فى ذكرى قاسم أمين.. قصة أرستقراطى قاد حركة تحرير المرأة بالعالم الإسلامي
كان قاسم أمين ثوريًا، ليس فقط في الفترة الزمنية التي روج خلالها لموقفه المتقدم بشأن تحرير المرأة، لكن أيضًا للثقافة والإيمان اللذين عبر فيهما بجرأة عن رأيه، واليوم يصادف ذكرى ميلاد البطل القومي الذي نشأ في عائلة أرستقراطية فتعلم كيف يهيمن على الحجج، ويدفع فكره للأمام.
ولد “أمين”عام 1863 ، حصل على رتبة عسكرية عالية قبل أن يغادر مصر للدراسة في كلية مونبلييه بفرنسا، وهناك أصبح على دراية بالفكر السياسي والقانوني المجتمعي الغربي، وعند عودته إلى مصر في عام 1885 تزوج وعين قاضيا.
نشر تلميذ ومترجم محمد عبده في العقيدة الإسلامية بسن السادسة والثلاثين، كتابات جريئة تحت عنوان تحرير المرأة، ويُزعم أن معلمه قدم فيها أيضًا مساهمات سرية، وبالنظر إلى الفترة الزمنية - بداية القرن العشرين - والثقافة الإسلامية التقليدية داخل مصر تم اعتبار عمل “أمين” مثيرًا للجدل وتلقى كثير من الانتقادات في الصحف، ومع ذلك فقد اكتسب شعبية أيضًا، وبدأت تصريحاته المؤيدة لتحرير المرأة ، تتسلل ببطء إلى المجتمع الذي يهيمن عليه الذكور بشكل كبير.
كان “أمين” يعلم جيدًا أن كتاباته لن تلقى استحسان الجميع، فهم أنه من خلال التشكيك في الأعراف الثقافية الراسخة، ومن خلال التحقيق في وضع وحياة المسلمات ، سيواجه مقاومة شديدة، في الواقع تتناول الفقرة الافتتاحية من كتيبه المعركة التي كان يعلم أنه سيواجهها، سيقول بعض الناس أنني نشر اليوم بدعة، سأجيب على هؤلاء الناس: نعم جئت ببدعة، لكن البدعة ليست ضد الإسلام، إنه ضد تقاليدنا وتعاملاتنا الاجتماعية التي يجب أن تصل إلى الكمال، فعلى الرغم من المعارضة إلا أن كتاباته جعلته رائدًا في الكفاح من أجل تحرير المرأة في العالم الإسلامي.
ركز في كثير من أعماله على وضع نساء الطبقة العليا اللائي أدعى أنهن مرتبطات بالقيود المجتمعية والمنزلية لدرجة أنهن كن سجينات داخل منازلهن، على غرار العبيد، لقد شعر أن هؤلاء النساء على وجه الخصوص تم عزلهن عن الحياة العامة من قبل أزواجهن الأقوياء، وعقلهم أسير بسبب افتقارهم إلى التعليم القسري.
كانت والدته من الطبقة العليا، ووالده العثماني إداريًا في كردستان ثم مصر فيما بعد، وبالمثل كان “أمين” على دراية تامة بالمجتمع الارستقراطي ومحنة نساءه، ورأى أن اللواتي حصلن على مكانة تربية الأبناء، مستقبل الأمة يجب أن يحصلن كذلك على التعليم من أجل القيام بذلك بشكل صحيح، بكامل قدراتهن الفكرية سواء أكانًا أكاديميًا أو في إطار الدراسات الإسلامية.
وذهب ليصبح أحد مؤسسي الحركة الوطنية المصرية، وعلى الرغم من وفاته عام 1908، إلا أن أيديولوجية قاسم أمين التطلعية لا تزال أساس الإصلاح الإسلامي الحديث، ولا تزال تعاليمه بمثابة مصدر إلهام في الحركة نحو تحرير المرأة بالعالم الإسلامي.