«معاناة بلا داعى».. ماذا يحدث فى وساطة إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا؟
جدل كبير حول كواليس الوساطة التي تمارسها إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا، وذلك بالتنسيق مع فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.
وتلعب تل أبيب دور الوساطة بين موسكو وكييف، إذ سافر نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، سرًا- قبل أن يتم الإعلان عن الزيارة- للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتبعها بزيارة لبرلين التقى خلالها المستشار الألماني أولاف شولتس.
وفور انتهاء كل اجتماع، كان يجري بينيت اتصالات هاتفية مباشرة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حتى إنه حدثه 3 مرات في 24 ساعة.
اقتراح بمفاوضات في إسرائيل
واقترح الرئيس الأوكراني، اليوم السبت، على رئيس الوزراء الإسرائيلي، إجراء مفاوضات بين كييف وموسكو في تل أبيب، حسبما نشر موقع "واللا" الإسرائيلي.
وقال زيلينسكي إن إسرائيل يمكنها توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا عبر المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب، معربًا عن أمله أن يكون لبينيت تأثير إيجابي خلال المحادثات مع روسيا.
وأكد أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا بلغت خطوط جوهرية، ولم تعد معنية فقط بإصدار التحذيرات من كل جانب، مشيرًا إلى أن الدول الغربية لم تشارك بشكل كافٍ في المفاوضات، وأن حلف شمال الأطلسي "ناتو" قدم موقفًا يفتقر إلى الشجاعة.
أوكرانيا توضح حقيقة «توصية بينيت»
من جانبه، أكد ميخائيل بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني، اليوم السبت، أن إسرائيل لم تعرض على بلاده الخضوع إلى المطالب الروسية، وذلك عكس التقارير التي تحدثت عن توصية تل أبيب إلى كييف للقبول بمطالب بوتين.
وكتب بودولياك، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر": "بينيت لم يطلب من أوكرانيا الموافقة على مطالب روسيا، وهذا مستحيل لأسباب سياسية وأمنية"، مشيرًا إلى أن تل أبيب تحث موسكو بالفعل على اتخاذ نهج أكثر اعتدالًا في المفاوضات.
وجاءت تصريحات الرئيس الأوكراني ومستشاره بعد أقل من 24 ساعة على حديث مصادر رفيعة المستوى في "كييف" حول وساطة إسرائيل مع روسيا وعلق عليها مسئولون في مكتب بينيت، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول موقف تل أبيب، وما أوصت به لزيلينسكي.
توصية إسرائيلية وإجابة موجزة
وقال مصدر رفيع المستوى في الحكومة الأوكرانية إن بينيت أبلغ الرئيس الأوكراني، أنه يرى القبول بالعرض الذي قدمه الرئيس الروسي لإنهاء الحرب، والذي يتضمن سلسلة طويلة وصعبة من التنازلات من كييف.
وقال بينيت، في بداية محادثة هاتفية مع زيلينسكي، "لو كنت مكانك، كنت سأفكر في حياة شعبي وأقبل العرض"، فيما رد الرئيس الأوكراني بإجابة موجزة: "سمعتك"، وذلك بحسب ما سرده المصدر الأوكراني لـ"واللا".
وأكد المصدر أن زيلينسكي ومساعديه لم تعجبهم توصية بينيت، قائلا: "بينيت عرض علينا الاستسلام، وليست لدينا نية للقيام بذلك، ونعلم أن اقتراح بوتين هو مجرد بداية".
وأضاف أن إسرائيل ناشدت أوكرانيا ألا تطلب المساعدة العسكرية من تل أبيب لأن هذا قد يقوض جهود الوساطة المطلوبة، ويلزم الحفاظ على الحياد.
بينيت لم يقم بدور الوساطة
وأشار إلى أن بينيت لم يقم بدور الوساطة، لكنه كان ينقل الرسائل بين الجانبين، مضيفًا: "يجب على الوسيط محاولة صياغة حل وسط بين الأطراف وتقديم مقترحاته الخاصة وليس مجرد نقل المقترحات".
وتابع: "لسنا بحاجة إلى ناقل للمقترحات، لدينا ما يكفي، ومكتب زيلينسكي لا يعتقد أن تلك طريقة الوساطة، وإذا كان بينيت يريد أن يكون محايدًا ويتوسط، فنحن نود أن نراه شخصا يتعامل ليل نهار، ويحاول التوصل إلى صيغة تسوية وليس مجرد خدمة كناقل مقترحات".
وقال إن هناك انطباع لدى رئيس أوكرانيا وشعبه بأن مشاركة بينيت في الجهود الدبلوماسية مدفوعة بالرغبة في الامتناع عن اتخاذ موقف واضح تجاه العملية العسكرية الروسية خوفًا من الإضرار بالعلاقات مع موسكو.
الالتزام بالحياد مع روسيا
وأضاف: "مبادرة بينيت تبدو لنا كغطاء وعذر لعدم التحدث بحدة أكبر ضد روسيا ولماذا لا يزودنا بالسلاح ولماذا لا يفرض عقوبات على روسيا".
وأشار إلى أن الدول الأخرى التي تنقل رسائل بين روسيا وأوكرانيا، مثل ألمانيا وفرنسا، لا تدعي الحفاظ على الحياد، بل يدينون بوتين ويفرضون عقوبات على روسيا ويزودون أوكرانيا بالسلاح، وذلك على عكس تل أبيب.
وأوضح المسئول الحكومي الأوكراني الكبير إلى أن زيلينسكي كان محبطًا للغاية ومتألمًا بشكل شخصي من سياسات ببينيت وحكومته، خاصة لأنه شخص يهودي.
نفي مكتب بينيت: شخص مشكوك فيه
في السياق ذاته، نفى مصدر في مكتب بينيت، أمس الجمعة، ما جاء على لسان المسؤول الأوكراني رفيع المستوى، قائلا: “من المشكوك فيه أن ذلك المصدر شخصية بارزة في أوكرانيا، أو على إطلاع بما دار في المحادثات الهاتفية، خاصةً أنها جرت عبر "خط خاص" ومباشر بين الجانبين، والحديث يجرى مباشرة مع زيلينسكي وفريقه المقرب".
وأكد المصدر الإسرائيلي أن بينيت لم ينصح زيلينسكي بالموافقة على مطالب بوتين، لأنه ليس لديه مثل هذا العرض من الأساس، موضحًا: "عمومًا لا ينوي بينيت إعطاء زيلينسكي توصيات أو نصائح حول كيفية التصرف في أي مرحلة، والحديث بين الطرفين كان مطولًا وجيدًا، وأثار إمكانية عقد اجتماع وساطة في إسرائيل، وجهود بينيت تهدف إلى شيء واحد هو وقف إراقة الدماء في أوكرانيا والمعاناة التي لا داعي لها".