الكنائس الغربية تحتفل بالخميس الرابع من الصوم الكبير
تحتفل الكنيسة المارونية بحلول الخميس الرابع من الصوم الكبير، بينما تحتفل الكنيسة اللاتينية بحلول يوم الجمعة الخامس عشر من زمن السنة، كما تحتفل كنيسة الروم الملكيين، اليوم خميس، بالأسبوع الرابع من الصوم.
بينما تحتفل كنيسة الروم الملكيين أيضا بعيد بشارة والدة الإله وتقول الكنيسة إن هذه ذكرى تجسّد الكلمة، وبه صارت العذراء مريم امّ الله. هذه الأمومة الإلهية هي أساس النعم والامتيازات كلّها التي غمر بها الله مريم العذراء:"السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك".
إن أم الكلمة المتجسد، آدم الجديد، ورأس البشرية لخلاصها، أي سيدتنا مريم العذراء هي أيضاً بالروح أمّ الجنس البشري، أمنُّنا جميعاً، بسبب اتحادنا بالكلمة، بوصفنا أعضاء لجسد واحد هو رأسه، ينبع الحياة الإلهية فيه.
مريم العذراء، برضوخها لإرادة الله ("أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك") الذي اختارها في مخطط التجسّد والفداء، أضحت شريكة الكلمة في تحقيق هذا القصد الإلهي لحياة البشرية البنوية والشكر الحميم، والوعي العميق للسرّ الذي بدأ اليوم يظهر للعالم، بفتاة الناصرة الوديعة والناصعة الطهر، " لأنه نظر إلى تواضع أمته، فها منذ الآن تعظمني جميع الأجيال، لأن القدير صنع بي عظائم".
وتلقي الكنيسة عظة بهذه المناسبة تقول فيها: " "يا مَولاي، هُوذا مَناكَ قد حَفِظتُه في مِنْديل". بماذا سيهتمّ هذا الرجل لاحقًا بعد أن تخلّى عن أداة عمله؟ نتيجة قلّة مسؤوليّته، اختار الحلّ الأسهل بعدم ردّ ما حصل عليه. سيكرّس نفسه لتقطيع الوقت: الدقائق والساعات والأيّام والأشهر والسنين والحياة! في حين أنّ الآخرين يُعانون كثيرًا ويُفاوضون ويهتمّون بنبلٍ ليعيدوا لمعلّمهم أكثر ممّا تلقّوا، أي الثمار الشرعيّة، لأنّ التوصية كانت واضحة: "تاجِروا بها إِلى أَن أَعود". قوموا إذًا بهذا العمل كي تنالوا الربح حتّى عودة المعلّم. وبما أنّ ذلك الرجل لم يقم بأيّ مجهود، فقد أفسد حياته.
من المؤسف فعلاً أن نعيش لتقطيع الوقت فحسب، هذا الكنز الثمين من الله! ما من عذرٍ لتصرّفنا هذا كتب القدّيس يوحنّا الذهبي الفم: "لا يقل أحدكم: لا أملك سوى موهبة، لا يمكنني أن أنال شيئًا. بموهبة واحدة، يمكنك أن تتصرّف بجدارة". كم هو محزنٌ ألاّ نستفيد فعليًّا من جميع الإمكانات، الكبيرة والصغيرة، التي وهبنا إيّاها الله لكي نكرّس أنفسنا لخدمة النفوس والمجتمع! فعندما يبتعد المسيحي، أو يختبئ، أو يفقد اهتمامه، أي بكلمة واحدة عندما يقوم بتقطيع وقته من باب الأنانيّة، فهو يخاطر بخسارة سمائه. من يحبّ الله لا يكتفي بوضع كلّ ما يملك وكلّ ما هو عليه في خدمة المسيح: بل يهب نفسه كُليًّا.