سفر الحوالي.. عرّاب التكفير الإخواني في ثوب السلفية
هو أحد زعماء حركة الصحوة في المملكة العربية السعودية، التي خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، إذا نظرت إلى كثرة مؤلفاته وسعة علمه، خاصة في أمور العقيدة والمذاهب المعاصرة، قد تقع في فخه ومصيدته بكل سهولة، فقد أتاه الله علما واسعا، وحجة حاضرة بهذه الأمور، لكن مع سعة علمه وكثرة مؤلفاته يدس السم في العسل، فيجعلك تقع في براثن التيار القطبي دون أن تشعر، بما فيه من دعوات لتكفير المجتمعات المسلمة.
يعتبر الدكتور سفر الحوالي، أحد أدوات جماعة الإخوان في السعودية، فهو تلميذ نجيب في مدرسة سيد قطب، وأحد تراجمة أفكاره جنبا إلى جنب مع شقيقه محمد قطب الذي أشرف على رسالته التي نال عنها شهادة الدكتوراه، وكانت بعنوان "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المعاصر".
بدأ ظهور نجم سفر الحوالي أثناء حرب الخليج ضمن حركة الصحوة التي نشأت عام 1979، وهو العام الذي شهد إطلاق الجهاد الأفغاني، وثورة الخميني، ويعد ظهور حركة الصحوة في السعودية ثمرة لما بذره حسن البنا وسيد قطب في المملكة التي احتضنتهم في الفترة الناصرية، وقال عنها محمد قطب في كتابه: "واقعنا المعاصر" ص: 401:
"إنما نحن فقط ندرس هذه الظاهرة - ظاهرة الصحوة الإسلامية -، لقد بدأت في قلب رجل واحد – يعني : حسن البنا – فتح الله عليه، ووهب له من إشراقة الروح، وصفاء الصلة بالله".
"لقد كانت هذه الإشراقة في قلب حسن البنا وروحه فتحًا ربانيًا.. وكانت في الوقت ذاته هي الاستجابة الصحيحة للأحداث القائمة منذ أكثر من قرن من الزمان في العالم الإسلامي بأسره، وفي مصر بصفة خاصة".
ويعتبر سفر الحوالي أحد التلاميذ النجباء لمحمد قطب، الذي التقاه خلال فترة دراسته في جامعة أم القرى بعد أن أتم دراسته في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وحصل على شهادته الجامعية منها، حيث أوفدته الجامعة للدراسة بجامعة الملك عبد العزيز في مكة المكرمة، التي تحول فرعها بمكة المكرمة إلى جامعة أم القرى لإكمال دراساته العليا في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، وكان محمد قطب أحد أساتذتها بعد أن أعطاه الملك فيصل حق اللجوء السياسي بالسعودية، وهو المنظر لفكر أخيه سيد قطب في السعودية.
تأثر سفر الحوالي بفكر محمد قطب خلال دراسته - خاصة في رسالته للماجستير التي اشرف عليها قطب وكانت تدور حول العلمانية متتبعاً أصولها وتطورها وفلسفتها وتجلياتها في العالم العربي والإسلامي، كما أشرف قطب أيضا على رسالته في الدكتوراه وكانت بعنوان "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي".
وكانت الرسالتان من أبرز مؤلفات سفر الحوالي، ورغم ظهوره خلالهما بأنه يسير على المنهج السلفي، إلا أنه يتبني فكر سيد قطب في تكفير المجتمعات المسلمة، خاصة في كتابه ظاهرة الإرجاء، الذي يمكن أن ينخدع فيه الكثيرون لأسلوبه العلمي الذي يستند إلى الأدلة الشرعية، إلا أن الخطر يكمن بين السطور التي يضع فيها الحوالي السم في العسل.
اختار الحوالي، ظاهرة الإرجاء، والمرجئة فرقة إسلامية ظهرت في أواخر عهد الصحابة رضوان الله عليهم، لديهم أخطاء كبيرة في العقيدة، خاصة في مسألة الإيمان والكفر، وتتهاون الفرقة في مفهوم الإيمان بالله، حتى أن الغلاة منها وهم مرجئة الجهمة، يجعلون الإيمان مجرد المعرفة القلبية فقط وبالتالي يصبح إيمان إبليس لديهم كإيمان الأنبياء والملائكة، وهو قول قد يخرج صاحبه من الملة.
وصف سفر الحوالي المجتمعات الإسلامية بالإرجاء، وهو مصطلح يريد به إعادة إنتاج تراث سيد قطب الذي وصف به المجتمع الإسلامي بالجاهلية، وبالتالي فإن لفظ الإرجاء لديه جاء لتجميل مصطلح "الجاهلية" وحتى يهرب من تهمة التكفير.
ومن بين الذين اتهمهم الحوالي بالإرجاء، المحدث الإمام ناصر الدين الألباني، لعدم موافقته على العمل الحركي للجماعات الإسلامية، ورفضه لهم، خاصة مسألة العمليات الانتحارية.
تربى سفر الحوالي على المنهج الحركي الذي استمده من محمد قطب وصار نسخة جديدة من افكار شقيقه سيد قطب، ويمكنك أن ترى ذلك بنفسك في التناص العجيب الذي يشبه التطابق التام بين نظرة سيد قطب إلى المجتمع الإسلامي ووصفه له بالجاهلية، التي قال فيها:
"لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية; وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويوم جاءها الإسلام مبنيا على قاعدته الكبرى : "شهادة أن لا إله إلا الله ".. شهادة أن لا إله إلا الله بمعناها الذي عبر عنه ربعي بن عامر رسول قائد المسلمين إلى رستم قائد الفرس، وهو يسأله: "ما الذي جاء بكم؟ " فيقول: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام "
(انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب، الجزء الثاني، ص: 1058)
ويستعير سفر الحوالي هذه الفقرة في نص شبيه يكاد يتطابق معها تماما، فيقول:
" والآن وقد دار الزمان دورة ثالثة حتى عاد كهيئته يوم أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم حيث تردى العالم الإنساني المعاصر في عين ما وقع فيه قوم نوح والعرب من شرك في التقرب والنسك وفي الطاعة والتشريع" .
أما عن الأرض الوحيدة التي ظهر فيها الإسلام- من وجهة نظره- فكانت أفغانستان، وهو ما اعترف به في شريطه " شرح الطحاوية 2 / 266 ":
"فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة واللبنة الأولى للدولة الإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز".