«نهاية الفرانكو آراب».. مشروع قانون حماية اللغة العربية يتصدى لمحاولات طمس الهوية
يكفي أن تسير بشوارع محافظات مصر وتتأمل أسماء العديد من المحال والشوارع حولك لتجد أن كثير منها استخدم لغات أخرى في التسمية بعيدًا عن استخدام اللغة العربية التي هي لغة بلادنا وأمتنا الأم، وكذلك لا يخفى على الكثيرين أن داخل وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت لغة غريبة منذ عدة سنوات وانتشر استخدامها، وهي ما أطُلق عليها لغة "الفرانكو آراب" التي كان لها الدور في إبعاد المصريين عن استخدام اللغة التي تمثل هويتهم الحقيقية، لغة الضاد.
تلك الحالة المتدهورة التي وصلت إليها اللغة العربية - لغة القرآن الكريم - دفع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب اليوم، بمناقشة مشروعي قانون لحماية اللغة العربية مقدمين من النائبتين سلاف درويش، ومنى عمر.
ونص مشروع القانون المقدم من النائبة على غرامة تصل إلى 10 آلاف جنيه على المخالفين، ومن شأن هذا القانون إلزام المدارس والمعلمين بالالتزام بها في تدريس المناهج، كما يلزم باستخدامها في جميع المصالح الحكومية، ويفرض على الأحياء استخدام اللغة العربية في أسماء الشوارع والأحياء والمتنزهات، وعدم اللجوء إلى اللغات الأخرى.
وحسبما أوضحت النائبة سلاف درويش، فإن الهدف من هذا القانون هو حماية اللغة العربية من الاندثار حتى لا تتعرض للتشويه والتلاشى نتيجة التأثير السلبي من العولمة والغزو الثقافي الموجه.
وتواصلت "الدستور" مع بعض مُعلمي اللغة العربية باعتبارهم من حرَّاسها لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء انحدارها لدى الكثيرين بهذه الأيام وخاصة الشباب من الجيل الحالي.
عُقدة الخواجة
تقول حياة إبراهيم، من مدرسة المنوات الثانوية بالجيزة، إن السبب الرئيسي هو "عُقدة الخواجة" لدى العديد من الأفراد، والتي تجعلهم يسعون لتعلم اللغات الأجنبية وإهمالهم لتعلم اللغة العربية، وذلك ينشأ من خلال حرص الكثير من الأهالي حاليًا على إدخال أبنائهم مدارس لغات التي تكون الدراسة فيها بلغة أجنبية، وعلى الجانب الآخر عدم تعويض ذلك من خلال إمدادهم بدورات لتعلم اللغة العربية، أو إلحاقهم بأيًا من المدارس القرآنية التي تعلمهم صحيح اللغة من خلال دراسة وتحفيظ القرآن الكريم.
الانفتاح الشديد
من جانبه، قال محمد عبيد، مدرس لغة عربية بإحدى المدارس الإعدادية بحي الهرم، إن الانفتاح الشديد على العالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي هو السبب وراء هذه الظاهرة، مقدمًا عُذرًا للكثيرين في استخدام اللغة الإنجليزية أكثر من العربية، وأكد أن الإنجليزية هي السائدة على معظم وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من غيرها، لذا طالب بضرورة مواجهة هذا الأمر بتنمية تعلم اللغة العربية وتيسيره منذ الطفولة، كما رحب بوضع قوانين تلزم باستعمال العربية عن غيرها.
وتعد اللغة العربية هي اللغة الأم لحوالي 290 مليون نسمة من سكان العالم، ولغة العبادة لمليار ونصف مليار مسلم في جميع أنحاء العالم.
أما لغة "الفرانكو آراب"، فهي لغة مستحدثة غير محددة القواعد وغير رسمية ظهرت منذ عدة سنوات، ويعتمد عليها البعض للتواصل عبر الإنترنت باللغة العربية أو بلهجاتها، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف الإنجليزية، فيما يتم استخدام بعض الأرقام للدلالة على حروف معينة في اللغة العربية.
نشأة «الفرانكو آراب»
بدأت نشأة "الفرانكو آراب" خلال الألفية الجديدة مع ظهور بعض خدمات الإنترنت التي كانت لا تدعم سوى حروف اللغة اللاتينية في الكتابة، ما أجبر الكثير من العرب على استخدام الحروف اللاتينية، وكانت شبكات الدردشة قد ظهرت قبل ظهور التليفون المحمول والرسائل القصيرة في البلدان العربية، حيث لم تكن الحروف العربية متاحة في الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت، وبها يمكن استخدام بعض الأرقام للدلالة على بعض الحروف.
قوانين الالتزام بـ«العربية»
وأكدت الدكتورة درية شرف الدين، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أنه خلال تاريخ مصر الحديث، تم طرح ١٠ مشروعات قوانين منذ عام١٩٠٨ في عصر علي مبارك، ثم قوانين أخرى في عهد الملكية، وقانون في عهد عباس حلمي، ثم قانون سنة ١٩٦٩، وبعدها في ١٩٧٦، وجميعها أوجبت الالتزام بالعربية في الرسائل والمكاتبات.
وأشارت شرف الدين، إلى أنه رغم القوانين العشرة - السالف ذكرها - لم تنج اللغة العربية من الحال الذي وصلت إليه.