صحيفة عمانية: حماية التراث الإنساني يحتاج تشريعات مدعومة بالإرادة السياسية الدولية
أفادت صحيفة "عمان" العمانية بأن حماية المدنيين هي أحد أبرز الاهتمامات خلال فترات الحروب والنزاعات الدامية، منبهة إلى أن ذلك أمر طبيعي على اعتبار أن الإنسان أسمى الكائنات على هذه الأرض.
وأشارت الصحيفة في افتتاحية عددها الصادر اليوم /الأربعاء/ تحت عنوان (من أجل حماية التراث الإنساني) إلى أن هناك أسئلة ملحة تطرح في الوقت نفسه، وهي مرتبطة بالإنسان وبمنتجه الحضاري والثقافي، وفي مقدمتها سؤال حماية التراث الثقافي للإنسان وما راكمه على مر التاريخ من منجزات رافقت تطوره الفكري والمعرفي.
وأثارت الصحيفة تساؤلا حول كيف يمكن حماية هذا التراث الثقافي الذي أنجزه الإنسان على مرّ التاريخ، من الإنسان نفسه في لحظة صراعه مع بني جنسه؟ مشيرة إلى أن القلق ليس وليد الصراعات الإنسانية في العصر الحديث بل كان مرافقا لكل الصراعات البشرية منذ بدء الخليقة.. ويمكن أن نتذكر هنا حجم الكارثة التي لحقت بكتب العرب التي تقول الروايات إن المغول رموها في النهر وعبروا فوقها لحظة سقوط بغداد سنة 1258، موضحة أن مثل هذه الكوارث بقت تتكرر في كل الصراعات والنزاعات المسلحة، وخسرت البشرية الكثير والكثير من تراثها وثقافتها، حتى في هذا العصر الذي يعرف فيه الإنسان أهمية المنجز التراثي والحضاري المتراكم منذ بدء البشرية على هذه الأرض.
وأشارت إلى أنه برغم أن الإنسان هو سبب كل ذلك إلا أنه كان يشعر بحجم المأساة التي يتسبب فيها، وبأهمية حماية التراث الثقافي خاصة في لحظات السلم والهدوء والسكينة، ولذلك شكل العالم مؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع وبدأت تعقد مؤتمرات للمانحين خاصة من الدول التي تعرف قيمة التراث الإنساني وتقدره، مبينة أن سلطنة عمان على الدوام كانت من الدول التي تدعم حماية التراث الثقافي واستدامته وتدعو إليه بل وتنبه دول العالم إلى خطورته، وقد بذلت خلال السنوات الماضية الكثير من الجهود من أجل حماية ذلك التراث في مناطق النزاع، وآخر ما يمكن أن يذكر هنا ما قام به المتحف الوطني من إعادة ترميم وتأهيل الكثير من القطع التراثية النادرة التي تعرضت للتخريب خلال الحرب في سوريا.
وأوضحت الصحيفة أن مشاركة سلطنة عمان في مؤتمر المانحين الثاني للتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع الذي أقيم بمتحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس كانت تجسيدا لذلك الحرص ولذلك الاهتمام المستمر، مشيرة إلى أن قضية حماية التراث في مناطق النزاع لا تقتصر على فكرة التدمير المتعمد أو العرضي للتراث ولكن الفكرة تتسع لتشمل حماية هذا التراث من الإتجار غير المشروع به، ومعلوم أن هناك حروبا تقوم على فكرة القضاء على الأركان الثقافية للطرف الآخر وتجريف منتجه الحضاري أو سرقته ليبقى عاريا من التاريخ.
وأكدت أن هذه القضية تحتاج أن تصدر بشأنها تشريعات مدعومة بالإرادة السياسة الدولية وإلا سيجد الإنسان مع الوقت أن تراثه قد ضاع وذهب مع ما يذهب في الحروب والنزاعات المسلحة.