حفرة على الطريق الدائرى!
مر السائق بحفرة على الطريق الدائري، حفرة عميقة ومؤذية، ولما ارتجت العربة بنا؛ أبدينا تبرمنا، ولعن السائق الطريق، لم يكن مطبا طبيعيا ولا حتى صناعيا، يمكن الانتباه إليه وتفاديه، كانت حفرة بائسة، على طريق سريع خطر..
يوم ذاك فكرت في أن مثلها يملأ حياتنا؛ فحياتنا مليئة بالحفر المماثلة، حيث لا يجب أن تكون حفرة واحدة، ولذا تجري الحوادث في الحياة كما تجري على الطريق المذكور وغيره من الطرق.
أعرف جهود الحكومة في إصلاح الطرق، لكنها جهود دون التمام، وأعرف مراقبة المرور كل كبيرة وصغيرة على جميع الطرق، بالأفراد العاديين، وبالأدوات الحديثة كالرادار، غير أن الإفلات من الرقابة يحدث، كما يحدث جميع الأشياء السيئة، ثم إن وجود خطأ فادح من الأصل، كالحفرة المشار إليها، يصنع حججا لدى السائقين لو وقع ما يستحقون عليه الحساب والعقاب!
نريد أن نسد الحفرة التي تسبب كوارث فعلية، قد يذهب ضحيتها بشر لا ذنب لهم، ولو فعلنا، نكون كمن سددنا حفرا بواقع حياتنا نفسه؛ فهذا من ذاك كما ألمعت آنفا..
شهدت حوادث مهولة على الطريق الدائري، بسبب تلك الحفرة التاريخية التي لا يتفرغ لها متفرغ مختص، ولا يشعر بمصيبة وجودها أحد من المسئولين، ولا يفهم شخص من الأشخاص لماذا هي مستمرة، مهما تغيرت الأزمنة، ولماذا هي راسخة مهما تطورت الأشياء من حولها؟!
على كل إنسان ببلادنا أن يقول لنفسه: في حياتي حفرة صعبة كالحفرة التي على الطريق، مفاجئة وقاسية، قد يكون ثمنها فقدان الحياة "لا قدر الله"..
على كل سائق ألا يفرط في السرعة، وألا يغفل ولو لثانية على الطريق، لا سيما المفتوح كالدائري، وأن يبلغ جهات الاختصاص بما يعيب مما قد يسبب الدم والعدم، وإن وجد السائق حفرة في طريقه، عليه أن يفتش عن الحفرة التي في داخله، وكما يتمنى معالجة الطريق، عليه أن يتمنى معالجة جوانيته!
نكلف خزائننا تكلفة عالية إذ نمارس التقويم والتحسين، ولكننا ننسى شيئا صغيرا.
مشينا، يُخرج الشيء الضئيل الحقير لنا لسانه؛ كأنه يقول: ضيعتم الكثير الطيب بالقليل الشرير!!
وهكذا في الحيوات نفسها، حيواتنا جميعا، نسعى سعيا يوهمنا بالحصانة الحياتية، ولكننا نغفل عما يجعل سعينا الجميل مكتملا ومفيدا.. فنعود كأننا لم نسع بالأساس؛ لذلك يكثر أن يقال: لماذا لم نصب خيرًا مع أننا لم نقصر في السعي؟!
بغض النظر عن الطريق الذي مر به السائق على الحفرة؛ فالطرق كلها حفر من هذا النوع، والخطر واحد تقريبا، أكتب لأستنهض همم الناس كلهم أن ينهوا الخلل، متحابين متعاونين، وأوجه الأفكار إلى أن الظاهر يجب أن يستوي كالباطن، وأن ما يصدمنا على أي طريق يجب محوه بل جعله حافزا إلى خلاصنا المعنوي أيضا!