«بعد وصوله لسن التقاعد».. المدرس المتطوع: أنا واهب نفسي للتعليم
يعشق مادة الرياضيات منذ بداية تخصصه وعمله كمدرسًا لها منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من التدرج الوظيفي الذي كان يمر به، ولكنه كان بديلًا للمدرس الأساسي بالمدارس، وحتى بعد وصوله لسن المعاش لن يتوقف عطاؤه لأحفاده و أطفال عائلته، وامتد ذلك حتى قرر التطوع لتدريس تلاميذ الإبتدائية بقريته، بعد علمه بعجز المدرسين، ليصبح بذلك نموذجًا بارزًا داخل القرية.
والتقت ''الدستور'' بالمدرس المتقاعد إبراهيم حسين صالح، الذي يعمل بنظام التطوع بمدرسة الشريف إسماعيل الإبتدائية بقرية الكاجوج بمركز كوم أمبو التابع لمحافظة أسوان، ليحكي انا عن التحاقه بالعمل لسد عجز المدرسين.
فكرة التدريس بعد وصوله لسن المعاش والتطوع
يقول إبراهيم حسين صالح، المدرس المتقاعد، البالغ من العمر 64 عامًا، إنه بلغ سن المعاش منذ 4 سنوات، وإنه يعشق مادة الرياضيات منذ الصغر حتى على الرغم من تقلده العديد من الوظائف الإدارية داخل المدرسة إلا أنه كان يفضل شرح المادة للتلاميذ في غياب المدرس المتخصص في المادة، وحتي بعد بلوغه لسن المعاش، كان يحرص على استذكار المادة لأحفاده وأطفال عائلته.
وأضاف لـ"الدستور" أن جاءت فكرة تطوعه لتدريس مادة الرياضيات في مدرسة الشريف أسماعيل بقرية الكاجوج بمركز كوم امبو، نفس القرية التي يقيم فيها بعد وصوله لسن المعاش، عندما سأل حفيدته أثناء وقت استذكار الدروس لها عن واجب مادة الرياضيات، لكي يساعدها في الإجابة عليه واجابته أنه لا يوجد نظرًا لعدم وجود معلمة، قائلاً:" قالتلي معندناش واجب قولتلها ليه قالتلي كان في أبلة عندنا وأبوها مات وبعدها مبقتش تيجي واحنا مش عندنا مدرس".
مقابلة مدير المدرسة وعرض الفكرة
وأوضح أنه في اليوم التالي وعلى الفور توجه برفقة حفيدته إلى المدرسة، وطلب مقابلة مدير المدرسة، وأخبره أنه يريد أن يتطوع لتدريس مادة الرياضيات لطلاب الصف السادس الابتدائي داخل المدرسة لسد عجز المدرسين، نظرًا لعدم وجود مدرس للمادة وأنه لديه خبرة كبيرة في المجال، ورحب علي الفور بفكرته، وأبدي أعجابه بموقفه، مشيرًا إلى أنه التحق بالعمل في المدرسة في اليوم التالي مباشرة.
وأشار إلى أنه لديه اقتناع كام بفكرة التطوع وسعيد بتنفيذها أيضًا لكي يكون له بصمة بارزه تجاه الطلاب، وممارسة مهنة التدريس في المادة التي يعشقها منذ الصغر ويفضل تعليمها للتلاميذ بشكل كبير، قائلاً" دي رسالة ربنا هيحاسبني على علمي عملت بيه ايه علشان كده بأدي رسالتي للطلبة وبدي خبرتي للمدرسين الجدد لجذب الطلاب".
الصورة التي تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء اليوم الدراسي
تابع إبراهيم حسين صالح لـ"الدستور" أن أثناء عمله داخل الفصل وشرح الدروس لتلاميذ لم يكن لديه علم بالصورة التي تم التقاطها له أثناء عمله وتداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه تفاجأ بردود أفعال الأهالي عن الصورة وتعبيرهم وتقديم الشكر له على دوره البارز مع الطلاب واهتمامه بتعليمهم على الرغم وصوله لسن المعاش، وعندها أخبروها أن هناك صورة تم تداولها له أثناء شرحه للمادة، موضحًا أن عند سؤاله للشخص الذي التقطها داخل المدرسة أخبره أن هذا حقه وأنه فعل هذا لإعطاءه التقدير الذي يستحقه.
ولفت أنه عند دخوله إلي الفصل له طريقة خاصة لجذب انتباه التلاميذ للشرح المادة، نظرًا لأنه له خبرة في مجال التدريس تصل إلي 37 عامًا، وأنه علي دراية كاملة بالمنهج والاساسيات الخاصة بمادة الرياضيات، و أن يتراوح عدد الحصص التي يقوم بتدريسها يوميًا 4 حصص، وجميعها خلال الفترة المسائية، حيث أن المواعيد بالمدرسة تبدأ من الساعة 12 حتى الساعة الرابعة مساءً.
وذكر أنه بمجرد دخوله إلي الفصل يلتزم الجميع بالهدوء، وبعدها يبدء في تصحيح الواجبات والشرح، وذلك في مدة زمنية تتراوح 45 دقيقة الوقت المخصص للحصة، أن من بعد بدء تدريسه مادة الرياضيات للتلاميذ لاحظ أن هناك فرق كبير في مستواهم التعليمي، قائلا "أنا بعتبرها صدقة جارية، أنا بعد ما طلعت معاش عملت عملية في عيني وربنا كرمني وعلشان ربنا كرمني أنا بدي الناس، والعيال مستواهم فرق كتير مكنوش عارفين حاجه"
شعور أهالي قريته تجاهه بعد تطوعه لتدريس
وعبر المدرس المتطوع قائلاً:" الناس في القرية شكروني بقيوا يتصلوا بيا يشكروني، أنا واهب نفسي للتعليم ومحب للتعليم، أنا بعد المعاش أخترت أني منمش في البيت واستمر أني أدي وجبي"، مقدمًا نصيحة لجميع المدرسين الذين بلغوا سن المعاش باستكمال مسيرتهم المهنية في حين كان لديهم القدرة علي ذلك.