الروح الرياضية!
هيديكوتي، المدير الفني التاريخي لـ الأهلي في السبعينيات، ما كانتش أول مرة ييجي مصر، لما تولى إدارة الأهلي، إنما شفناه قبلها بـ عشرين سنة، لما منتخب المجر زار مصر فبراير سنة 1954. عشان نتخيل يعني إيه منتخب المجر ساعتها، أحب أقول لـ حضرتك إنه ما كانش خسر أي ماتش بقى له تلات سنين، وكسب الأوليمبياد نسخة 1952، بل إنه كان قبل شهور أول منتخب يفوز على إنجلترا (مهد الكورة) في استاد ويمبلي الرهيب نفسه، وكسبه 6-3 كمان، في مباراة كتير بـ يقولوا عليها "مباراة القرن". مصر قدرت منتخب المجر الرهيب دا إنه ييجي يقعد له في مصر شهر، واكل شارب نايم بـ يتمرن مصاريف إقامة فلوس بوكيت موني، كله كله على حسابنا، وساعتها كانت الأندية والمنتخبات العالمية بـ تعمل كدا، منها فلوس ومنها أجازة وفسحة، ومصر شمسها حلوة، وعلاقتها مع المجر طيبة، فـ تمام. المجر في الشهر دا لعبت كذا مباراة، اعتبروها على سبيل التدريب، ومنها مباراة كانت خيرية، لـ إنه أثناء الزيارة حصل حريق في قرية بـ كفرالزيات، فـ هم نفسهم المنتخب المجري عرض إنه يلعب ماتش بـ دون مقابل في المحافظة اللي حصل فيها الحريق (الغربية)، ولعبوا قصاد منتخب الشركات وكسبوه 13-1 (13 مش 3، بس الحمد لله سجلوا هدف). المباراة الرئيسية لـ منتخب المجر كانت يوم 12 فبراير 1954، واتلعبت على ملعب النادي الأهلي، ويقال إنه حضر هذا الماتش 30 ألف متفرج، غير اللي ما عرفوش يدخلوا الملعب، فـ وقفوا حواليه، أو روحوا البيت يسمعوه في الراديو، وإيرادات التذاكر بس عدت 8 آلاف جنيه، اللي هو بـ مراعاة التضخم يساوي دلوقتي أكتر من 15 مليون جنيه، ودا كان أعلى عائد في تاريخ الكورة المصرية. قبل الماتش، صلاح سالم راح زار تدريب منتخب مصر، وحضر جزء كبير منه، وفي نهايته قال لهم: إنه ما كانش يعرف حاجة عن الكورة، بس خلاص من النهارده هـ يتابعها بـ انتظام، وقرا معاهم الفاتحة على إنهم يقدموا ما في وسعهم قصاد "بطل العالم". كمان، واحد من المباريات التجريبية لـ منتخب المجر قبل المباراة الرئيسية حكمها مصطفى كامل منصور، وتحكيمه ما عجبش المجريين، فـ طلبوا إنه اللي يحكم ما يكونش مصري، وفعلا اختاروا حكم يوناني اسمه ديامونتو بولو. تشكيل المنتخب في هذا الماتش كان أحمد كاطو ويكن والدالي، حمزة وحنفي بسطان، وحلمي مسطرة (حلمي أبوالمعاطي) أحمد مكاوي والسيد الضظوي وعلاء الحامولي والديبة وشريف الفار. نورالدين طراف حضر المباراة نائبا عن الرئيس، وحضور رسمي مجري رفيع المستوى، وتغطية إعلامية مميزة، وكل شيء. الماتش نفسه كان عادي ومتوقع، تمثيل مشرف من المنتخب المصري، وفوز طبيعي لـ منتخب المجر 3/صفر، بوشكاش سجل هدفين وهيديكوتي هدف. الملاحظ من تغطية الماتش إنه الجمهور كان بـ ينفعل انفعال كبير مع كل حاجة وأي حاجة، وأي لفتة وأي حركة وأي نفس، خصوصا لو صدر مثلا من بوشكاش، لـ درجة إنهم اتكلموا كتير عن كورة جت في حنفي بسطان فـ وقع عادي، زي ما كل لاعب بـ يقع أحيانا، قوم بوشكاش راح يقومه ويطمن عليه، فـ الجمهور هاص وقعد يهتف لـ بوشكاش، ويا سلاااام ع الروح الرياضية. بس يا سيدي، قضوا الشهر وخدوا واجبهم وإحنا خدنا واجبنا، وروحوا.