«يظنون أنها طريقة انتشار أسرع».. لماذا يفرح الكتاب بتزوير أعمالهم؟
يفرح بعض الكتاب في مصر لتزوير كتبهم وتواجدها على فرش بيع الكتب، وفي رؤيتهم أن هذا انتشار كبير لأعمالهم بغض النظر عما يمكن أن يقع على الناشر وعلى صناعة النشر عموما.
تجربة دور النشر في توفير كتبها.. طبعات شعبية
حاولت بعض دور النشر توفير طبعات شعبية من بعض مؤلفاتها، في محاولة لدرء خسائر تزوير الكتب، ولمعرفتها المسبقة أن المزورين سيقومون بتزوير كتبهم، وبالفعل توافرت طبعات شعبية لدور نشر كتب عليها طبعة شعبية من قبل دور النشر، ولكن حتى القيام بهذه الخطوة لم يشفع في عدم تزوير كتبهم، فتم تزويرها برغم الطبعات الشعبية لدور النشر.
لهذه الأسباب ينتقي المزورون كتب بعينها؟
كانت هناك كتب بعينها تزور قبل تواجد السوشيال ميديا وهي كتب التنمية البشرية للدكتور إبراهيم الفقي، ومؤلفات الدكتور مصطفى محمود، وغيرها من الكتب التي تجد إقبالا كبيرا، وبعد فرض السوشيال ميديا سيطرتها وتكوينها أصبحت هناك معايير من المزورين لضرب الكتب منها شيوع القراءات على موقع القراءة جود ريدز، وأيضًا على مدى احتفاء القراء بالرواية وصدورها على مواقع التواصل الاجتماعي وكمية الطلب عليها، ومن بعدها أصبح المزورين يعرفون مؤلفين بعينهم وينتظرون كتبهم لتزويرها مثل أحمد مراد وغيره.
لماذا يفرح الأدباء بتزوير كتبهم؟
الكثير من الكتاب يعلنون أن كتبهم قد زورت، ومعنى تزوير الكتاب في رأيهم أنه قد وصل لعموم الناس وبالتالي أحب المزورين توفيره بسعر أرخص حتى وإن كان في طبعة أردأ، والمهم أنه سيقرأ، ولهذا الأمر تواصلت "الدستور" مع المؤلف الدكتور شريف شعبان والدكتور حمدي النورج أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، وقال ما يلي..
شريف شعبان: يظنون إنها طريقة أسهل للانتشار
وعن هذا الأمر، قال الروائي شريف شعبان: “للأسف الشديد انتشرت ظاهرة سرقة المحتويات الثقافية في صورة كتب مزورة والتي تباع بأسعار أقل من الكتب الأصلية كما أنها متوافرة على أرصفة شوارع القاهرة والإسكندرية، والأخطر أنها أصبحت تصدر لخارج مصر، وفي حقيقة الأمر لدينا نوعان من هذا الأسلوب من السرقة وهما، النوع الأول التقليدي وهو طباعة الكتب بمحتواها الأصلي ولكن بشكل مزور بعيد عن دار النشر الأصلية وهو ما يعرف بالكتب المزورة أو كتب بير السلم كما ذكرنا سلفاً”.
وأضاف: “النوع الثاني وهو الأخطر والأكثر انتشاراً وهو تحويل العمل الورقي لـ نسخة الكترونية pdf، بدون إذن صاحبها أو دار النشر الاصلية وطرحها بالمجان أو بمبلغ مالي، بحجة أن النسخة الإلكترونية هي المستقبل أو أنها لا تأخذ حيزاً مكانياً مثل المحتوى الورقي”.
وتابع: “نجد أن بعض الكتاب يفرحون من وجود أعمالهم مسروقة في النوعين السابقين ظناً منهم أنها طريقة انتشار أسرع ودلالة على النجاح وكثرة الطلب على أعمالهم الأدبية، ولكن في الحقيقة أن الضرر يقع على كل من الكاتب والناشر قبل القارئ لأن ذلك يدمر صناعة النشر المصرية على المدى الطويل مما يسبب الخسارة للعديد من دور النشر ويعرضها للاغلاق وانهيار منظومة تصدير الفكر المصري. فعندما تتكسب 10 قروش من ناشر قانوني و100 قرش يذهبون إلى جيب اللص، فأنت ككاتب ستخسر مكسبك المادي الحقيقي مثلك مثل الناشر. كما أن هذا الأمر يعد سرقات مجرمة ومحرمة شرعاً وقانوناً وانتهاك لحقوق الملكية الفكرية وتعدي على حق المؤلف والناشر على السواء”.
حمدي النورج: نكاية في دور النشر
ويشير الدكتور حمدي النورج أستاذ النقد بأكاديمية الفنون إلى أن الموضوع نكاية في دور النشر، مضيفا: “الظن أنها نكاية في الناشر نفسه الذي يأكل ولا يشبع ويأخذ ولا يعطي وأن بعضهم يفتقد الشفافية في حساباتهم مع الكتاب مع كونهم يعتبرون المصدر المهم لدخلهم.وإذا كانوا لا يكسبون فلم يشتغلون . لا أعتقد أن هناك ناشرا يعمل لأجل حبه للثقافة والفكر مالم يكن المكسب واقفا أمام أعينهم. الثاني أن الكاتب يحب انتشار كتبه وأفكاره وهذه طبيعة المتحققين ومن ثم السعي نحو الانتشار الذي بالضرورة سيحقق رضاء للذات عند الكتاب ثم لا بأس من مكسب مادي يأتي بعد ذلك. الذين يحاربون الكتاب المزور هم الناشرون أنفسهم مع كون انتشار فعل ذلك يضر بعالم صناعة الكتاب والطباعة. وأن تعب البعض يذهب إلى جيوب المزورين الذين لا يخسرون أبدا . وهي بالتأكيد أموال حرام وإن كان المباع كتابا أو رواية تقرأ على الناشر أن يعطي للكاتب حقه، وعلى الكاتب أن يقف في خندق واحد مع الناشر لا ضده وعلى الدولة أن تضرب بيد قوية”.
ويضيف: “على جمهور المفسدين. الضحية الكاتب فقط الذي يدفع عمره ووقته من أجل كتاب ثم لا يجد شيئا. هذه معركة يجب أن نحدد أطرافها جيدا”.