فى ذكرى رحيله.. علاقة البابا شنودة بالمثقفين.. وحكاية الحسد مع نجيب محفوظ
أحب البابا شنودة الذي تحل اليوم ذكرى رحيله الكتابة والشعر منذ صغره، لتكون بوابته إلى اللغة العربية التي عشقها فأجاد العزف على أوتار القصائد التي كتبها، وتناغم مع حروفها فكان الأديب والشاعر والصحفي المتذوق والقارئ الجيد لكل ما ينتمي للغة العربية.
وكان البابا شنودة الثالث كاتبًا متميزا وعضوا بنقابة الصحفيين، فأصدر ما يقرب من الـ١٤٠ كتابا، منها كتب تتضمن تجاربه وخبراته، وجمعت البابا شنودة علاقة حب، وصداقة مع العديد من الكتاب والمثقفين من بينهم الكاتب الكبير الراحل نجيب محفوظ الذي التقى به البابا، ودار بينه حديث عن الحسد وقتها، وسأله آنذاك الأديب الراحل عن رأيه في الحسد، وأجاب أن الحسد شعور وليس سلطة وأن الحاسد هو من يتعب أكثر وليس المحسود فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.
وأضاف أن الحسد له أساس ديني وهناك قصص كثيرة في الكتاب المقدس تتناول الحسد ، معقبا: «فلقد تعرض يوسف للحسد من إخوته».
واستدرك وقتها: «لكن الحسد لايضر في نفسه لكن الحسود يلجأ لطرق عدوانية وشر الحسد يدفعه للإيذاء، متابعا: الناس تخاف الحسد والحسد ليس له سلطان على أحد ومن يخاف الحسد يتعب ولا يقدر على التقدم ويعيش في عذاب والخوف النفسي يقوده للفشل».
وقرأ البابا شنودة لعباس محمود العقاد «سارة» وفي بعض الأوقات أعجب بعمقه، ورأى أن نجيب محفوظ روائي لا مثيل له، وأكد البطريرك الراحل إعجابه باثنين من الأدباء في فن الرواية هما توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وكان يرى أن أسلوب الحوار في روايات الحكيم جذاب لدرجة تجعلك لا تستطيع ترك الكتاب قبل الانتهاء منه.
واحتفظ البابا شنودة بـ 3 نسخ من أعمال توفيق الحكيم لديه "نسخة بالقاهرة ونسخة أخرى بالدير ونسخة ثالثة في الإسكندرية" من شدة حبه لذلك الكاتب.
أما نجيب محفوظ فلقد رأى أن رواياته نافذة يستطيع المرء منها رؤية الحياة، وأنه أحيانا ترى في قصصه رموزا وله عمقه الخاص، ولقد حرص البطريرك الراحل على الذهاب لنجيب محفوظ وقت حصوله على جائزة نوبل لتهنئته مفتخرا به باعتباره رجلا من رجال الأدب في مصر.
وكشف كتاب «سنوات مع أسئلة الناس.. أسئلة في الكتاب المقدس» عن مدى الحب والتقدير المتبادل بين الحكيم والبابا شنودة، وظهر ذلك في الحوار الذي دار بينهما عن طريق خطاب يخص العقيدة وكان الحوار هكذا:
سؤال من توفيق الحكيم:
"قرأت في دفتري عبارة أفزعتني وسجلتها لأسأل فيها حتى يطمئن قلبي.. عبارة في الإصحاح الثاني عشر من إنجيل لوقا قال فيها السيد المسيح «جئت لألقي ناراً على الأرض.. أتظنون أنى جئت لأعطى سلاماً على الأرض، كلا أقول لكم بل انقساماً.. فكيف والمسيح ابن مريم كلمة من الله، جاء ليلقى ناراً على الأرض.. فكيف يكون الله تعالى هو الكريم وأنه كتب على نفسه الرحمة، ويقول في قرآنه إن المسيح كلمة منه.. والمسيح يقول في إنجيل لوقا إنه جاء ليلقي ناراً على الأرض؟ وغمرتني الدهشة وقلت لابد لذلك من تفسير.. فمن يفسر لي حتى يطمئن قلبي؟ .. وصرت أسأل من أعرف من إخواتنا المسيحيين المثقفين فلم أجد عندهم ما يريح نفسي.. أما فيما يخص بالمسيحيين فمن أسأل غير كبيرهم الذي أحمل له التقدير الكبير لعلمه الواسع وإيمانه العميق.. البابا شنودة.. فهل المسيحي العادي يفطن لأول وهلة إلى المعنى الحقيقي لقول السيد المسيح».
الجواب من البابا شنودة:
رد الخطاب:
عميد الأدب في أيامنا الأستاذ الكبير توفيق الحكيم
تحية طيبة، ودعاء لكم بالصحة، من قلب يكن لكم كل الحب.. فأنا قارئ لكم معجب بكتاباتكم أحتفظ بكل كتبكم في البطريركية وفي الدير.. وقد قرأت مقالكم الذي نشر في الأهرام يوم الإثنين 2/12/85 الذي قدمتم فيه أسئلة حول بعض الآيات التي وردت في الإنجيل " لو 12 ". وعرضتموها في رقة زائدة وفى أسلوب كريم، يليقان بالأستاذ توفيق الحكيم.
وإذا أشكر ثقتكم، أرسل لكم إجابة حاولت اختصارها على قدر ما أستطيع، وأكون شكراً إن أمكن نشرها كاملة كما هي، لأن تساؤلكم في مقالكم، أثار تساؤلات عند كثيرين وهم ينتظرون هذا الرد، وختاماً لكم كامل محبتي.
إمضاء البابا شنودة.