وصفة الموت.. خلطات الأعشاب تصيب المرضى بمضاعفات خطيرة
رغم التحذيرات من خطورة استخدام الأعشاب في علاج المرضى والإفراط في أستخدامها، إلا أن كثيرين يفضلون التداوي بها دون إشراف طبى، حتى أصبحت تجارة يستغل القائمون عليها استغلال قلة وعي البعض فى المداواة بها.
الضحايا كثر، لكن ربما لا يخطر على بال أحد أن يكون الضحية مصاب بمرض مزمن، واحتار الأطباء في إيجاد دواء يشفيه، فى الوقت الذى يدعى فيه بعض تجار بيع الاعشاب ي امتلاكهم خلطات سحرية تعالج الأمراض المزمنة.
عادل، 30 عامًا، مريض بورم في الغدة الليمفاوية، ليس له علاج في مصر سوى الكيماوي أو الإشعاعي كأي ورم سرطاني، وبالفعل خضع لجلسات طبية، ونجح في إزالة الورم، إلا أنه عاد مجددًا.
أصيب الشاب اليأس، حتى رأى إعلانا على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لمحل عطارة يؤكد أنّ لديه خلطة سحرية لعلاج الأورام السرطانية، فأشترى تلك الخلطة السحرية وتناولها.
عقب مرور 6 أشهر، اكتشف الشاب أن يعانى من آلام في معدته باستمرار، دفعه للكشف لدى طبيب باطنة، فأخبره أنه أصيب بتليف في الكبد من كثرة تناول الأعشاب.
"عادل" ليس الحالة الأولى التي تعرضت لإصابة بسبب الخلطات العشبية، فهناك واقعة حدثت مؤخرًا، إذ توفيت مُسنة في سوهاج، وتبين من التحقيقات تناولها وصفات طبية من أحد محلات العطارة.
لكن الواقعة الأبرز في تاريخ ضحايا الأعشاب، كانت لـ"فتاتين" أنهت حياتهما في منطقة أطفيح بالجيزة، واللاتي تناولن خلطة عشبية لإطالة الشعر، جلبها والدهما إليهما من أحد محلات العطارة القريبة من المنزل، إلا إنهما بمجرد تناول تلك الخلطة العشبية أصيبا بهبوط في الدورة الدموية ونقلا إلى المستشفى وتوفوا في الحال.
أجرى "محرر الدستور" جولة داخل إحدى العيادات الطبية غير المرخصة، لرصد الطرق المتبعة مع المترددين على هذه العيادة، والوصفات التي تُقدم إليهم بالإتفاق مع تجار الأعشاب الطبيعية، وتبين من خلال الجولة تردّد بعض المواطنين على العيادة بسبب ثمن الكشف الرخيص بها، وارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.
شقة صغيرة في إحدى الشوارع الضيقة بواحدة من المناطق الشعبية، يقطن بها صاحب العيادة ليجعل منها منزل له والجزء الآخر منها عيادة طبية متخصصة في علاج الأمراض البسيطة مثل آلام العين والأسنان وهكذا، وبالحديث مع أحد سكان المنطقة "أحمد منصور"، 28 عام، يقول إن هذا الطبيب غير متخصص في المجال الطبي، وليس من خريجي كلية الطب من الأساس، لكن لديه خبرة واسعة في العلاج بالأعشاب الطبيعية.
ويقول منصور، أنه كان يعاني من التهابات شديدة في عينيه ليتجه إلى هذه العيادة حتى أرشده الطبيب لوصفة طبية يستطيع شراؤها من أحد العطارين في المنطقة المجاورة، وكان ماء البصل هو الوصفة الطبية الأولى التي كتبها له الطبيب، موضحًا في حديثه مع "الدستور" أن ثمن الكشف كان بمبلغ قدره 30 جنيهًا، وهذا ما جعل القاطنين بالشارع يعتمدون على هذا الشخص أثناء مرضهم.
يوضح الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومي للسموم، في حديثه لـ"الدستور" أن استخدام الأعشاب الطبيعية في علاج المرضى، ما هو إلا نصب وإحتيال بهدف كسب المال غير الشرعي، موضحًا أنه يتم استخلاص المركبات الصالحة من الأعشاب في تركيب الأدوية بعد فصل المركبات الضارة منها، وبالتالي لا يصلح إرشاد المرضى لتناول الأعشاب بجميع مكوناتها الضارة التي تسبب الفشل الكلوي والكبدي.
ويضيف عمرو، أن استخدام الأعشاب الطبيعية في علاج المرض كان في العصور القديمة قبل اكتشاف العلاج الكيميائي الحديث الذي يستطيع حاليُا كشف المواد الضارة بداخل هذه الأعشاب، مشيرًا إلى دور وزارة الصحة في الرقابة على مروجي هذه الأعشاب مهما للغاية.
ينص قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 على معاقبة كل من يغش تجاريًا بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه.