خبراء لـ«الدستور»: موسكو تضغط باتجاه عزل الرئيس زيلينسكى وتولى الجيش الحكم
تتطور أحداث الحرب الروسية الأوكرانية بوتيرة متسارعة فى كل لحظة، منذ أن شن الجانب الروسى هجومه العسكرى، الخميس الماضى، على أهداف ومدن أوكرانية، وباضطراد يشير إلى نية روسية بالتقدم على الأرض ومحاصرة أو دخول العاصمة كييف.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن تدمير ٨٢١ منشأة عسكرية وإسقاط ٧ طائرات و٧ مروحيات و٩ مُسيّرات لدى الجانب الأوكرانى.
ومع ما يدور من أحداث، ومع تدخل الأطراف الدولية فى محاولة للتهدئة والعودة للمفاوضات، يطفو سؤال رئيسى إلى السطح: هل يقبل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات؟ وللإجابة عنه تواصلت «الدستور» مع مجموعة من الخبراء للتعرف على سيناريوهات الأيام المقبلة.
وقال محمد عبدالرازق، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا تركز فى الوقت الراهن على تطويق العاصمة الأوكرانية كييف، وممارسة أقصى ضغط على نظام الرئيس فولوديمير زيلينسكى، بما يفضى إلى رحيله عن البلاد، سواء إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة أو أى من الدول الأخرى التى عرضت عليه اللجوء، وتولى الجيش الأوكرانى زمام الأمور فى البلاد كما طلب «بوتين» بالفعل.
وأضاف: «احتمالات تحقق هذين الخيارين لا تزال بعيدة نسبيًا، خاصة مع المقاومة التى يلقاها الجيش الروسى على تخوم كييف والمدن المحيطة بها، بما يؤخر السيطرة على العاصمة، ولكنها لا تمنع احتمالات حدوثها تمامًا، خاصة بعد الضربات الجوية والصاروخية المركزة التى وجهتها موسكو للعديد من القواعد ومواقع البنى التحتية العسكرية الأوكرانية».
وواصل: «على الجانب السياسى، تشير تصريحات المسئولين الروس، وفى مقدمتهم الرئيس بوتين، إلى أن الهدف الأساسى للعملية العسكرية ليس السيطرة على أوكرانيا أو إخضاعها إلى السيادة الروسية، وإنما تغيير النظام السياسى الحالى فى أوكرانيا والموالى للغرب بشكل كبير، وفرض السيطرة على إقليم دونباس شرقى أوكرانيا بعد الاعتراف باستقلال الجمهوريتين المنفصلتين فيه دونيتسك ولوجانسك».
وعن الإطار الزمنى لذلك، قال «عبدالرازق»: «لا يمكن الجزم بإمكانية تحقق هذه الأهداف الروسية سريعًا، إذ تشير طبيعة المعارك الدائرة إلى أنها من المحتمل أن تستمر أيامًا أخرى، وفى الأثناء تتواصل الجهود الدبلوماسية للجلوس إلى طاولة المفاوضات حسبما تشير الرغبة الروسية والمصلحة الغربية فى عدم التصعيد العسكرى أكثر من ذلك».
من جهتها، قالت نرمين سعيد كامل، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية: «أثار تصريح الخارجية الروسية بأن العملية العسكرية التى حدثت فى أوكرانيا ليست حربًا وإنما هى لمنع الحرب، الجدل بشأن إمكانية أن تكون تلك العملية التى بدأت بإعلان استقلال دونيتسك ولوجانسك الخطوة التى تسبق جلوس روسيا مع أوكرانيا على مائدة المفاوضات للتباحث، ولكن من منطلق قوة وفرض السيطرة، خاصة مع الدعوات التى وجهها الرئيس الروسى للجيش الأوكرانى بإلقاء السلاح والسيطرة على الحكم، ومع الإشارات التى أبدتها موسكو للاستعداد للتفاوض على شرط أن تلتزم كييف بالتعاطى الجاد مع مخاوف روسيا الأمنية من انضمامها لحلف الناتو».
وأضافت: «فى تلك الأثناء عرضت أطراف أخرى استضافة المفاوضات بين موسكو وكييف على أرض محايدة، ومن ضمنها المجر، وقد جرى إرسال رسالة إلى الطرفين، ولكن الرئيس الروسى لا يزال يصر على إجراء المفاوضات فى عاصمة روسيا البيضاء مينسك».
وواصلت: «كما اتجهت فواعل كبرى أخرى إلى خيار التفاوض، ومن ضمنها الصين، التى رفضت التصويت ضد روسيا فى مجلس الأمن، حيث دعا الرئيس الصينى، بوتين لضرورة إجراء المفاوضات مع أوكرانيا، ويبقى الخلاف حتى الآن على مكان المفاوضات حيث تصر روسيا على بيلاروسيا، فيما تصر أوكرانيا على بولندا».
وأشارت الباحثة إلى أن الجانب الأوكرانى يبدو أكثر اضطرارًا للجلوس لمائدة المفاوضات فى الوقت الحالى بعد حالة التخلى الأوروبى والأمريكى التى شاهدها العالم وحتى الآن، فما يحدث يؤكد أن كييف دفعت فاتورة تخلى الغرب عنها بعد أن نجح فى تأليبها ضد موسكو على مدى سنوات امتدت منذ عام ٢٠١٤.
وتابعت: «كان الهدف الروسى منذ البداية هو جعل أوكرانيا دولة حياد ومنزوعة السلاح، وضمان عدم انضمامها لحلف الناتو، ولكن الولايات المتحدة بقيت لسنوات تكرس فكرة السيادة الأوكرانية التى تخولها الانضمام للناتو، وهو ما اقتنع به الجانب الأوكرانى دون أن يكون للأمر غطاء فعلى، فوجدت كييف نفسها فى مواجهة روسيا منفردة، وربما يكون هذا هو الدافع الرئيسى لإبداء كييف الرغبة فى التفاوض».