مَن هو إريكسون الذي سبق كولومبس إلى كوريا الشمالية؟
نجح المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس، في مثل هذا اليوم من العام 1493 في اكتشاف والوصول إلى قارة أمريكا الشمالية. لم يكن غرض كولومبوس والذي حصل على دعم وتمويل الملك فيرديناند الثاني ملك أراجون وإيزابيلا ملكة قشتالة، البحث عن أمريكا الشمالية، إنما كانت رحلته للوصول إلي الهند، حتي وعندما اكتشف القارة الأمريكية الشمالية ظن أنها هي الهند.
ويؤكد الكاتب الأمريكي صمويل نيسون في كتابه "أحداث شهيرة من التاريخ"، أن استكشاف كريستوفر كولومبوس لأمريكا عملا غير مقصود بذاته، إلي جانب هذا قد يحتمل أن يكون إنسان غيره قد أنجزه من قبل، فإن صح ذلك يكون من نصيب رجل من الشماليين هو "لايف إريكسون"، حيث وصل قبل كريستوفر كولومبوس بخمسمائة سنة، وبحكم الاتفاق والمصادفة، وإن لم تكن مصادفة ذات بال، فإن "إريكسون" كان يطلب أيسلندا، وهي قريبة جهد القرب من أمريكا الشمالية بالقياس إلي الهند، التي أبحر كريستوفر كولومبوس في طلبها.
ويذهب "نيسون" إلى أنه ربما كان السبب في أن ينفرد كريستوفر كولومبوس باستكشاف أمريكا، أن اتجاه العصر كان يحبذ الاستكشاف عندما قام بسفراته البحرية. لقد كانت أوروبا أكثر استعدادا لتقدير الاتجاه والانتفاع به عما كانت في عصر "إريكسون"، ومهما يكن من أمر ذلك، فإن فضائل الصبر والاحتمال والشجاعة والمهارة البحرية، لم ينكرها أحد علي الربان الجنوي ــ نسبة إلي مدينة جنوة المنحدر منها كريستوفر كولومبوس ــ وإن نزوله في جزر الهند الغربية إنما هو بمثابة ميلاد الدنيا الجديدة.
كان كريستوفر كولومبوس بحارا أغرم بالماء المالح منذ كان في الرابعة عشرة من عمره، فقام بجولات بحرية في البحر المتوسط وإلي جزر الأزورس، واحتمالا إلي إنجلترا والبحار الشمالية، قبل أن تتملكه فكرة العثور علي طريق غربي إلي الهند في سنة 1474.
ومنذ ذلك الحين، وفي مواجهة كل الصعاب التي لا تغيب عنا وقائعها في خلال ثمان عشرة سنة، كانت تساوره الفكرة وتلح عليه وتقض مضجعه. وفي النهاية استطاع أن يفوز بتأييد فيرديناند الثاني ملك أراجون وإيزابيلا ملكة قشتالة "أسبانيا" في الثالث من أغسطس من العام 1492 وأبحر من ميناء "هيلفة" في ثلاث سفن صغيرة وهي: "سانتا ماريا"، و"نينا"، و"بنتا". وبالرغم من عصف الرياح وسرعتها وشدة هبوبها، والمرض والخوف الذي اعتري بحارته، اتخذ اتجاهه نحو الغرب بشجاعة وعناد حتي استقر في سان سلفادور بجزر "الباهاما" في 12 أكتوبر .
ويتابع "نيسون": في ثلاث سفرات بحرية أخري، ارتاد كريستوفر كولومبوس جزرا متفرقة من جزر الهند الغربية، واكتشف "ترينداد"، والأرض والقارة في أمريكا الجنوبية، كما استكشف الشاطئ الجنوبي من خليج المكسيك.
من رحلاته البحرية هذه كسب كريستوفر كولومبوس ثروة واسعة ومجدا عريضا لازمه في حياته ومن بعد موته، ولو أنه عاد مرة أخري إلي أسبانيا مقرنا بالأصفاد، وطارت من حوله الأساطير، ومنها أنه كان عليه أن يقنع الذين عارضوا في القيام برحلته أن الأرض كروية. أما الحقيقة فأنهم اختلفوا معه علي سعة المحيط، وثبت أنهم كانوا أقرب إلي الصواب.
ويختتم: أما الباحثون في سلك البحار من المحدثين، فقد وقعوا علي بينات مذهلة عن مهارته البحرية، فإنه عبر المحيط مرة متجها لناحية الشرق، فلم ينحرف عن مكام نزوله المقصود غير خمسة وثاثين ميلا، وهو انتصار فائق علي الرياح وتيارات المحيط، إذا تذكرنا النقص الكبير في أجهزته الملاحية وبدائيتها.