حنا مينه صاحب «المصابيح الزرق» من قلب الشقاء لأشهر كُتاب عصره
تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الروائي السوري حنا مينه، والذي ولد في مثل هذا اليوم 9 من مارس عام 1924 بمدينة اللاذقية، ويعد من أهم وأبرز كتاب المشهد الثقافي العربي، حيث قدم مايزيد عن 40 رواية اجتماعية، جاءت أبرزها “ المصابيح الزرق” والتى تحولت إلى مسلسل بنفس الاسم.
عاشت أسرة حنا مينه جل الأحداث السياسية والاجتماعية وتأثرت بها في حياتها اليومية المتواصلة، وقد ظلت طوال 17 عاما متنقلة بين لواء اسكندرون، واللاذقية في حالة من البؤس والشقاء.
تصف الباحثة هورة نسيمة ما عاشه حنا مينة “كان الأب سيء الحظ، يلهث دائما وراءه”، ورغم المهن المختلفة التي زاولها، فإنه لم يفلح أبدا في إتقان أي منها، فقد كان رجلا مقبلا عن اللذة، كثير المغامرات الجنسية، كثيرا ما يكون في حالة سكر وإعياء تثير في نفس الابن ضربا من الخجل والكره.
عاشت والدته يتيمة في السويدية، وعملت خادمة في بعض المنازل مع أختها، وحتى عندما تزوجت، ظلت تشتغل بصحبة بناتها لدى العائلات الثرية لتساعد زوجها.
في هذه العائلة الفقيرة نشأ حنا، كان الولد الوحيد بعد ثلاث بنات، في السابعة من عمره أدخلته أمه في مدرسة أرثوذكسية، وتحصل على الشهادة الابتدائية وهي الشهادة الوحيدة التى تحصل عليها.
عمل حنا مينه بالعديد من الأعمال منها حلاق وبائع خضروات، وغيرها، وكانت نقطة انطلاق حنا مينه حينما غاد اللاذقية متوجها إلى بيروت، وعاد منها صحفيا شهيرا، فقد عمل محررا بجريدة الإنشاء ليصل إلى مسؤول الصفحة الأدبية والسياسية الخارجية، كانت هذه إحدى أبرز مراحل نجاح حنا مينه ونقطة انطلاقة.
جمع حنا مينه بين الثقافة والسياسة، وكان له مساهمته الوازنة في المشهد الأدبي ليصبح أحد أبرز من كتبوا عن البحر بل يمكن أن نصفه بمؤسس ما يسمى بأدب البحر في المشهد الإبداعي العربي، فقد قدم حنا مينه ما يقرب من ثماني روايات أهمها كانت “الشراع والعاصفة” والتي أطلق عليها النقاد اسم قصيدة البحر أو ملحمة البحر، ترجمت أعمال حنا مينه إلى ما يقرب من 17 لغة.
رحل حنا مينه في 21 أغسطس 2018 بعد رحلة طويلة مع الإبداع والكتابة، وجاء في وصيته الأخيرة “لا حزنٌ، لا بكاءٌ، لا لباسٌ أسود، لا للتعزيات، بأي شكلٍ، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثمّ، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذا التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها”.
وأكمل: “كل ما أملك، في دمشق واللاذقية، يتصرف به من يدّعون أنهم أهلي، ولهم الحرية في توزيع بعضه، على الفقراء، الأحباء الذين كنت منهم، وكانوا مني، وكنا على نسب هو الأغلى، والأثمن، الأكرم عندي”.