حمدي عمارة: اكتشفت أن معظم الكلمات القديمة في الأغاني لها جذرها اللغوي الفصيح
صدر حديثا عن هيئة الكتاب «مأثورات شعبية من محافظة قنا.. قرية كوم بلال بمركز نقادة نموذجا»، للكاتب والباحث حمدي عمارة، وهو التاسع في مسيرة حمدي عمارة الإبداعية، حيث أصدر من قبله خمسة دواوين شعرية وكتابا مقالات وبحثا لغويا بعنوان: «من لغة جنوب الصعيد».
وتناول الكتاب الذي استمر الباحث لمدة 10 سنوات يعيد تدوينه لكافة الظواهر الثقافية الشعبية بقرية كوم بلال التابعة لمركز نقادة في قنا، مثل دورة العيد والعتاقة والألعاب القديمة والأغاني الشعبية، وزفة العروس على الحصان.
ويقول حمدي مهدي عمارة في تصريحات لــ«الدستور»: «قمت بجمع الأغاني الشعبية القديمة واكتشفت أن معظم الكلمات القديمة في الأغاني لها جذرها اللغوي الفصيح في اللغة العربية الفصحى، بالإضافة لتدوينه الألعاب الشعبية عن الأطفال»، مؤكداً أن زفة عرس الحصان قربت على الانقراض نهائياً في القرية، أما عن عادات دورة العيد وهو طقس يقوم الناس بعمل دائرة عقب الخروج من المسجد وتقديم الشيوخ والكبار للتهنئة فقد قام الباحث برصده بالصور المعبرة، بالإضافة إلى طقس" العتاقة " في الوفاة بالإضافة إلى الأمثال الشعبية.
ويكمل عمارة عن قرية كوم بلال التي اختارها كنموذج للدراسة: «قرية كوم بلال التي تتبع مجلس قروي طوخ بمركز نقادة جنوبي قنا كانت تسمى قديمًا أمبوس، وهي مقامة على أنقاض أمبوس عاصمة الإقليم الرابع في عهد المصريين القدماء، كما كانت استراحة للإبل فوق منطقة مرتفعة كان يطلق عليها كوم الإبل ثم تحرف الاسم حتى وصل كما تقول القصص الشعبية إلى كوم بلال».
وعن الكتاب يقول عمارة: «ينقسم لـ3 أبواب متمايزة، حيث يشمل الأول معجم المرادفات للحياة اليومية القديمة لأهل كوم بلال خاصة، والثاني المأثورات الشعبية والباب الثالث مبحث الألعاب الصعيدية القديمة، ويختتم بنتائج البحث وتناول الكتاب زفة عروس الحصان التي مازالت القرية تحتفظ بها رغم شيوع السيارات والعربات، حيث لم يكن الحصان رمزا للفروسية فحسب في الصعيد فهو رمز للأفراح ورمزا لأشياء أخرى، ألم تكن عبلة تغار من حصان عنترة في السيرة الشعبية ؟، ولكن في أفراح القرية يظل الحصان هو المسيطر».
رصد الباحث حمدي عمارة بكتابه كيف يجلب أصدقاء العريس أو أقاربه الفرس لحمل العريس والعروس عليه، ثم يجهزونه حيث يلائم ظروف العريس والعروسة من حيث طول إحدهما أو قصره، فإذا كان العريس أقصر من العروسة يجهز له متكئا أعلى بوضع بطانية أو ماشابه من فراش على ظهر الفرس من الجهة الأمامية، حيث يركب العريس أولا ثم تركب عروسه خلفه، أما إذا كانت العروس بينة القصر يتم تعلية ظهر الجواد خلف عريسها ثم ينطلق موكب الزفة، والتي تبدأ بعد أن يمتطي العريس الحصان أمام عتبة داره.
وبعد أن يصل العريس بموكبه لدار العروس يتقدم هو وأحد أعمامه، بعدها يقوم خال العروس أو أخوها بحملها على جواد العريس بعدها يقوم أحد الحاضرين بالتبرع بشاش عمامته ليشد كلا من العريس والعروس إلى بعضهما البعض بالشاش من ناحية الوسط والخصر، وذلك تفاؤلا ببقاء الزوجة خلف زوجها في السراء والضراء، ثم ينطلق الموكب قاطعا الشوارع حتى يقف أمام مقام ولي من أولياء الله الصالحين، حيث توزع الكعك والحلوى وتتراقص الشموع التي يتم تثبيتها في قلب كعكة مخبوزة باللبن والسمن البلدي.
تكون خلف الجواد «الحصان» قريبات العريس وهن ينثرن البسلة حبات من الغلال والملح والسكر على رأسي العريس والعروس ونثر البسلة حماية لهما من الحسد ووقاية لهما، وبعد الوصول نهائيا لمقام الولى يتم حل رباط الشاش من العروسين ليهبطا لقراءة الفاتحة وتسليم كعكعة الفرح لنقيب المقام وخادمه، وبعد قراءة الفاتحة يتم تحميلهما على الجواد مرة أخرى وتحزيمهما وربطهما بالشاش بعدها يتم التوجه لعش الزوجية، حيث يكون كل شيء معد بإتقان بداية من تحضير مياه الغسل ونهاية بتحضير كوب من اللبن لابد أن تشربه وتدهن به أطرافها قبل دخولها عش الزوجية، وبعدها تنتهى مهمة الحصان الذي لابد أن يحمله صاحبه المتطوع به لأداء هذه المهمة بأجره الذى وضع له وهو عبارة عن صرة قماش مملوءة بالحلوى والفول السودانى والكعك والبسكويت جزاء ماقدمه من خدمة جليلة ومرهقة للاثنين معا الحصان وما يحملهما العريس وعروسه.