الجامعة العربية تشيد بجهود مصر للتحضير لمؤتمر المناخ
أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في إطار التحضير لاستضافة مصر نهاية هذا العام للدورة (27) لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، مشيرًا إلى أن هذه الدورة ستمثل فرصة كبيرة للدول العربية لعرض مطالبها من أجل تعزيز قدراتها على وضع مستهدفات واضحة وتواريخ محددة للوفاء بالالتزامات الوطنية والدولية للحدّ من الانبعاثات الدفيئة.
وأكد استعداد جامعة الدول العربية لتقديم كل الدعم اللازم لتنسيق الجهود العربية في هذا الشأن، وإنجاح هذا الحدث العالمي بتنظيم واستضافة مصرية.
جاء ذلك فـي كلمة أبوالغيط في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري الدورة العادية (109) التي انطلقت اليوم بالجامعة العربية برئاسة نيفين جامع، وزير التجارة والصناعة رئيس الدورة الحالية للمجلس.
وقال أبوالغيط: إنه لاشك أن هذا الحدث العالمي المهم سوف يكون من شأنه تمهيد "الطريق من جلاسكو إلى شرم الشيخ لمواجهة التغيرات المناخية".
وجدد أبوالغيط التهنئة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على فوزها بتنظيم، واستضافة أعمال الدورة التالية لهذا الحدث (COP 28) في العام المقبل.
وقال: "لا شك أن عقد دورتين متتاليتين لأهم مؤتمر عالمي للمناخ في دولتين عربيتين، سوف يُمثّل أرضية مناسبة أمام الدول العربية لتثبيت مطالبها والحصول على الدعم الذي تحتاجه بشأن زيادة القدرات الوطنية وتعزيز النُظم الإيكولوجية السليمة لمواجهة آثار تغير المناخ.
وأضاف: إنه يتعين العمل من الآن على الصعيد العربي من أجل اغتنام هذه الفرصة لوضع قضايا المناخ في العالم العربي على صدارة الأجندة الدولية، بشكل ما يرتبط بهذه القضايا من ملفات التحول إلى الطاقة النظيفة، ومواجهة الفقر المائي والجفاف، وتحقيق الأمن الغذائي، باعتبار أن قضايا الماء والطاقة والغذاء تمثل أضلع ثلاثة لمنظومة واحدة تتصل اتصالًا وثيقًا بقضايا البيئة والتغير المناخي.
وتوجه بالتهنئة إلى السيدة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة على توليها رئاسة الدورة (109) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، متمنيًا لها كل التوفيق في هذه المهمة، كما توجه بالتحية والتقدير إلى الدكتور محمد علي الحويج، وزير الاقتصاد والتجارة بدولة ليبيا، على رئاسة الدورة السابقة للمجلس والإدارة الحكيمة لأعماله.
وقال إن اجتماع اليوم ينعقد وعلى جدول أعماله العديد من الموضوعات الهامة التي جرى الإعداد لها من جانب الخبراء وكبار المسئولين، في مقدمتها الملف الاقتصادي والاجتماعي المُقرّر رفعه إلى القمة العربية في دورتها العادية القادمة (31)، والتي ستنعقد باستضافة من الجزائر.
كما يبحث هذا الاجتماع، من ضمن الموضوعات المعروضة عليه، التحضيرات الخاصة بانعقاد الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، المقرر عقدها في موريتانيا العام المقبل، مشيرًا إلى أن القمم الاقتصادية آلية أقرتها الدول الأعضاء، منذ نحو 14 عامًا، بعقد قمة تُخصّص للموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتبحث في أفضل الاستراتيجيات والمشاريع القومية العربية التي تعود بالنفع لصالح أبناء هذه الأمة.
وقال إننا نتباحث في هذه الموضوعات، في الوقت الذي تتعاظم فيه التحديات وتتداخل، فدُولنا العربية جميعها لا تزال تواجه التداعيات التي فرضتها جائحة كورونا.
لقد شكّلت هذه الجائحة تحديًا طارئًا وذا أولوية قصوى، كما ستنعكس آثاره بلا شك على الجهود المبذولة لتحقيق أجندة التنمية المستدامة التي اتفق عليها المجتمع الدولي منذ سبع سنوات.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة:
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن الجامعة أطلقت أواخر العام الماضي، وبالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، التقرير الإقليمي بعنوان "تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول المتأثرة بالنزاعات في المنطقة العربية".
ويُسلّط هذا التقرير الضوء على إطار العمل المتكامل لرصد أهداف التنمية المستدامة في الدول التي تواجه تحديات مُعقّدة ومتشابكة، ويشمل الدول الأعضاء التي تشهد نزاعًا، وتلك الخارجة منه، وكذلك دول الجوار المتأثرة به، ويتناول التقرير على نحو مُحدّد (8) دول عربية.
واستعرض عددًا من الرسائل الرئيسية والاستنتاجات التي رصدها هذا التقرير وأبرزها: الترابط الوثيق بين السلام والتنمية، ففي غياب السلام والأمن يستحيل تحقيق كافة الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة، كما لا يمكن تحقيق السلام المستدام والاستقرار على المدى الطويل من دون عملية تنموية تنعكس آثارها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان.
كما يستلزم تحقيق أهداف التنمية المستدامة أُطرًا جديدة تراعي العلاقة القوية بين عمليات التنمية والإغاثة الإنسانية وجهود السلام، ويوفر إطار الأمن البشري صلة مهمة بين الركائز الإنسانية والإنمائية والهادفة إلى بناء السلام، إذ يعكس هذا المفهوم الترابط بين هذه المجالات، خاصة في الدول التي تعاني النزاعات أو تلك التي تتعافى منها وتتطلع إلى إعادة البناء.
وأكد أن التقرير يشدد على أن ثمة حاجة ماسة لاعتماد نهج إقليمي جديد لتطبيق نموذج الأمن البشري يقوم على مفهوم شامل لمنع نشوب النزاعات.
وقال إن إحدى الركائز الخمس التي قامت عليها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 هي الحفاظ على هذا الكوكب، إذ يُعدّ تغير المناخ قضية وجودية حاسمة بالنسبة للبشرية، لما ينطوي عليه من تأثيرات كبيرة على نمط الحياة وركائز التنمية والسلم المجتمعي.
وقال إنه لا شك أن للتغيرات المناخية الجارية تأثيرات كبيرة على حركة السكان وسُبل العيش وأنماط النشاط الاقتصادي، وقد يكون من شأن هذه التغيرات، إن هي تكثفت وتصاعدت خطورتها، أن تفضي إلى مفاقمة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي غالبًا ما تكون بمثابة بيئة مواتية للاضطرابات والنزاعات، لذلك فإن خطة 2030 تعلق أهمية كبيرة على دور النُظم الإيكولوجية السليمة في استدامة السلام.
وشدد أبوالغيط على أن دعم التنسيق البيني والتعاون العربي هو صُلب عقيدة الجامعة العربية وبمثابة حبل الوريد لها، مشيرًا إلى أن التكاتف العربي هو طوق النجاة وسط هذه التحديات المتتالية والمتشابكة التي تواجهنا جميعاً.
وقال: "هذه الاجتماعات الني نعقدها في رحاب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تُمثّل فرصة سانحة لتذليل كافة العقبات التي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك".
وأضاف: إنّنا نعيش مرحلة دقيقة في تاريخ المنطقة العربية والعالم أجمع، تنطوي على تحولات سياسية وأمنية واستراتيجية، وكذلك صحية واجتماعية واقتصادية، وتستدعي منّا تطوير آليات التعامل والاستجابة لهذه المتغيرات، فالقدرة على التكيف مع المتغيرات المتسارعة تعد ملمحًا أساسيًا لنجاح الدول والحكومات في المرحلة القادمة.