«كنا فاكرين الجواز حايغيره».. قصص زواج مرضى نفسيين باءت بالفشل
في يوم زفافه وعقب انصراف المعازيم وانفراده بعروسه، أحضر العريس ابن مدينة البدرشين السكين وطعن قلبه ليقع صريعًا أمام الزوجة في ذهول ودهشة، لتتخيل للحظات أنها في حلم مزعج "كابوسًا"، لتصدم سريعا بتأكيد أهله أنه كان يعاني من مرض نفسي، ولم يخبروا به، قائلين: "كنا فاكرين الجواز حايغيره".
قصة عروس "البدرشين" هي واحدة من قصص زوجات مكلومات كثيرات يعيشان تحت أسقف بمآس يومية نتيجة ارتباطهم بأزواج غير أسوياء، وقد تصل الخطورة إلى تهديد مباشر لحياتهم الشخصية، وكذلك حياة أطفالهم إن حدث وأنجبوا.
"الدستور" تفتح باب مأس العقد النفسية التي يكون مصابًا بها أحد أطراف العروسين، ويعتقد أهله أن الزواج هو المَخرج الوحيد لحلها، فتكون النتيجة كوارث ربما وصلت إلى أعتاب المقابر والسجون.
"تزوجت قبل سنتين، وخُطبت لمدة سنة ونصف، ولكن بعد كتب الكتاب بشهر، عرفت أن زوجي مريض نفسيًا ويتناول حبوب اكتئاب من سنوات" كانت تلك كلمات السيدة "أ. ن" في حديثها مع “الدستور”، والتي أضافت أنه بعد زواجها بسنتين، وبعد استقبالها وزوجها أول مولود، قررت أن تقترح على زوجها العرض على طبيب نفسي، وتناول علاج، ولكن عند علم أهلها بذلك، شجعوها على طلب الطلاق منه لكونهم بذلك جميعًا بذلك قد خُدعوا، لعدم حديث أهل زوجها عن تلك الأزمة قبل الزواج".
واستكملت أنها تحاول مرارًا وتكرارًا إقناعه بضرورة الذهاب إلى طبيب نفسي، وأنه لا عيب بذلك ولكنه يرفض رفضًا تامًا معتقدًا أنه لا يعاني من أي شئ قائلًا: "أنا زي الفل وماعنديش حاجة"، الأمر الذي يجعلها كثيرًا تشعر هي الأخرى تشعر بالاكتئاب ويجعلها تفكر جديًا في الطلاق والابتعاد عن هذه الحياة الصعبة التي تعيشها مع مريض نفسي يرى العالم من حوله منتهيًا كما يرى أنه لا داع لأي حديث أو ضحك لأي سبب فلا وجود لأي شئ إيجابي بهذه الدنيا من وجهة نظره.
“حاموتك وأموت ولادك”.. كلمات ترعب ع.س سيدة تعيش مع زوجها المريض النفسي والذي لها منه ثلاثة أبناء، كانت تظن بأول زواجهما أنه يعاني من بعض العصبية الزائدة عن الحد قليلًا ولكنها اكتشفت قيامه بأشياء وتصرفات غريبة، كالجؤه للسحر ولقراءة كتب تتحدث عنه، ولحديثه لنفسه بأوقات طويلة وضحكاته الشيطانية دون سبب.
تضيف: “أعيش أنا وأولادي في جحيم، ولا أعرف كيف أتصرف وأخاف على حياتي وعلى أولادي، وليس لنا مأوى آخر لهم خاصة بعد وفاة أبي وأمي”، مؤكدة أنه صارحت أهل زوجها بأفعاله ووجدتهم غير جاهلين بأفعال ابنهم حيث قالوا لها: "هو عنده شوية مشاكل نفسية، واحنا عارفين.. استحمليه بدل ما تطلقي وتبقي في الشارع"، متابعة أنها تعيش وتتوقع كل يوم هذا الرجل غير السوي النفسي أن يفعل بها وبأولادها مكروهًا، ولكنها تترك الأمر لله قائلة: "أنا اخترته من البداية، وماكانش لازم استعجل".
استشاري نفسي: العلاج هو الحل
من جانبها، رأت الدكتورة ياسمين محمود استشاري علم النفس أنه ليس من العيب أن يكون الزوج أو الزوجة مرضى نفسيين، قائلة إن الجميع لديه شيئًا من المرض النفسي، ولكن بنسب متفاوتة ولكن الخطأ هنا يتوقف عند كيفية تعامل الزوجة مع مرض زوجها فلابد له من مُعاملة من نوع خاص جدًا، فيجب أن تحرص الزوجة على علاجه وتستخدم الحيل كافة لتحقيق ذلك، كما يجب عليها إدراك نوع المرض سواء كان اكتئاب أو انفصام شخصية أو غيرهما، ثم تأخذ بإرشادات التعامل معه.
وتابعت أنه إذا كان زوجها مريض اكتئاب، فسيظهر ذلك على تصرفاته وسلوكه، من خلال تغيرات سلوكية معينة، أما مريض الانفصام، فهو تشككي يضحك تارة ويبكي فجأة، وينظر كثيرًا إلى الحائط، ولا يتكلم كثيرا، مشيرة إلى أن هناك 60% من حالات الانفصام الشخصية، ويكون الأهل فيها أهم من المريض في الرعاية، لأن المريض هنا يكون مقتنعا بأنه سليم بنسبة 100%، ويؤكد سلامته تمامًا.
ووجهت ياسمين رسالة ونصيحة للفتيات المقبلات على الزواج، وكذلك الزوجات، قائلة: “يجب أن تتأكد الفتاة من سلامة القوى النفسية والعقلية من العريس، ولكن إذا تزوجت واكتشفه مرضه النفسي، فهنا العلاج هو الحل، ولا يجب عليها اللجوء، إلى الطلاق سريعًا”.
رأي الدين
فيما أكد الدكتور ربيع محمود من علماء الأزهر الشريف، أن عقد الزواج من العقود الهامة في الشريعة الإسلامية والهدف منه إقامة حياة دائمة تقوم على المودة والرحمة، قائلا إنه لذلك فهناك شروط ينبغي توافرها في من يقدم على هذا العقد فالأصل الخلو من الأمراض والعيوب الخلقية والتمتع بالرشد وحسن التدبير لكن لم يمنع الشرع كحق فطرى ولم يمانع الإسلام في تزويج المجنون ومثله المعتوه أو من ابتلاه الله بإعاقة من الإعاقات وغير ذلك.
وتابع: “وإن كان المعتوه أو المجنون لا يستطيعان أن يزوجا نفسهما بأنفسهما ولا تنفرد إرادتهما استقلالا لإبرام عقد الزواج بل يقوم ولى كل منهما شرعا بإبرام هذا العقد وغالبا ما يكون هذا العقد باختيار زوجة ترضي بمثل هذه الظروف ان كانت اقرب من الناحية النفسية والصحية من ظروف الطرف الثاني أو أن تكون قريبة له فترضي وتقبل الزواج منه”.
وأضاف أنه يدخل في الجنون هنا الحالة النفسية التي تعترى بعض الناس لفترة زمنية معينة ثم تزول ويعود باقي العام صحيحًا مثل الأسوياء فأن قلت هذه الفترة كما يقرر أهل الخبرة فلا يعتبر هذا جنونا دائما وبالتالي يعامل معاملة الأصحاء والأسوياء.
واستكمل: “جاء رأي الأحناف أنه إذا قرر الأطباء أن نسبة تأثير المرض النفسي على الإنسان بسيطة فينبغي علينا مساعدته في الزواج حتى لا ينقطع نسله وربما يكون ذلك سببًا في شفائه وإن قرروا أنه سيؤثر على الإنجاب أو العلاقة مع الزوجة أو في العلاقة داخل الحياة الأسرية فالأولى حتى لا تتفاقم حالته الصراحة التامة عندما يتقدم أحد للزواج من امرأة أن يفصح لها والعكس أيضا بالحالة المرضية سواء كانت صغيرة أو كبيرة ولا يمكن لفترة الخطبة أن تكشف عن تفاصيل الحالة المرضية وإن قبل الطرفان فعقد الزواج صحيح وليس فيه أى نوع من الغش أو الخداع، أما إذا اخفي أحد الطرفين الحالة المرضية على الطرف الآخر فزادت الضغوط النفسية عليه بسبب تحمل مسئوليات الزواج ذكرا كان أم أنثي ففوجئ الطرف الثاني بالعيب الذي يفسد الحياة الزوجية كان من حقه أن يلجأ لإنهاء العقد واسترداد حقوقه وان لجأ للقاضي في فسخ العقد للغش والذي إذا اقتنعت المحكمة بالشهادات الطبية والشهود ووجود هذه الحالة أن تفرق بين الزوجين وما يترتب على ذلك من أثار أما إذا وافق أحد الطرفين بدوام العشرة فلا حرج من استمرارها إذا كانت تقوم على التراضي”.