مناهضة العنف ضد المرأة
أتابع بكل التقدير والإحترام تلك الفاعليات والجهود التى تبذلها جميع الأجهزة المعنية للدولة تزامناً مع الاحتفالات باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة والذى يستمر لمدة 16 يوماً تنتهى فى اليوم العاشر من شهر ديسمبر الحالى.
وقد جاءت بداية انطلاق تلك الفعاليات منذ ان أكدت السيدة انتصار السيسى حرم السيد رئيس الجمهورية على صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعى "إن مصر تمضى بثبات نحو تمكين المرأة وتعزيز حقوقها وحمايتها من كل انواع الاعتداء اللفظى والجسدى فجمهوريتنا الجديدة عمادها المساواة بين الجنسين وتفعيل دور المرأة كشريك أساسى فى بناء هذا الوطن".
ومنذ اليوم الذى حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة من كل عام وهو يوم 25 نوفمبر للاحتفال بتلك المناسبة قامت الأجهزة والوزارات والهيئات بل والمحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية بتنفيذ العديد من الانشطة لزيادة الوعى بهذه القضية والقضاء على جميع اشكال العنف ضد المرأة وتفعيل مشاركتها فى خطط التنمية المستدامة وكذلك العمل على التوعية بحقوقها وكيفية التعامل مع حالات العنف ومدارسة مشكلات المرأة المعيلة وتوفير المساعدات لها....وفى هذا الاطار فقد كان لوزارة التضامن الاجتماعى والمجلس القومى للمرأة ادوار فاعلة لتنفيذ تلك الاهداف بل والقيام بالعديد من المبادرات الهادفة الى مناهضة العنف ضد المرأة مثل "مبادرة معاً ضد العنف" للتصدى لكافة أشكال العنف الاسرى والمجتمعى ومبادرة "قرية بلا أمية" للقضاء على الجهل ومنع التسرب من التعليم والتوعية بأهمية تعليم الفتيات ومبادرة"يوم فى قرية" بهدف حصر مشاكل المرأة العاملة على مستوى المحافظات.
والواقع ان هذه الاحتفالية قد جاءت فى توقيت بالغ الأهمية وذلك بعدما تزايدت جرائم العنف المجتمعى والأسرى الذى تعرضت فيه المرأة المصرية مؤخراً للعديد من أشكال العنف بدءاً من التنمر والتحرش وصولاً الى القتل فى ظاهرة غير مسبوقة ودخيلة تماماً على المجتمع المصرى الذى تربى على إحترام المرأة التى من الممكن ان تكون هى الأم او الأخت أو الزوجة ولكن ما نراه حالياً من جرائم تستهدف المرأة يجعلنا نتوقف لمعرفة اسباب تلك المتغيرات التى أدت الى وقوع تلك الجرائم...هل هى قصور فى دور الاسرة ام المدرسة ام عدم وجود الوازع الدينى القويم أم انتشار افلام العنف والاثارة؟.
لقد تعرض المجتمع المصرى للعديد من المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاعلامية خاصة بعد احداث يناير 2011 ساهمت فى زيادة اعمال العنف فى المجتمع لعل من ابرزها ضغوط الحياة والتفكك الاسرى وعدم التوافق بين الزوجين خاصة فى السنوات الاولى من زواجهم نتيجة سوء الاختيار او التسرع فيه او عدم التفاهم ...كذلك انتشار الافلام التى تظهر العنف والبلطجة كأنها الاسلوب الامثل للانتقام أو لاسترداد الحقوق بالاضافة الى انتشار البطالة المصطنعة والتى لا أجد مبرراً لها مع تلك المشروعات والانجازات والمدن والاراضى المستصلحة والتى تتطلب اعداداً كبيرة من الايدى العاملة وكذلك انتشار ظاهرة تعاطى المخدرات والاتجار فيها...كل تلك العناصر وغيرها كانت تصب فى معظمها نحو استخدام العنف ضد المرأة أياً ما كانت صلة العلاقة بين الجانى والمجنى عليه...ولما كان هذا العنف غير قاصر على المرأة المصرية تحديداً وإنما هو يمارس عليها فى العديد من دول العالم بأشكال مختلفة فإن جميع المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية العاملة فى مجال حقوق الانسان تسارع فى إصدار البيانات والتوجيهات التى تدعو الى الحفاظ على مراعاة كرامة وانسانية المرأة واستعادة حقوقها وسارعت الدول فى وضع التشريعات التى تحقق لها تلك الحماية وتخصص موارد كافية من ميزانيتها لتفعيل الانشطة التى تحقق لها مواجهة هذا العنف وهو ما تقوم به الدولة المصرية حالياً بكل اهتمام واحترام.
ونحن هنا لن نزايد على ذلك الدور الذى تقوم به أجهزة الدولة ولكن من اللازم ان نناشد كل إمرأة وفتاة ان تساند جهود الدولة فى هذا الشأن ولا تتوانى عن الابلاغ عن اى حالة اعتداء عليها وان تتجاوب مع تلك الحملات التى تقودها الدولة لنشر الوعى والثقافة لمعرفة مالها من حقوق وما عليها من التزامات سواء تجاه المجتمع او الاسرة...وان تبتعد عن مواطن الشبهات واصدقاء السوء ولا تضع نفسها فى تلك المواقف التى تجعلها عرضه للتعدى عليها والالتزام بقيم وعادات المجتمعات التى تعيش فيها.
لقد اثبتت المراة المصرية على مر العصور والتاريخ انها العامل المؤثر فى تحريك الاحداث حيث كانت هى العنصر الاساسى فى إسقاط حكم جماعة الاخوان الارهابية فى يونيو 2013 عندما استشعرت بالخطر على مستقبل بلادها وأولادها ...ومن حقها علينا ان نحقق لها تلك الحماية وهذا التقدير والاحترام وهو ما نادت به جميع الاديان السماوية والاحاديث الشريفة وايضاً قوانين ودساتير الدول المتقدمة.. وتحيا مصر..