أبوالغيط يحذر من مخططات التقسيم التى تستهدف الدولة الوطنية العربية
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أن التحديات التي تواجه الدول الوطنية العربية تفرض على الجميع التيقظ والانتباه لمُخططات تستهدف تقسيم المجتمعات على أساس طائفي، أو عرقي أو ديني أو مناطقي؛ وبحيث تفقد المواطنة الحديثة في دولة القانون معناها وقيمتها؛ ويتحول المواطن إلى عضوٍ في هذه الجماعة أو تلك الطائفة، قبل أن يكون مواطنا.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في المؤتمر الرابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية الذي بدأ اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وقال أبوالغيط "إن المواطنة في الدولة الحديثة هي مناط الحقوق والواجبات، ومحل الانتماء والولاء؛ وهي الرابطة الأساسية التي تجمع أبناء الوطن الواحد، وتوحد بينهم ؛ ولا شك أن البرلمانات هي التجسيد الحي لقوة هذه الرابطة، والدليل العملي على حيوية تلك الوحدة، واستمراريتها".
وأوضح أبو الغيط أن جامعة الدول العربية تعلق على البرلمان العربي أهمية كبيرة باعتباره تجسيداً لركن جوهري في منظومة العمل العربي المشترك؛ مؤكدا أن هذه المنظومة لا ترتكز على التنسيق السياسي وحده؛ ولا تتناول الموضوعات الدبلوماسية والسياسية دون غيرها ؛ بل هي إطارٌ شامل لعددٍ متشعب من الروابط والعلاقات التي تجمع الدول العربية، والشعوب والمجتمعات العربية، على أكثر من صعيد، وفي مجالات متنوعة تشمل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي.
وأضاف أبو الغيط "أنه في هذه المنظومة، فإن صوت الشعوب لابد أن يكون حاضراً ومؤثرا؛ وهو ما يجسده البرلمان العربي، ويُعبر عنه في اجتماعاته المشتركة، ومواقفه العلنية، وتحركاته على الصعيد الدولي".
وأكد أن دور البرلمان العربي يعكس معنى مهما وقيمةً ضرورية في العمل العربي؛ وهي قيمة الحكم الرشيد كأساس للنهضة الشاملة، وكركيزة للاستقرار والتنمية؛ موضحا أن مؤسسات التمثيل والتشريع والرقابة، ممثلة في البرلمانات، تُعد ركناً أساسياً في منظومة الحكم الرشيد الذي يقوم على إشراك الشعوب في العملية السياسية والتنموية ؛ باعتبار أن الإنسان هو جوهر العملية التنموية وأداتها، وهو أيضاً من يجني ثمارها في تحسين جودة حياته، وتوسيع هامش الفرص التي تتوفر له ولأبنائه.
وقال أبو الغيط "إننا نرصد توسعا في دور البرلمانات في دول العالم المختلفة، باعتبارها الساحة المُثلى للتعبير عن إرادة الشعوب، والناقل الحقيقي لصوت الجمهور.. وبرغم كل ما يُقال عن انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي، وتضخم تأثيرها في التعبير عن الرأي العام.. فإنني لا زلتُ مقتنعاً بأن المؤسسات النيابية تظل هي القناة الحقيقية الواصلة بين الشعوب والحكومات.. والضامن لعدم اتساع الفجوة بينهما.. فلا تصير الحكومة، وخططها وأهدافها، بعيدة عن آمال الشعب وطموحاته.. ولا يصير الشعب، بتطلعاته ورغباته، بعيداً عن الحكومة وبرامجها وسياساتها".
وأضاف أبو الغيط "من يقف بالتأمل والتدبر أمام التجربة الصعبة التي مرت بها منطقتنا في العقد المنصرم، سيدرك أن تماسك النسيج الوطني يُعد الحصن الأهم الذي يحفظ وجود الدولة واستمرارها.. فقد شهدنا، بأسف، دولاً عربية تتحلل مؤسساتها، وتنفصم عُرى وحدتها.. فتصير نهباً لتدخلات خارجية وإقليمية.. وساحة لمنافسات وأطماعٍ أجنبية.. ولا شك أن هذه التدخلات وتلك الأطماع تجد فرصتها عندما يضعف النسيج الوطني، وتتراجع قيمة الدولة الوطنية، الحاضنة لجميع مواطنيها، والقائمة على المساواة الكاملة أمام القانون، وعلى الحكم الرشيد".
وشدد أبو الغيط على "أن للبرلمان العربي صوتاً عالياً في رفض أخطر التهديدات التي تواجه مجتمعاتنا، خاصة الإرهاب والفكر المتطرف الذي يتغذى عليه الإرهاب"، مؤكدا أن هذه الظاهرة الخطيرة تنشط وتستفحل في مناطق الأزمات، بما يصاحبها من فراغ أمني وسياسي، وتشرذم اجتماعي.
ودعا الأمين العام للجامعة العربية البرلمان العربي للاستمرار في التعبير عن صوت الشعوب في رفض الإرهاب بكافة ألوانه وتجلياته، لتصل هذه الرسالة أيضاً إلى أصدقائنا عبر العالم؛ ليعرفوا أن الغالبية العظمى من شعوبنا تتبرأ من الفكر المتطرف والتكفيري، وترفض جماعات القتل باسم الدين.. وأن العمل البرلماني في كافة الدول العربية لا يُغفل هذه الظاهرة بل هو يتصدى لها في كل مناسبة، ويواجهها على نحو متواصل ومتضافر.