توم وجيرى.. لا أحد ينجو من الحب أو الحرب «1-3»
مع انهيار الاتحاد السوفيتى فى ديسمبر ١٩٩١، شهد العالم ما عرف بنظام القطب الواحد، حيث ظلت الولايات المتحدة هى اللاعب الرئيسى والمحرك الوحيد للأحداث على رقعة السياسة الدولية، ومع محاولات الدب الروسى، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، استعادة الهيبة الروسية واسترداد النفوذ الروسى فى الدول التى كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتى، ومع احتلال جزيرة القرم ٢٠١٤، وإعلان العمليات العسكرية فى أوكرانيا الأسبوع الماضى، بات واضحًا أن نظام القطب الواحد فى طريقه للزوال، وقد يعنى ذلك وجود أقطاب متعددة مؤثرة على الساحة الدولية، أو عودة الحرب الباردة ونظام القطبين.
وأيًا كان ما ستسفر عنه الحرب الروسية- الأوكرانية فإن العلاقات الأمريكية- الروسية تبقى هى العلاقة الأكثر تغيرًا على مستوى العلاقات الدولية فى التاريخ الحديث، وتتشابه مع ما كانت عليه علاقات فرنسا وبريطانيا فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
وما تقوم به الولايات المتحدة من شيطنة للغزو الروسى لأوكرانيا، الذى لا يؤيده أى عاقل، هو جزء من سلسلة طويلة من تأطير صورة الروس داخل إطار الهمج والقساة والسفاحين.. وقد كان الاهتمام الأمريكى بالروس سابقًا دائمًا، لقد كان الاهتمام الأمريكى بالروس مبكرًا، فقد وجدت دراسة دكتوراه نوقشت عام ١٩٣٠ عن المجتمع الروسى فى كاليفورنيا، وبالتحديد فى هوليوود، عن الصراع الثقافى بين أجيال المهاجرين السوفيت فى منطقة هوليوود، ومدى تأثر الأجيال الجديدة بالثقافة الأمريكية، وتأثير الثقافة الروسية على المجتمع المحيط بهم.
وقد اهتمت السينما الأمريكية منذ بداياتها بتقديم صورة للشخصية السوفيتية، فقدمت عدة أفلام مثل: Resurrection «١٩٠٩» عن قصة تولستوى، واهتمت بتجسيد أبطال وسير التاريخ الروسى مثل The Eagle «١٩٢٥»، The Patriot «١٩٢٨».
وقد استطاعت السينما الأمريكية تجسيد سوء واعتلال هذه العلاقة على مدى سنوات طويلة، وشهدت هوليوود إنتاج عشرات الأفلام التى تدور أحداثها فى روسيا أو تقدم شخصيات روسية رئيسية أو ثانوية. ولقد كان الاهتمام السينمائى الأمريكى سابقًا للعلاقات الرسمية بين البلدين، حيث تعود العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية إلى عام ١٩٣٣، واستمرت السينما الأمريكية فى تقديم أعمال تصور الحياة فى الاتحاد السوفيتى معتمدة على الأدب الروسى، وقد صورت الأفلام الأمريكية قبل دخول الحرب العالمية الثانية- مثل فيلمى الرفيق العاشر camarade x وNinotchka- الاتحاد السوفيتى على أنه متخلف وكئيب ومحبط وشمولى، وبعد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب على الجانب الروسى، تحولت صورة هوليوود للروس على الفور إلى محررين شجعان، محبين للحرية، حتى جاء منتصف القرن الماضى وبدأت فترة الحرب الباردة، وتحولت السينما الأمريكية إلى أداة فى تلك الحرب، حيث صورت الاتحاد السوفيتى بأنه الخطر الأكبر، ليس عليها فقط بل على العالم أجمع.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام ١٩٨٩ وانتهاء الحرب الباردة رسميًا عام ١٩٩٢ ما زالت السينما الأمريكية تقدم الأفلام التى تتناول العلاقات الأمريكية الروسية، وترسم من خلالها صورة ذهنية عن الشخصية الروسية.
وقد أدت كثير من الأفلام التى صورت الشخصية الروسية إلى غضب المسئولين فى روسيا الاتحادية، فقد دعا الحزب الشيوعى لروسيا الاتحادية لمنع عرض فيلم Indiana Jones and the Kingdom of the Crystal Skull «٢٠٠٨»، متهمًا فريق الإنتاج «بشيطنة» الاتحاد السوفيتى. وفى رسالة أرسلها الحزب الشيوعى فى بطرسبورج إلى الممثل هاريسون فورد أدان الحزب الفيلم لأنه صور الضباط السوفيت على أنهم وحوش وأشرار، وقالوا له «أنت تصفع الجندى السوفيتى المنتصر فى وجهه»، وقال مسئول فى الحزب: «فى عام ١٩٥٧ لم يكن الاتحاد السوفيتى يرسل الإرهابيين إلى أمريكا، ولكنه أرسل القمر الصناعى سبوتنيك إلى الفضاء».
وقد رد المخرج والمنتج للفيلم، ستيفن سبيلبرج، على الاتهام لماذا اختار الروس ليكونوا الأعداء؟ قائلًا: «أولًا أنا روسى، فأصولى تعود لأوكرانيا، وعندما قررنا أن الجزء الرابع ستكون أحداثه فى عام ١٩٥٧، لم يكن لدينا خيار سوى جعل الروس أعداء. الحرب العالمية الثانية كانت قد انتهت للتو والحرب الباردة كانت قد بدأت للتو. وفى ذلك الوقت لم يكن لأمريكا أعداء آخرون».
وقال مسئول بالحزب الشيوعى لوكالة أسوشيتد برس: «إنه أمر مقلق إذا أراد مخرجون موهبون إشعال حرب باردة جديدة».
وللحديث بقية..