فى ذكرى صاحب «أندروماك».. جان راسين كاتب تاريخ الملك لويس الرابع عشر
من أعظم كتاب التراجيديا في فرنسا خلال القرن السابع عشر وحتي الآن، حققت مسرحيته "أندروماك" ثورة في عالم المسرح، بعدما أنفصل مؤلفها عن مسرح موليير، إنه الشاعر جان راسين، الذي تحل اليوم الذكري الــ382 لمولده، فقد ولد في مثل هذا اليوم من 1639 بمدينة فيرتي ميلون بمقاطعة فالوا قرب باريس.
توفيت والدته فكفلته جدته، وعادت في تربيته وتثقيفه إلي جماعة الجنسيين فبذلوا كل جهدهم في تنشأته وتعليمه وغرس مبادئهم في نفسه، واهتموا بإطلاعه علي روائع الآداب اليونانية. ولما بلغ راسين التاسعة عشرة من عمره قصد باريس ليدر المنطق في كلية آركور، وهناك تحرر من تعاليم جماعة بول رويالو وتوطدت أواصر الصداقة بينه وبين لافونتين ذلك الشاعر التائه الذي كان يكبره بسبعة عشرة سنة. واتخذ من بوالوو الناقد المعروف صديقا ورضي أن يكون بمثابة التلميذ الموجه له.
ثم عرف جان راسين "موليير" الذي مثل له أولي مآسيه، غير أن صداقته لموليير لم تدم طويلا ذلك لزن فرقة موليير لم تكن تجيد تمثيل مآسيه، وكان راسين قد عهد إليه بتمثيل مسرحية "الإسكندر"، ولما أحس فتور الجمهور وعدم إقباله عليها فما كان منه إلا أن سحب روايته ووضعها بين يدي فرقة منافسة لفرقة موليير.
كان جان راسين يحظي لدي الملك لويس الرابع عشر وحاشيته مكانة مرموقة، أما بين النقاد فكان جان راسين وكوني يتنافسان علي الزعامة المسرحية .
في عام 1667 أخرج الشاعر جان راسين مأساته الخالدة "أندروماك" والتي قدمها عميد الأدب العربي فب نسختها العربية، وتجلت في هذه المأساة خصائص راسين ودلائل نبوغه. وأعقب راسين هذه المأساة بملهاة "المتخاصمون"، والتي سخر فيها من القانون سخرية لاذعة. ثم أخرج بعذ هذه الملهاة ست مآس هي علي التوالي: "بريتانيكوس"، و"مثريدات"، و"فيدر"، "بيرينيس"، و"أفيجيني". وأصاب الأخيرة فشل لم يتوقعه راسين فاعتزل المسرح وهي في الثامنة والثلاثين من عمره، وانقطع عن كتابة المآسي رغم أنه كان في قمة مجده.
أنفض المجتمع الباريسي من حول جان راسين وعاد إلي أحضان أساتذته بعد أن تطاول عليهم، وقد تلقي رجال جماعة بول رويال الشاعر جان راسين ما يستحقه من التكريم، ونصحوه بالزواج، فاقترن بفتاة عادية ساذجة يقول المؤرخون أنها لم تقرأ مآسيه، ورزق منها بولدين وخمس بنات. ولم يمض وقت طويل علي زواجه حتي عينه الملك لويس الرابع عشر كاتبا لتاريخه.
أحدث إعتزال جان راسين للمسرح فتورا كبيرا في الحياة الأدبية، فقد مات موليير أعظم كتاب الكوميديا، وراسين بدوره يهجر المسرح، ثم عاد فجأة لكتب روايتي "أستير و"أتالي"، وكانتا ذاتا صبغة دينية، استجابة لمدام دي مانتون لتمثلها بعض الفتيات اللواتي كانت تشرف علي تربيتهن في مدرسة أسستها لهن.