داخل منازلنا.. احذروا التكنولوجيا السوداء
قضية بسنت التى انتحرت بحبة الغلة تمثل حالة تحتاج إلى دراسة عوامل الخطر والوقاية فى تناول وسائل الإعلام لحالات الانتحار.
بسنت كانت القشة التى قصمت ظهر البعير.. لفتاة عمرها 17 عاماً كانت ضحية للابتزاز والتحرش والتنمر والأذى الاجتماعى والأسرى.. دفعت حياتها ثمناً للعادات والتقاليد المميتة.
صرخة واضحة عنوانها "الموت أمام المجتمع والأسرة".. لم يحتوِ أحد بسنت أو يساندها حتى قتلوا فى هذه الضحية البريئة «الإيمان» للدرجة التى جعلتها تهون عليها روحها دفاعاً عن شرفها وسمعتها.
كم أنا حزينة عليكِ يا صغيرتى..! قلبى تمزق، وحزنت عليك كثيراً.. الله القدير عالم بك، وما أصابك من أذى لم يتحمله قلبك البريء والطاهر من ظلم قلوب عليها أقفال العقليات الذكورية التى لم تتقِ الله فيكِ.
لا بد أن تتم دراسة على حالات انتحار الفتيات سواء فى الريف أو الصعيد أو الحضر للحد من أسباب الانتحار بينهن.. غالبية تلك الفتيات ليس لديها الخبرة الكافية، ولا التأهيل المطلوب للتعامل مع أدوات الثورة التكنولوجية التى اجتاحت العالم، وذلك على غرار الكثيرين.
هذا التطور له إيجابيات كثيرة جداً، ولكن من سلبياته التى تظهر يومياً كشفه خبايا النفوس البشرية المختلفة من خلال ردود أفعالهم وأمراضهم التى ظهرت على صفحات التواصل الاجتماعى، وأصبح أسوأ ما فى المجتمع على مسمع ومرأى من الجميع صوتا وصورة.
يرى بعض المتخصصين أن لثورة الاتصالات علاقة مباشرة بزيادة نسبة حالات الانتحار فى المجتمع، وهو ما يجعلنى أطالب بتفعيل الطرق والوسائل التى تؤدى إلى الوقاية لحفظ أمن المجتمع من خلال الأسرة "الأم تحديداً" والمدرسة والجامعة والجوامع والكنائس والمجتمع بأكمله، الجميع مسئول عن هلهلة هذا المجتمع الذى فقد الأصول التى تربى عليها أجدادنا.
لقد تغير المجتمع المصرى، وبسبب السوشيال ميديا.. اكتشفنا الإيمان المزيف.. من خلال معرفتنا الوجه الحقيقى لهذا المجتمع المنافق الذى يلهث خلف النزوات والنصب والاحتيال والابتزاز والتنمر والاغتصاب النفسى واغتصاب السمعة والتزوير والقتل.
لقد تركنا الأصول والإيمان الحقيقى، وبدلاً من تعظيم استفادتنا من التكنولوجيا، استخدمناها بشكل أظهر مساوئنا لتكون وسيلة لكشف أسرار هذا المجتمع، وأداة فى يد من يريد ضرب هذا الوطن.
الدراسة التى أعدها مؤخراً المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية انتهت إلى وجود ما يسمى الوقاية ضد الانتحار، وذكرت أن من دوافع الانتحار إجبار البنت على الزواج، وقدمت نموذجاً من محافظة الجيزة، وذكرت أن الانتحار باستخدام حبة الغلة من سنة 1947 وإلى 2019 بلغ 200 ألف حالة للفئات العمرية بين 15 و29 سنة، ولم يقتصر استخدام حبة الغلة فى الانتحار على الريف فقط، بل وانتقلت إلى حالات الانتحار فى المدينة.
وذكرت الدراسة، أيضاً، أن أكثر حالات الانتحار خلال 2018 كانت بين الأطفال بسبب الألعاب الإلكترونية، بالإضافة إلى عوامل أخرى مؤثرة كوصمة المرض النفسى، ورفض العلاج بسبب نظرة المجتمع القاتلة للمرض النفسى، والتى تؤدى إلى انتشار عدوى الانتحار.
من توصيات الدراسة أنه يجب على كل فرد فى المجتمع محاسبة نفسه وتعديل سلوكه بدعم من منظومة الدولة بشكل متكامل، بكل مؤسساتها وقوتها الناعمة، لاسترجاع القيم والمبادئ والأخلاق قبل فوات الأوان.. لا بد من التوعية المجتمعية الدورية والمستمرة ومحاربة التكنولوجيا السوداء والأفكار الهدامة للمجتمع بالعلم والعمل، ورصد وتحليل ما يدور من مخاوف تهدم المجتمع وتعمل على إسقاط كل المعانى المصرية الأصيلة.
من الآخر..
على الإعلام تناول انتشار مثل هذه الحوادث بصيغة وأسلوب وقائى يحد من انتشارها.. والتحذير من المؤثرات الصوتية والسمعية والبصرية التى تستهدف الأطفال والشباب من خلال تطبيقات إلكترونية.. بعضها يستحق الحظر.