10 سنوات على رحيل البابا شنودة.. حضور متوهج رغم الغياب
تحل اليوم الذكرى العاشرة لرحيل قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الـ117، حيث رحل عن عالمنا في 17 مارس 2012 عن عمر ناهز 88 عامًا، قضى منها 41 عامًا على الكرسي المرقسي، ورغم الغياب إلا أن حضوره ما زال متوهجًا في القلوب، الرجل الذي قدم مثالًا للوطنية والتقوى والمحبة لكل من عرفه، لُقب بمُعلم الأجيال نظرًا لغزارة إنتاجه الفكري والأدبي والروحي ودوره الكبير في التعليم الكنسي ومدارس الأحد والكليات الإكليريكية والمعاهد الدينية، فضلًا عن حفاظه على تعاليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من أي انحرافات فكرية أو عقائدية، كما عُرف عنه أيضًا أنه بابا العرب لمواقفه الوطنية والقومية المختلفة والتي كان من أبرزها رفضه قيام الأقباط بزيارة القدس المحتلة إلى جانب مساندته ودعمه لحقوق الشعب الفلسطيني.
ورغم مرور 10 سنوات على الرحيل إلا أن البابا شنودة ما زال يحيا في وجدان وقلوب كل أحبائه من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، فهو كان بحق أبًا للجميع، بل إنه كان يحمل في قلبه قضايا وأوجاع الوطن كله، لذلك احتل مكانة لم يصل لها أحد من قبل وكانت جنازته شاهدة على محبة الجميع من الأقباط والمسلمين، حيث وصفت بأنها "جنازة القرن".
وقال نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية في الذكرى العاشرة لرحيل البابا شنودة الثالث "عرفنا قداسة البابا أبًا من طراز فريد، لأنه نشأ في أسرة متدينة قريبة من الكنيسة وأحب الحياة الروحية وتتلمذ على يد الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي حمل عبء الخدمة حين كان الكهنوت في حالة ضعيفة، ولكنه وجد تشجيعًا قويًا من البابا كيرلس الخامس مما صحح الصورة في ذهنه وجعل (نظير جيد وهو اسمه الحقيقي) يحب الأبوة في الكنيسة الأرثوذكسية التي مثلها أمامه حبيب جرجس وكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا".
وأضاف أن البابا شنودة جمع بين حب الغربة في العالم والالتصاق بالله وبين تعليم الشعب والحنو عليه واحتضان كل المعوزين والفقراء والمحتاجين إلى الأبوة، وعاش هكذا معلمًا كأسقف للتعليم، وفي الإكليريكية مسئولًا عنها كعميد 8 سنوات ثم كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية 41 سنة في اجتماع أسبوعي فيه يلتقي مع الإكليروس والشعب ويساعد كل محتاج لرعاية أو مساعدة.
وتابع قائلًا إن البابا شنودة فتح أبواب الحوار بين كل كنائس العالم والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهكذا كان أحلى أنشودة في فم الجميع ويسكن القلوب.
بدوره قال نيافة الأنبا موسى أسقف عام الشباب "إنه في الذكرى العاشرة لرحيل البابا شنودة الثالث نتذكر قداسته بكل الحب فهو بابا الرعاية والتعليم والمواقف والمهجر والتاريخ، وسيظل في قلوبنا ما حيينا إلى أن نلقى قداسته في فردوس النعيم تمهيدًا للقيامة والخلود الأبدي".
وأضاف: عشت مع قداسته قريبًا منه وسافرت معه في رحلات إلى كل كنائس الأقباط الأرثوذكس في العالم، في رحلة الـ100 يوم، ورحلات أخرى كثيرة وشاهدة على مدى محبة الكل لقداسته، والأقباط وكل المسيحيين والمسلمين، فقد أحب الجميع وأحبه الجميع.
وتابع "شاهدنا عن قرب احتفال العلم كله بكم راعيًا كنسيًا وشاعرًا ممتازًا ووطنيًا غيورًا أحبه الكل بعد أن أحب هو الكل، ذكراك لن تغيب عن ذاكرتنا وشخصك النبيل لن يختفي من أمام أعيننا وستظل يا سيدنا في قلوبنا إلى أن نلقاك إلى الأبد في رحاب الملكوت".
من جانبه أكد نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة السكرتير السابق للمجمع المقدس، أن من يمدح البابا شنودة يمدح الفضيلة، واستقامة الإيمان، وحُسن التدبير، ومن يذمه يفضح نفسه ويكشف عن عدم معرفة، أو انحراف إيمان.
وقال نيافة الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة "إنه من السمات التي يتميز بها أبونا قداسة البابا شنودة الثالث، سمة الأبوة الحقيقية الصادقة، التي يشهد لها الجميع بأساليب وطرق عديدة، بناء على تعاملنا مع غبطته، في مواقف عديدة، وأزمنة طويلة".
وأضاف "لا يفوتنا أن نشير في حديثنا، بأن قداسة البابا كان وطنيًا حتى النخاع، وليس بالقول أو الكلام، بل بالعمل والحق، وذلك من خلال مواقفه الوطنية التي كانت تتجلى بأحرف من نور في كل موقف ومن بينها الكنيسة في حبرية غبطته لم تغب عن أحداث مصر يومًا وكانت في مقدمة الصفوف وقت الشدة، فقام قداسته بزيارة جبهة الحرب أكثر من مرة قبل حرب أكتوبر 1973 وبعدها، كما قام وقتها بزيارة جنودنا الجرحى في المستشفيات".
وتابع "أن قداسة البابا شنودة كتب مجموعة من المقالات دعمًا لمصر في حربها وصراعها من أجل أرضها".. وكان دائمًا يقول:"إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطنًا يعيش فينا".