراني محمد بن عبد الله "كانت لمولاي إبراهيم مشاركة في العلوم أخذ عن المنجور وعن عبد الله بن طاهر الحسني، وأبي المهدي السكتاني وغيرهم، وهذا ما جعله من أعظم المدافعين عن سنة رسول الله".
ويتابع: "كما أخذ عن جده واستمد منه ومع الشيخ الشهير أبي العباس سيدي أحمد بن موسى السملالي، وهو صبي، فقال الجد لأبي العباس، ادع له؟ فدعا له، وكانت بقرب الشيخين دجاجة تقرقر، فقال أبو العباس إن هذه الدجاجة تقول في قرقرتها كيك كيك وهو حكاية صوت الدجاج عند القرقرة، فهل عندكم موضع اسمه كيك، فقال له نعم".
يقع ضريح "مولاي إبراهيم" الذي يبعد عن مدينة مراكش 50 كلم، في منطقة كانت تعرف بـ"كيك"، وهي منطقة جبلية تقع في إحدى مرتفعات الأطلس الكبير، وكانت المنطقة حتى بداية القرن العاشر الهجري تعتبر شبه خالية من السكان، إذ لم يكن بها سوى سبع عائلات عندما قصدها "مولاي إبراهيم" قادمًا إليها من مراكش.
وتظهر في ضريح "مولاي إبراهيم" الكثير من الظواهر والطقوس الغريبة، وفي مقدمتها "الشعوذة"، إذ أصبح ممتهنو هذه المهنة يؤكدون للزوار بأنهم قادرين على شفاء مختلف الأمراض المستعصية وحل مختلف المشاكل التي يتخبط فيه الزائر للمنطقة من خلال ترديد عبارة «غير دير النية واجلس والله تاي حيد منك العكس».
ويعتاد مريدو "مولاي إبراهيم"، طقوسًا تكاد تكون موحشة وتصل إلى حد الإفتراس، أبرزها نحر النوق وافتراسها نيئة خلال موسم "مولاي إبراهيم"، ويجري قطع رأس الجمل في إطار الطقوس الروحانية، إذ يتم جلب ذبيحة قرب مكان الضريح، وتستخدم الذبيحة للتبرك بالولي وتقديمها قرابين لأرواح يعتقد أنها تحوم قرب بعض الأضرحة، كما تُستخدم في مواسم أخرى لأجل إطعام الزوار، وفي بعض المواسم لا يتم ذبح الذبح، وتوضع عائدات القرابين في خزينة الضريح.
ومن الطقوس التي اعتاد مريدو ضريح "مولاي إبراهيم" الاعتقاد بها، بأنهم يقولون عند زيارة الضريح يستوجب على كل زائر أن يمر عبر نقطة إستراتيجية تصطف فيها وسائل النقل مرورًا بالسويقة عبر أدراج إسمنتية التي تستقبله بطابور من العشابة يقدمون كل أصناف الأعشاب والشموع وجلود بعض الزواحف، كما تنتشر بالسويقة المؤدية للضريح أعداد كبيرة من المتسولين بعضهم يعرض "بركة" مولاي إبراهيم.
كما يتحدث المريدون عن كرمات اعتقدوها في "مولاي إبراهيم"، منها إبعاد الطير المؤذي أي الطيور التي تهدد الزرع، ومساعدة الرجل والمرأة العاقر حتى يرزقا بالولد وكان كريم المائدة ومقصد كل جائع أو حائر، وتوجه النسوة من مختلف الأعمار للإلتفاف حول الضريح للتبرك بكرامات وبركات الولي من أجل قضاء الحاجة، وتلبية الطلبات مقابل قربان يقدم في شكل هدية للولي التي تختلف باختلاف الفوارق الطبقية.